٠٤: الغضب والخوف، عملة

92 11 46
                                    

بسم الله

-٩-

٢٠١٥/٤/٩

أن تكون كل الطرق مغلقة ومتروسة بالعوائق، ويتمَّ تمهيدُ طريقٍ سيءٍ ومظلمٍ لكَ لتعبره، لا تستطيع إلا تقبله على مضطد. هذا ما كان يستشعره ذو العينين الحادتين ويستقبله عندما سدَّ قريبه كلَّ ثغرة يستطيع النفاذ والتنفس منها.

طلبَ من جدته أن تبقي الأبواب مغلقة، ثم انكفأ على غرفته يخرج حصالته ليكسرها، يعد النقود بتلهف ليعطيها لذلك الهكر، عساه يشغل والدته أكثر في العمل حتى لا تلحظ غيابات والده المتكررة.

رغمًا من أنه حاول سد كل طريق يوصله إلى تلك الظلمة والغربان المتعطشة، لكن كل ذلك هدم بادعاء جيسو اللطف، صافح يده بل عصرها بقوة، ثم احتضنه بحرارة في تلك الأمسية، وهمس بالقرب من أذنه:
-عليك أن تكون جيدًا لتبقى عائلتك جيدة ومتماسكة.

يبتعد بمسافة كافية ليحدق في وجهه، ثم يكمل:

-ألا تتفق معي؟

أغضبه ذلك بشدة، لم يستطع ستر أيًّا من مشاعره، دفعه عنه وتعذر بأن معدته تؤلمه ليستتر مجددًا عن أنظار قريبه المجنون.

طبق الخضار -تشا هيونغوون- الذي أجبر على تناوله يدخل الفصل منكسًا رأسه؛ فيستقيم من استناده بالطاولة ويأخذ دفاتره منها ليسير إلى الصغير بينما يلعنُ قريبه تحت أنفاسه.

يصل لحظة يجلسُ على مقعده فيلقي دفاتره على طاولته ويهبُّ هيونغوون ملتفتًا بهلعٍ إلى حادِّ العينين الذي أجاب فزعه بنصف بسمة وبهمسه المتملل:
-اكتبه لي، أنا متعب اليوم.
ثم أعرض عنه إلى كرسيه عابرًا صمتَ الطلابِ المتفرجين.

قبضَ هيونغوون على كفه بقوة، لكن غيظه لم يخفَّ! لمَّ يتوجب عليه دائمًا أن يكون الضحية؟ يمسكُ دفترًا بشدة حتى كاد أن يتمزق؛ يرميه على ظهر حادِّ العينين؛ يده ترتجف، يدرك التالي جيدًا، فيقفَ متنفسًا بصخبٍ مع قلبه الذي اهتاج، لقد ضاق ذرعًا من الجميع! عيناه أظهرتا ضعفه بالرجاء الذي يضيء منهما.

لسوءِ حظه كان المعلم قد دخل حينها، وفهمَ من الأجواء أن هناكَ قتالًا سينشب، فصاتَ بحزمٍ:
-ما الذي تحاول فعله أيها الطالب المنتقل؟

يبلغ الرجيف ذراعه؛ يقبض على عضده فينكس رأسه ولا يجيب. ما كان لزامًا عليه أن يتهورَ. يعضُّ على شفتيه نادمًا.

-لم يكن يقصد شيئًا سيئًا أستاذ، لقد كنا نمزح فحسب.
يبتسم حادُّ العينين في حديثه، فيلتفت إلى مطأطأ الرأس سائلًا بتهديدٍ مبطن:
-أليس كذلك؟ هيونغووني.

يبتلع ريقه بصعوبة فيومئ بعجلة بينما يهمس "بنعم" لقد انقلبت الطاولة عليه ككل مرة!

-حسنًا، اجلسا إذًا، وتوقفا عن هذا النوع من المزاح.

أرضٌ لا تُزرعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن