٣
انها الثامنة مساء يوم الاثنين.
انها الليلة المنتظرة.
ماذا سيحدث لاليزابيث الان؟
سمعت اليزابيث ذلك الصوت الرهيب الذي لم يخيفها يومًا قدر هذا اليوم ثم انتفح الباب واقبل عليها والدها. بدا هو الاخر منهك على غير العادة في هذه الليلة و ظهرت علامات التعب المبالغ به على وجهه الخالي من اي مشاعر، فعلى الرغم من شكله الذي يوحي بالتعب والارهاق الا انه لم يقل شيئا اطلاقا ولم يصدر اي صوت ولم تظهر على وجهه اي مظاهر للتعبير عن التعب الذي يبدو انه يشعر به.
"احظري لي كأس ماء" امرها بهدوء دون ان ينظر اليها وهرعت المسكينة لملئ القدح و تقديمه له، وكانت هذه المرة هي احدى المرات النادرة التي طلب منها والدها شيئا قط.
"كيف كان يومك يا ابي؟" سالته وهي مترددة فهي لم تسأل سؤال كهذا من قبل.
لم تحاول من قبل ان تخلق حديثا معه فهو ليس من هذا النوع الذي يبادل اطراف الحديث مع ابنته او اي احد غير اخيه، فقد ابعدها هو ببروده اكثر من مرة حتى بردت هي الاخرى.
"لا بأس. انتهت المدرسة اليوم اليس كذلك؟" سألها وهو ينظر الى الكأس الزجاجي الموجود في يده وكأنه ينظر الى كأس من الذهب المرصع بالالماس.
كل هذا لكي لا ينظر الى وجهها؟
"نعم، لقد انتهت المدرسة اليوم" اجابت بصوت خافت. نبضات قلبها اخذت بالتسارع عندما ذكر هذا الموضوع. ايعقل انه قد تذكر؟
"ابي بخصوص هذا الامر. اردت ان اطلب منك شيئا بسيطا" اخبرته وهي تفرك يديها بملابسها من شدة التوتر.
"وما هو الامر؟" اجاب بصوت حاد. لربما كانت هذه اطول محادثة حضو بها منذ اشهر بل سنوات.
"قررت ان اكمل دراستي بعيدا عن المنزل. خارج البلدة" ها قد اطلقت وحشها. اسقطت السم في الماء وحان الوقت لتشاهده وهو يفسد بالكامل.
ماذا فعلتي يا اليزابيث؟
"تعتقدين بانكِ ستتمكنين من العيش في خارج هذا المنزل" انهمر في الضحك لكن الضحك لم يكن نابعاً من اي شيء غير الاستهزاء. شاهدت اليزابيث هذا المنظر المروع لوالدها وهو يستهزئ بحلمها البسيط.
"نعم اعتقد هذا. لكن لا بأس ان كنت انت لا تعتقد بانني استطيع فأنا سوف اذهب بإي طريقة ولا يمكنك ان ترفض لي طلبي هذا فأنا لم اطلب منك طلبا مسبقا" تفاجأ جون بجرأتها كما تفاجأت هي ايضا فهي لم تتحدث هكذا من قبل معه في نبرة مليئة بالقوة وكأنها تحكم العالم.
"حسنًا اذهبي لكن لا تعودي ابداً. و لا تحملين اي دلالة معكِ تخبر بأنني والدك ِ ف احدنا لا يستحق الاخر. ارحلي لعلكِ تفوزين في هذه الحياة التي خسرتها انا. اذهبي الان قبل ان اغير رأيي و أمنعك" كانت هذه الاولى التي نظر اليها في عينيها منذ مدة قائلا كلمات لم تنساها طيل حياتها.
أسرعت إليزابيث نحو غرفتها وهي تجمع كل ملابسها دون تفكير و تضعهم في حقيبة كبيرة. شعرت إليزابيث بحرية و سعادة فائقتين. عينيها متوهجتان و قلبها على وشك ان يغادر صدرها. توقفت للحظات حتى تلتقط انفاسها مجددا و تتاكد من صدق ما يحدث.
ثم شعرت بشيء ناعم يلتف حول قدمها "صغيرتي لقد اخفتني" ابتسمت واضعة يدها على صدرها ثم انحنت لتلتقط قطتها الصغيرة.
"انا و انتي سوف نغادر هذا المكان و على الأرجح لن نعود أبداً " احتضنتها لثواني قليلة ثم عادت الى تجميع أغراضها لتلوذ فرارا من هذا المكان المجرد من الحياة وتذهب لتطارد حياتها الخاصة.
بعد ان انتهت من تجميع اشيائها ارتدت هندامها وخرجت من غرفتها حاملة حقيبتها بيد و قطتها بيد اخرى متجهة الى غرفة المعيشة لتودع والدها.
"الى اللقاء يا ابي" وقفت خلفه منتظرة اياه ان يقول شيئا.
"الا تريدين بعض المال؟ اين ستمكثين؟ اتعتقدين بأن الحياة مجانية في الخارج؟" سألها بانزعاج.
"فتاة ساذجة. لن تصمدين لثلاث ساعات في الخارج. ستلتهمك الكلاب قبل البشر" اكمل.
"كنتُ اتمنى من ان تعطيني بعض المال كنوع من الحب لكن انت أردت ان يكون بداعي الشفقة. فهل ستعطيني المال بداعي الشفقة يا ابي؟" سالته بهدوء.
"خذي هذا واغربي عن وجهي" رماها ببعض الدولارات واعاد نظره الى التلفاز الذي تمنت تحطيمه كل ليلة لاهميته لديه.
جمعت النقود ثم بخطوات حذرة وسريعة خرجت من منزلها الذي لم تشعر به بامان قط نظرت اليه مرة اخيرة مودعة اياه ثم اخذت تمشي بعيدة عنه.
مشت ومشت حتى رأت مجموعة من الرجال جميعهم يبدون خطيرون للغاية يرتدون ملابس تنتمي لطبقة راقية مترفة مشيرة الى انهم لعوبين.
نظرت اليهم اليزابيث بداعي الفضول.
عندما نظرت عن كثب اكثر وجدت ان جميع هؤلاء الرجال وسيمون للغاية. وكأنها بصمة لجميع الرجال الاشقياء المخادعين.
كانوا يتحدثون بصوت عالٍ ويقهقهون ملوثين بسكائرهم البيئة لكن لم يبالوا لأمرها اطلاقا.
وجدت اليزابيث نفسها مستمتعة بمشاهدة هؤلاء الشبان وهم يتحدثون و بدأ صوتهم يتعالى شيئا فشيئا حتى تمكنت اليزابيث من سماع حديثهم، لربما هي من اقترب؟ لم ينتبه عليها احد وهي تراقبهم حتى فضحتها قطتها وهي تصدر بعض اصوات المواء حيث انتبه احدهم و بحث عن مصدر الصوت حتى وقعت عيناه على اليزابيث.———————————————
ماذا سيحصل لايليزابيث ؟!
هل تعتقدون بان الشاب سيكون صالح ام شرير؟
هل تعتقدون بانها ستتمكن من العيش في الخارج؟
اتركوا تعليقاتكم هنا، فأنا استمتع بقرائتها!
وشكراً لكم على القرأة و اتمنى لكم ليلة رائعة!
-م.
أنت تقرأ
الغرفة رقم ١٠٠ / ROOM 100
Mistero / Thrillerجميلة هي الحياة. تخدعنا بهدوئها وزقزقة العصافير. اليس العالم مثالي؟ بالتأكيد هو كذلك فنحن لا نبصر منه شيء. الاف الكيلومترات تفصلنا عن اجمل مدن العالم التي نحلم بزياراتها ،لكن اترغب هي بوصولنا؟ هل سوف نعتني بها كما نعتني بهواتفنا؟ امر البشر عجيب...