٣٥: تعود الأمور

12 2 5
                                    

《تركضُ، تضرب قدمك الأرض بقوة
ينسلُّ منك العلو في كل قمة
تظن أنكَ باقٍ لن تصيبك كبوة
تظن أنك قادرٌ على أن تبلغ الغُرة
ترى السراب، أنت في ذات الهُوة
لم تتحرك، وأَلَمَّ بكَ الهرم بعد الصَّولة》.

-٩٩-

٢٠١٧/١/٢
يوم الإثنين.

في إجازة الكريسمس لم يعد الطفل الذي ينتظر الهدايا والخروج من المنزل، ما عادت ساقاه تطرقان الأرض بحماسة. بات طوال تلك الأيام يعزف على البيانو حتى آلمته أصابعه. ثم حين ينهك يكتب مقالات وملاحظات حتى يزوره النعاس على مكتبه فيسقط عليه، مع أوراقه الكثيرة المتناثرة والملتصقة بالجدران. عاد كما كان دون أن يتطلع إلى أحد، لا جيسو ولا هوسوك ولا والده، الشخص الوحيد الذي يتطلع إليه والدته. نسي شعورَ الموت حين يذكر الماضي ويخاف عودته، والحياة حين يحكي والده تحت المصابيح قصصًا خيالية أراد عيشها، وحين يرقص، أو ربما فقط ينظر إلى أولئك الفتية النابضين بالحياة يرقصون أمامه، نسي كل ذلك، طواه جيدُا مع وعد الهروب إلى والده، وهو الآن يستعد جيدًا لتجاوز الامتحان والفوز ببعض المسابقات.

التقط المعطف من والدته، يغرق إبهامه في صوفه وهو يمعن فيها تستدير.
-ارتده، وإياك أن تمرض.

يغرق أكثر، وقد سألها اليوم وهو يتلألأ عند طاولة الإفطار:
-لمَّ لا نتناوله معًا؟

مطت شفتيها بقوة لتمنع عن نفسها الانفجار، التفتت عنه وغابت طويلًا، وحين عاد وجهها يستقبله كان مغسولًا ليس فيه لمحة من شعور، إلا أن ذلك لم يدم طويلًا، ظلت ثائرة، وتحديقاته البريئة اتجاهها وضعت الشعرة فوق حملها المليئ.

-لماذا قد أتناول الطعام مع شاكلتك؟ أنا أحمد الإله كل يوم أن غرفتي في الطابق الثاني، بذلك لن اضطر لرؤيتك طوال الي...

عضت على الكلمات حين انحنى رأس ابنها، فتنهدت وهو جعل يكمل وجبة إفطاره بهدوء شديد. ألقت الكتاب على الطاولة، اهتزَّ كل زجاجٍ وبدا أنه يميل إلى التحطم، وسكنت رجفة طفيفة في يد هيونغوون المنهكة.

-بما أنني قلت ذلك سأضيف هذا أيضًا، اذهب وعد من المدرسة بنفسك.

شزرته، إذ اعتقدت أنه لا يهتم بما تشعر به، وارتفع وسط شفتها العلوي وهي تراه يأخذ اللقمة في فيهه ويمضغها ببطء؛ استفرغت تنهيدة وقعدت على الكرسي أمامه.
-لنكمل، ما هي المواضيع التي تحدث عنها الشاعر كيم سو وول؟

يستيقظ مع البرد الذي وصل إلى صدره فمعطفه لم يقه الكثير. يأخذ مُجَّة من السيجارة الباردة -الهواء البارد- يريد أن يكحكح، لكنه يمنع نفسه عن ذلك، ثم يبدء يسير للبحث عن محطة قريبة.

عيناه متسعتان، يدس يديه في جيبي معطفه، وفي داخل قلبه يهمس باضطراب:
-عليَّ أن أسرع، المحطة لا بد من أنها بعد النفق، ثم عند غرة الطريق يوجد مفترق.

أرضٌ لا تُزرعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن