الفصل1: البداية

4.6K 97 5
                                    


*لا أصدق أني وصلتُ إلي أرض الوطن قطعةً واحدةً*..
*لا أصدق أني لا أزال على قيد الحياة*..
هذا ما همست به  لنفسها وهي تترجلُ من سيارة الأجرة بعد أن دفعت ثمن الرحلة إلى سائقها ووصلت لمنزلها أخيرًا، مرت العديد من الذكريات برأسها وهي تتوجه إلى باب المنزل..
لقد غادرت وهي متحمسةٌ ومملوءةٌ بالحياة، وها هي اليوم تعود وهي مملوءةٌ بالخوف، الخيبة، والرعب من أن يُعرف مكانها..
تذكرت يوم حطت قدماها في تلك البلاد، كانت سعيدةً جدًا وفخورةً بنفسها لأنها تمردت على الأعراف والتقاليد وسافرت من أجل استكمال دراستها و تحقيق حلم الطفولة، كبحت دموعَها بقوة وهي تتذكر كلماتِها اللاذعة التي دمرت ما بقي منها وهم على متنِ الطائرة..
لتلاحظ أنها واقفةٌ على عتبة منزلها من فترة ليست بالقليلة، لتشرعَ في طرق الباب..

في بلدٍ آخر، وتوقيتٍ متأخرٍ قليل عن توقيتِ عزيزتنا مريم..

كان يجلسُ في ظلامٍ دامسٍ يدخنُ بشراهة، لا يصدق أنها هربت بعد كل شيء، لا يصدقُ أنها تركت كل شيء منحها إياه وعادت لوطنها..
لكنها تحلم، أتعتقدُ تلك الساذجة أنها بمجرد أن تسافر لن يستطيع الوصول إليها، لقد نسيت من هو حقًا !!
ليتبادر إلي ذهن هشام
*"هل نسيتني حقًا، هل قامت بتزييف كل تلك المشاعر، لكني كنت أرى الصدق في عينيها أم أنني كنت ثملًا من مشروب عشقها"*
يمسك رأسه بقوة، ثم يستكملُ تفكيرُه قائلًا:
*"ستجن يا هشام من كثرة التفكير، عليَّ إعادتُها وسؤالُها وإذا كذبت عليك فتلك نهايتُها، نهايتُها ها"*
قال تلك الكلمة الأخيرة بمنتهى السخرية..
فهو يعلم جيدًا أنه لم يستطع لمس شعرةٍ منها أو أذيتِها، فقد أحبها، لقد ملأت ذلك الفراغ الذي أحس به لسنوات، ذلك القلب الذي اعتقد أنه قد دفنه منذ عقود..

في وطنٍ آخر..
كانت مريم قد استلقت على فراشها بجانب أختِها التي غطت في نومٍ عميقٍ بعد أن سألتها عن سفرها وعودتها المفاجأة وما كان منها سوى أن بررت ذلك باشتياقها الكبير للعائلة وعدم قدرتها على التأقلم هناك..
وهو كذلك نفسُ تبريرِها لوالديها اللذان لم يبدو عليهما الاقتناع كثيرًا لكن فضلوا عدم إزعاجها وتأجيل أي نقاش لما بعد..

انتقام الروح (الجزء1)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن