في الصباح الباكر رحل ثلاثتهم من الفندق, تحت النظرات المرتابة من بعض المتواجدين, وخاصة العاملين به,
فالعريس والعروس كان من المُفترض بقائهما بالفندق ليلتين,
ومع حضور شقيق العروس, والذي لا يدرون متى حضر؟..
أما سيف فكان يجلس بالمقعد الخلفي للسيارة, بوجه جامد كالصخر, وبداخله بركان يكاد ينفجر مما حدث الليلة الماضية,
فهذين الأخوين المستفزين لم يكفيهما إفساد ليلته الموعودة؛ بل بكل اقتدار افترسا العشاء الذي طلبه بنفسه
(وصاية)
ثم جلس كلاهما يتحدثان دون اعتبار لوجوده, والذي كاد يصيبه ببوادر أزمة قلبية, نومهما على فراشه,
تاركاه جالسًا على الكرسي يراقبهما, يكاد ينقض عليهما كي يدق عنقيهما,
والصباح بدلت عروسه المصون ملابسها بالحمام المرفق بالغرفة, وبكل جبروت أمرتهما بالعودة للمنزل,
وها هو يجلس بالخلف, بل بالمعنى الأدق تم إلقاءه بالخلف,
وهي وشقيقها يحتلان المقدمة, يثرثران وكأنهما لم يريا بعضهما منذ سنوات,
حتى وصل ثلاثتهم للمنزل, هبط أولاً, وخلفه روفيدة, وبإثرهما آدم,
وحين وصلوا للدور الثاني, فتح آدم الباب ودلف وروفيدة, التي التفتت لسيف,
قائلة ببرود:" بالسلامة إنتَ بقى.."
مغلقة الباب بوجهه, فكاد أن يحطمه, كي يدلف ليقتلها ويرتاح,
لكنه منهكًا مُحبطًا صعد لشقته, يفتح بابها, يدلف يغلقه خلفه, متجهًا للغرفة, يلقي بجسده على الفراش بإهمال, متمتمًا بقهر:" يا ميلة حظي ياني.. منك لله يا روفيدة.."
أما بالأسفل, لم يكدا يغلقا الباب حتى وجدا شهد أمامهما,
والتي شهقت بهلع وقد اتسعت عيناها,
هاتفة بذهول:" روفيدة؟.. بتعملي إيه هنا!.."
عبست المذكورة بوجهها باستنكار, وكأن وجودها هنا طبيعي, ترد عليها ببديهية:" بعمل إيه يعني؟.. رجعت بيتنا, هروح فين يعني؟.."
ثم ابتسمت بسخافة, مُكملة:" والله الواحد ما ليه إلا بيته مش بيرتاح إلا فيه.. هدخل أنام بقى علشان جسمي مكسر, ومعرفتش أنا كويس بسبب آدم اللي ناملي بعرض السرير.."
فيعبس آدم, موبخًا إياها:" أنا برضو, ولا إنتِ اللي صوابع رجلك دخلت بمناخيري؟.."
وشهد تستمع لحديثهما بفاه مفغر بعدم استيعاب, ما لبثت أن تساءلت بحذر:" آدم.. إنتَ مش وصلتني ودخلت نمت؟.. نزلت إمتى لروفيدة؟.."