١٣: رجفة نسمة

45 8 56
                                    

بسم الله

《المشاعر حفرت وحفرت، ثم ملأت الحلق بالحجارة التي جمعت》.

-٣٩-

الخامس عشر من مايو.
يوم الجمعة.

يصل إلى المدرسة مبكرًا ويفترقُ عن والده بدون وداعٍ لكونه شاردًا في البحث عن ملجئ ليذهب إليه، لا يوجد مكان يلائمه هذه الأيام، يبدو كصخرة معوجة لا تستطيع ملأ أي مكان.

فتح باب المسرح الثقيل بساقين ترتجفان، سار ليجلس على ذات موضعه مع هوسوك بالأمس، تذكر أنه لم يسأله عن اسمه وهزَّ رأسه مستاءً من نفسه المتعمقة في الحزن، فتذكر تبعًا أنه لم يودع والده.

امتلأ حلقه بالحصى وهم يضع حقيبته بجانبه. ولم يجد شيء ليغرف به الحصى من حلقه؛ فأخرج كتاب الرياضيات ليقومَ بمذاكرته مجددًا، شعر أنه واجبٌ عليه ليري والدته أن خطأه لن يتكرر؛ فانغمس فيما يفعله متمنيًا عودتها إلى المنزل.

نسى ظلمةَ المكان وأن هناك إضاءة خفيفة قادمة من دوائر في السقف البعيد.

أنهى مراجعة ما درسه خمسة مرات، وانتهى اليوم لكن هوسوك لم يأتِ إلى مكانه المفضل، أحس بالإحباط، فقد كان ينتظره ليسأله عن ما وراء بحثه عنه، وعن اسمه.

يزفر بينما يغلق دفتره، ثم يحزم أشياءه ليخرج من المسرح بكتفيه المائلين يسير إلى مكتب والده، وقد رآه بعض زملاءه في الممر وأداروا أعينهم عنه، يتمتون عن قصته ويضيفون لها ما شاؤوا.

الباب الزجاجي كان مفتوحًا، والمكان مليئٌ بثرثرة المعلمين، يدلف دون أن يعطي قيمة لهم ويتجه بصره لمكتب والده فيصعق به في الداخل منحنيًا لمسؤول صفه.
جسده كله ارتعشَ وهلة قفزت فكرة أنه يعتذر مجددًا بسببه.

أقام والده جذعه وخطأً قد لمحه، لحظتئذ جزءٌ من هيونغوون رغب بشدة في الهروب مما قد يحدث، والآخر أراد المواجهة ليتألم أكثر مما قد سببه من مشاكلٍ لوالده في هذه الفترة القصيرة، كان هذا الجزء هو من يتمنى الموت ويستحقره بشدة.

استدار مسؤول صفه يتساءل عن سبب شرود نظر موهيون خلفه فرأى هيونغوون المتفاجئ والذي سارع بالإنحناء مرتعشًا من نظرته الحادة عليه.

رفع جذعه مع خروجهما من المكتب سائرين باتجاهه ليقابله والده بتعابيره القلقة عليه، ومعلمه قال في غضب:
-أنت طالبٌ جيد، وفيكَ كبرٌ واضح.

شعر هيونغوون بالخجل من مواجهة حقيقة الأمر، ومن حقيقة أنه سبب الإزعاج للكثيرين، ليس فقط لوالده! يزمُّ شفتيه غيظًا من نفسه.

يضع موهيون يده على كتف المعلم ويضغط، ثم يقول لابنه مع بسمة بلهاء:
-انتظرني قليلًا بني، سأقوم ببعض الأعمال الإضافية.

يهز رأسه ببطء موافقًا، ويغرقَ في نوبة لومٍ لنفسه التي لم تفعل ما يجب عليها فعله! يمتلئ بالألم حدَّ أنه لم يلحظ محيطه، ويبدو الوقت ثقيلًا على قلبه؛ فيتمنى قتله، ثم حرق ذاته معه.

أرضٌ لا تُزرعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن