٣٠: هل تخاف من الأمل؟

49 5 240
                                    

بسم الله

《أنت في مدينة مضيئة عند حلول الليل، وتقول أن السماء مظلمة، ولا تستطيع التحليق جيدًا، وكذلك تقول أن وِسعَ السماء الجميل لا يرى لطول المباني.
أنت في جنة حولك الحدائق والأنهار، وتقول أن الطريق ليس معبدًا.
أنت في مدينة مظلمة لكن النجوم تنيرها، لكنك تقول أن النجوم قبيحة وضوءها يؤذي عينيك، لذلك غطتها الغيوم عنك لكنك تقول أنك تتعثر كثيرًا لأن الديجور يحيط بك، لذلك يأتي النهار من أجلك، ثم تقول أنك خائفٌ جدًا لأنك لا ترى شيء وتستمر بالتعثر، ثم تقول أن كل شيء مخيف والمستقبل وحشٌ يسرق من أعمارنا الكثير وهو غير قادم، تقول أنك لم تر نورًا قطُّ في حياتك وقبل غروب الشمس الكامل تركض نجمة مع القمر إلى السماء ليضيئا لك ليلك، لكنك تظل لا ترى، وتظل الأشياء تحاول أن تُرى》.

-٨٤-


في الليل قاعدٌ على الأريكة، وما زالت يداه ترتجفان بين الصمت واللاتفكير، حيث يضع نفسه في تلك اللحظة التي أخبره فيها الطبيب أنه يستطيع التماثل للشفاء بما أن السرطان في مراحله الأولى.

حينها يونهي بكت فرحًا وخوفًا، ثم مسحت دموعها لتصطنع ضحكة بينما ترفع رأسها وتخفضه. وحين لم تقدر على التحامل استأذنتهما الذهاب إلى الخارج حتى تهدأ.

يده تهدأ وهو يرى صغيره يسير إلى غرفته مبتسمًا، ثم تعودُ للانتفاض حين تتردد همسة الطبيب وتعلو.

-أنت ستشفى! أخبرتك أنه في مراحله الأولى، أنت لن تموت ما لم تتلق العلاج الملائم، فلماذا ظللت تتجاهل مكالماتي؟

تسكن يده ويتساءل لماذا تجاهلها. تجلس يونهي على طرف الأريكة المقابلة وهي مبتسمة، ويراقبها باحثًا عن إجابة تشفيه. يميل جذعها إلى الأمام مستندةً على ذراعيها اللتان ضمتهما معًا. يلمع الخاتم الذهبي في عينيه ويجد الإجابة. هو خائفٌ جدًّا من اليأس، الماذا لو تخنقه بشدة، توقعاته دومًا تميل إلى الأسوء، لا يريد أن يأمل، لأنه كلما ارتفع اقترب أكثر من سقوطٍ مروع.

-ماذا تريد أن تأكل؟

يبتسم وتشع في عينيه ما اعتقده سعادة صغيرة، فيغمضهما وهو يجيبها:
-جابتشي وكيمتشي وربما سيوك.

تعقف شفتيها مستنكرةً، وتقول بينما تقوم:
-سأضيف طبقًا آخر، فأنت لا تحب الجابتشي.

يمدد ذراعيه وما زال مغمضًا عينيه بينما يخبرها:
-لكنني أستطيع تناوله.

حين دخلت المطبخ كان قد اعترف لنفسه أن ما شعَّ في عينيه كانت دموعًا. يربت بكفيه على عينيه ويلوم نفسه المتشائمة، يجب عليه أن يقاوم مجددًا في المشفى حتى يستطيع مواكبة أعزائه، من سبقوه في لقاء السعادة.

هيونغوون أطلَّ برأسه من غرفته ليرى إن كانت يونهي في الجوار، فاطمأن لأن والده يجلس وحيدًا. رآه يمدُّ شدقيه كأنه يجبر نفسه على الابتسام، بينما عيناه تائهتان. شعر بالغرابة لأنه لم يستطع أن يكون سعيدًا لسعادة والده، واعتقد أن في ذلك خطبًا في نفسه، لأنه لربما بدء يصنف والده كشخصٍ يكرهه. جذبته أيدي مظلمة إلى غرفته والكثير من الأفكار التي أرادت أن تتلذذ في تعذيبه؛ فخافها بشدة وقفز خارجها إلى والده.

أرضٌ لا تُزرعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن