٢٧: العسر مع اليسر

28 5 65
                                    

بسم الله

《أرنبٌ أبيضٌ يتقافز وسط الجليد
عيناه محمرة وهو كذلك سمين
قبل أن يأتي الصياد هو سعيد
يشير بسلاحه عليه بعقله البليد
أمه تنده عليه من بعيد
أن ائت إليَّ قبل أن يسرقك الحقير
فيركض إليها ويبدو للصياد كالبريئ
فيبتسم مرتاحًا في النظر إلى قفزات الصغير
تُنزل أمه يديها القلقتين ويبدو أن الفرح منها قريب
ولأنها كانت تنظر خلفه حدق في البعيد
حيث بان للصياد أنه من الحضيض
فالتقط سلاحه لأجل روح الأرنب الذي يريد أن يصيب
أمه تنادي عليه من قريب
أن ائت إلي لأستركَ عنِ الحميد
فيركض إلى من كانت له المحيص
قبل أن يأتي الصياد هو دومًا سعيد》.


-٧٧-

كان يتردد بين الكثيرِ من الأفكار فَجرَ أول يوم له في هذا المنزل، ليس وكأنه لم يعتد على أن يغفو ويستيقظ على الكثير منها، إنما يشعر أن الثقل قد ازداد فوقه. بالأمس استيقظ لتناول العشاء فقط على عينين تكادان تغلقان، وقلبه ينغزه في حين أن عقله يعيد ضجيج العُرسِ الذي ماتت نفسه فيه.

قام يعود إلى الغرفة، لكن والدة هوسوك أوقفته وأنبته حدَّ أنه قد أُنهِكَ منها وسار إلى الغرفة ليحتمي بها منها.

لا ينكر، لقد اشتاق إلى تأنيب والدته إياه. أغمض عينيه بقوة متجاهلًا نداء هوسوك، ثم أرخاها حين اقترب متظاهرًا بالنوم. لم يستيقظ مهما دفعه الآخرون وندهوا باسمه. لأنه يحتاج النسيان أن يأتيه. يحتاج أن يصدق أن أي من السبع أشهر الماضية لم تكن حقيقية. كيف فعلها؟ كيف نسي الطعنة؟ يريد أن ينسى أذى الأمس بشدة.

خرج هوسوك ووالدته من المنزل؛ زحفت خطاه عندها من الغرفة وعاش يومه ببطء مقيت. حاصر نفسه بعيدًا ليتجاهل ما وراء وجوده داخل منزلٍ غريبٍ بإمساكِ كتاب العلوم الذي هو مِلكٌ لهوسوك.

ذلك الإذعان لخيالاته التي بناها قد رُكِلَ ظُهرًا كما رَكلت جيوو الباب مفزعةً إياه. بقيَ لوهلة يحدق بها بتفاجئ، كانت تبدو غاضبة جدًّا بتخصرها، لا يعلم ممَّ لكنه يخاف أن يكون سببًا في عقدة حاجبيها. أطالت وقوفها دون حديثٍ، فتحمحم يعودُ بتردد واضحٍ لقراءة كتابه. كان يقرأ كلمة ويرفع عينيه يستطلع أمرها.

-أتعلم أن هوسوك ذهب ليعمل!

فزع من ارتفاع نبرتها، فعدل نظارته التي تزحلقت وأجاب عليها مترددًا بين النظر إليها وإلى محيطها:
-لم أكن أعلم.

تمتمت لنفسها:
-ستسير على هذا الطريق إذا.

ثم بعد إذ زمت شفتيها رملت إلى الأرنب الخائف -هيونغوون- وأمسكت به من ياقته الخلفية لتقول له بحزم:
-فالتأتِ معي لنتجسس عليه.

-لماذا؟

سحبته معها متجاهلة سؤاله، وغير آبهة بردة فعله، فعند مدخل الغرفة قاومها وجرته وهو يقول بصعوبة:
-أليس التجسس أمرًا سيئًا؟

أرضٌ لا تُزرعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن