٢٤: أكان هو؟

44 5 200
                                    

بسم الله

《في نفق مظلم ظللت أركض لأصل إلى النور، وحين حققت ذلك أصبحت أعمى لا يرى الظلمة والنور》.

-٦٩-

الرابع من يوليو.
يوم السبت.

كل شيء كان مشرقًا منذ بداية الرحلة، لم يقترب منه أحد غير هوسوك المبتهج. في الرواق عند مؤخرة الجمع كانا يستقبلان بعضهما، ويهذر هوسوك بالكثير، بينما الآخر يكتفي بالنظر إليه ثم يهمهم ويومئ، ثم ينطق كلمة، ويبتسم تلك البسمة الشحيحة.

تسرقه فجوة في الزمان. تسقط بسمته، يتأرجح سؤالٌ على شدقيه. أهو حقًّا منذ اليوم يستطيع أن يغدو سعيدًا؟ أهو الآن، دون هدفٍ، دون التفكير بالمستقبل يستطيع أن يكون في فجوة هذه اللحظة يشاهد بسمة هوسوك؟ يسقط رأسه، ثقلُ السؤال الفاعل.

-أنتَ بخير؟

يهمهم دون أن يرفعه. ويؤمرون أن يقفوا في صفين ليدخلا الباصين. هيونغوون يذهب حيث يقف زملاءه، ويرى هوسوك الأشباح تثقل ظهره توسوس له بأن يسقط من نصبٍ وبرجٍ وبناء، ومن كل مكانٍ مرتفع؛ تؤلمه معدته ويبعد رأسه عنه، كان قد تلفت يبحث عن مخرجٍ من الكابوس الذي دخل فيه بغتة.

يسيران في صفين متوازيين إلى باصين مختلفين. لا يلتفتان إلى بعضهما. هوسوك يرفع رأسه عاليًا ويزفر بقوة، وهيونغوون يتشبث بحقيبة ظهره ويزداد انكاسُ رأسه.

على عكس ما كان يترقبه هيونغوون ويحذر منه منذ ركب الحافلة انشغل الجميع عنه بأنفسهم. ذعر للحظات لأن الفتى الجامح يستند على الكرسي المقابل ليغازل احداهن، والتي حين صرخت:
-ابتعد عني فحسب!
أغمض عينيه وانكمش على نفسه.

صوتها آلمه بسحبه إياه نحو الخوف مجددًا؛ يحاول أن يهدءَ بالنظر إلى الخارج، حيث بناء مدرسته بدا أجمل من أي وقت مضى، وشيئًا فشيئًا كان العالم قد صمت، وعلت أمنيات وقصص عدة.

عند إشارة حمراء توقفت الحافلة مرة بجوار التي يركبها هوسوك. رأيا بعضهما، فقابله صديقه ولوح له بحماسة مع ابتسامته الواسعة، ففرت منه بسمة شحيحة. رفع يده يريد أن يردها له، لكنه قد التفت إلى أصدقاءه، والإشارة قد أضاءت.

-٧٠-

في المشفى يجلس موهيون على مقعد من مقاعد الانتظار. يؤلمه قلبه ببقاءه الطويل هنا، فالمكان يخنقه لمجرد تخيله لمدى الهموم التي يحملها الناس من حوله.

تمرُّ ذكريات عديدة متتالية، إحداها انتمت تحت دفنه لشخصيته الضعيفة حين صرخ على زوجته السابقة بأنه يريد التوقف! أن يكفَّ عن محاولة الإقلاع عن التدخين، حينها حدقت في عينيه بتفاجؤٌ ولم تستطع أن تردَّ عليه فقد وردها اتصال من شقيقتها، تناهى إليه صوت بكاء طفله البالغ عامين؛ فعضَّ على نواجذه وهرب من أمامها شاعرًا بالضيق.

أرضٌ لا تُزرعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن