(( زائر من الجحيم ))

9.8K 130 16
                                    

#الجزء_الثاني
#كسارة_البندق
{ ١}

"كُل شئ يُمكن أن يتغيّر في أي لحظة، فجأة والى الأبد "
_ لقائله

تصلب جسدها ، وكأنه جذع شجرة... هي الآن بمواجهة اسوء واصعب كوابيسها على الإطلاق ... ما معنى ان يتم إسقاطها في المحيط الذي غُلِّف بالظلام بينما تُلاعب الرياح أمواجه ؟
أغمضت عينيها حتى لا ترى النهاية ... لا تدري إن كانت ستموت خوفاً ام ستموت جراء إلتهام قرش لها او غرقاً .
احست بالماء يحيط بها من كل مكان ، وفي تلك الثانية التي قررت فتح عينها فيها من هول الصدمة احرق ملح الماء مُقلتيها ولكن الأدرينالن الذي انتشر في جسدها كردة فعل لما تواجهه الآن جعلها تُبقيهما مفتوحتين وكأنها تريد رؤية النهاية بنفسها .
في حالات الخوف الشديد يستجيب الجسد عن طريق (اللوزة ) و هي منطقة في الدماغ ...والتي بدورها تقوم بتنبيه الجهاز العصبي ليتخذ رد فعل ، مثل أن يزيد مقدار التعرق ، تسارع حركة التنفس ، زيادة معدل ضربات القلب وإفراز هرمون الأدرينالين والذي يُعتبر هرمون الطوارئ الذي يُفرز من أجل إيقاظ وتيقظ الجسم في حالات الخطر .
ولكن في موقفها هذا لم يستطع حتى جسدها أخذ رد فعل مناسب لإنقاذها وبدا وكأنه فقد السيطرة على نفسه ... لم تستطع فعل شيئ ولم تستطع حتى تحريك ذراعيها او ساقيها كمجرد محاولة للسباحة بل تصلب جسدها الذي بدا ثقيلاً للغاية ولم يكن هناك بد من الإستسلام .
استسلمت للماء لتُغمض جفنيها وهي تغيب عن الوعي .
_____________________________________
تحرك جفناها اللذان لم تفتحهما بعد بطريقة عكست مدى إضطرابها ... لتتململ قليلاً على الفراش .... و فجأة فتحت عينيها وهي ترمش عدة مرات .
هل كانت تحلم ؟
هل كل ما حدث كان مجرد حلم ؟
عفواً ...
كابوساً مرعباً آرق مضجعها وها قد انتهى باستيقاظها ؟
جلست لتتكئ بظهرها على رأس السرير لتتأمل المكان من حولها ... لم تدري لم أحست وكأن يداً باردة اعتصرت قلبها بقوة عندما استوعبت انها ليست في كابوس كما اوهمها عقلها قبل قليل ... بل هي في نفس المكان الذي استيقظت فيه ، لا تدري كم الزمن او كم مر على وجودها هنا ... آخر ما تذكره هو دفع نبيل لها من على سور اليخت ... اقشعر جسدها بشدة بينما لم تُسعفها الذاكرة لتذكر باقي التفاصيل وما حدث بعد دفعها ... كلما حاولت التذكر تنقطع الذاكرة عند ذاك المشهد فقط ... وحمداً لله انها لم تذكر ما حدث بعدها و غوصها في الماء .
استندت بإحدى كفيها على الفراش بينما مررت الكف الآخر على رأسها لتهدئ قليلاً من روعها .
كان عقلها يحاول تحجيم ما تمر به الآن وتحقيره حتى لا تُصاب بنوبة هلع حالاً ... شتت تركيزها بقدر المستطاع حتى لا تفكر في الذي حدث .
تكورت على نفسها بينما احتضنت ركبتيها في محاولة منها للإحساس بالأمان ... همست لنفسها :
" م .... م تخ....افي ... اي ... اي ... شي ... حيبقى ... ك...كويس ... م .. تخافي "

لم يدم احساس الأمان الذي مدته لنفسها طويلاً ، ليتهاوى قلبها ويرتجف جسدها بعنف عندما سمعت صوت أقدامه وهو يصعد السلالم المؤدية الى الغرفة .
ازدردت ريقها وهي تُحاول التنفس عسى ولعل ان تُحافظ على ربطة جأشها ... كانت على دراية بأنها ستواجهه مجدداً يوماً ما ... ولكنها لم تتوقع ان المواجهة ستكون قريبة بهذه الطريقة حتى هي لم تُجهز نفسها جيداً لهذا اللقاء ... كانت تتمنى رؤيته وهي في موقف قوي ... وليس هذا الموقف .
فُتح باب الغرفة ليلتقي حاجبيها بألم وتضايق بينما لم ترفع عينيها عن الأرض إطلاقاً وظلت كما هي على وضعيتها التي تبدو كوضعية الجنين .
لم تكن تنظر اليه ولكنها استطاعت رؤيته وهو يجلس على الأريكة الموضوعة على جانبها بالقرب من النافذة الزجاجية لهذا اليخت ... مدد ساق وثنى الأُخرى بينما كان يُقلب ولاعته المعدنية الذهبية بين كفيه بهدوء قاتل وهو ينظر أمامه ...
رمشت بسرعة عندما سمعت صوته الخشن الهادئ وهو يقول :
" تعالي "

كسارة البندق( الجزء الثاني ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن