٠٧: قلقٌ وندم يشتعل بالحمراء

92 10 98
                                    

بسم الله

-١٦-

السابع عشر من أبريل.

السماءُ ارتدت زرقة مظلمة، والهلال يزينها مع بعضٍ من الغيمِ الكثيف. صغيره قد بقي في المدرسة مجددًا، فيسير وحيدًا في الطريق. ساقه اليمنى ثقيلة جدًّا على أن يُكمل؛ فيبدو منزله بعيدًا جدًّا رغمَ أن البناء يلوحُ له من بعيدٍ. يقف متنهدًا، وفي الآن ذاته يسمعُ جرسَ بابِ المتجرِ بجواره فيلتفت إليه. لم يَهمَّه من خرج منه، بل صبَّ جلَّ باله متوقفًا عن التنفس على اللُّفافة التي بدأ الرجل المهندم يُشعلها...

يريد الإختناق بها وبحرارتها الدافئة. يريد من دماغه أن يغلي وأن تحمرَّ عيناه حدَّ الثمالة. يبتغي أن يلثمها بشدة! لأن ساقه تؤلمه، والطريق طويلة...

اقترب منه الرجل بالفعل، وأخرج لفافة من الصندوق ليمدها إلى غائبِ الوعي متمتمًا بخمول:
-هل تريد؟

يده اليمنى فارغة بالفعل! ليس لديه حجة ليعترضَ! لأنه يحبها بين أنامله اليمنى! لا اليسرى التي تحمل حقيبته؛ فيأخذها منه منقادًا لرغبته، يدسها بين شفتيه المرتجفتين ببطءٍ مشتاقٍ ومنتشٍ؛ فيبادر الرجل المهندم ليشعلها له مبتسمًا بهزءٍ...

ثم كان الرجل قد خطا ذاهبًا في سبيله، تاركًا غائبَ الذهن يتنفس من لفافته حتى غدت صغيرة ووصلت نارها إلى أنامله، حينها فقط قد عاد له رشده الذي اهتزَّ؛ فيسحبها بقوة عن شفتيه ليرميها على الأرض ويدهسها مع أن شيء لم يبقَ منها، ثم يركضُ متناسيًا ألم ساقه اليمنى، وسبب حمله لحقيبته بيسراه، وسبب احمرار شفتيه، واحتراق مفصليْ إصبعيه.

لديه صغيره! لمَّ قد اقترف ذلك؟ موهيون لا يعلم، لم يكن يعلمَ قط سببًا لشيءٍ قد حصل.

أعد العشاء ويده ليست كما هي، تقفز في الأرجاء دون أن يريد، أوقع بعض من الأطباق، أكثر من الملح والبهارات، وقطعها دون أن يريد؛ فوضع السكين جانبًا، وذهب ليأتي بالمِكسَحَةِ فيكنس بها الشظايا المتناثرة، يقبضُ عليها وينزل أرضًا يجمعها، يسيل دمه على العصا، ودمعه على خده.

هيونغوون اندفع من الباب يركض إلى غرفته وهو يحيي والده الغائب، كان به شيء من البلل يريد ستره، ما تركت عليه مخالبُ اليوم.

-١٧-

العشرون من أبريل.

ابتلعَ الظلام النَجمَ فجرًا، وفكرة الموتِ هي ما يستقيظ معها بفزعٍ ظهر في عينيه فقط، فيلتفت موهيون ليتفقد ساعةَ الحائطِ المشيرة إلى الخامسة ونصفٍ. يزفرُ مبعدًا الغطاءَ الطريَّ عنه، وكذا يبتعد عن الراحة ليقوم بدورة حياته اليومية التي لا طعم لها، إلا من تلك التي يكون صغيره بجواره فيها، وكائنْ أصبحت نادرة، حتى في نهاية الأسبوع يبقى بعيدًا منغلقًا ينظر إلى كتبه، ولا يراه إلا حين يناديه لتناول الطعام.

أرضٌ لا تُزرعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن