(( إنتقام ))

2.4K 74 23
                                    

#كسارة_البندق
#الجزء_الثاني
                                   { ١٥ }
                        
" ما ضرَّني إلا الذين عرفتهم جزى الله خيراً كل من لستُ أعرفُ.. "

_ أبو العلاء المعري.
الماضي ...
الخميس ...
وقفت بابتسامة لطيفة وهي تودع آخر طالباتها اللاتي انهين تمرينات الباليه ..واللتي انتهت قبل الوقت المحدد بربع ساعة .
تنفست بعمق قبل أن تتجرع بعض الماء من عُبوتها البلاستيكية ... لتقف على أطراف أصابعها وهي تنظر إلى نفسها بالمرآة ... عادت إلى الوراء عدة خطوات باتجاه الأقطاب المعدنية التي تُدرب عليها طالباتها ... إتكأت عليه ثم عادت إلى الخلف بظهرها بينما كانت تقف على أطراف  قدم واحد... وارتفع ساقها الآخر قليلاً عن مستوى الأرض ... رفعت إحدى ذراعيها إلى الأعلى بينما إخفضت الثاني

 رفعت إحدى ذراعيها إلى الأعلى بينما إخفضت الثاني

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

... وظلت على وضعيتها هذه لوقت قبل أن تُغلق جفنيها ... ارتجف جفنيها قليلاً عندما علا فجأة صوت ضحكات طفلات وصوت انثوي يحسب بالإنجليزية ، بينما كان هُناك أصوات أبواق السيارات التي تعلو بين الحين والآخر .
رائحة الأرضية الخشبية ... وصوت نقرات الأقدام عليها ... و هاهو والدها يقف أمام الباب مكتفاً ذراعيه وهو يسترق النظرات إليها بين الحين والآخر بينما يتحدث إلى إحدى المسؤولات .
كانت تتغنج بتنورتها المنفوشة وشعرها المنسدل إلى نهاية ظهرها أمامه... تقف على أطراف أصابعها وتدور حول نفسها وتسترق النظرات هي الأُخرى له وتُحاول معرفة رد فعله على حركاتها .
إلتفتت المُدربة نحوها قائلة بصوت عالٍ وابتسامة  :
" يلا يا آن يا حبيبتي باباك حياخدك "

حملت حقيبتها الصغيرة ثم ركضت نحوه بسعادة ... ثنى رُكبتيه بينما فتح ذراعيه لترتمي عليه ... ضغط بإصبعيه على خديها الطريين سائلا ً إياها :
" آن يا آن "

قفزت بشقاوة :
" بابا يا بابا "

" كيف كان يومك ؟ "

اتسعت إبتسامته وهز رأسه بفضول واهتمام بينما حملها بذراعه اليمين وبذراعه الآخر حمل حقيبتها الصغيرة لتبدأ هي ببراء طفولية تحكي لهُ أحداث وتفاصيل يومها كلها .
لقد كان هنا ...
يوماً ما ...
الحنان ، الأمان ، الدفئ ، الحب غير المشروط ، التشجيع ، التحفيز ، الإحتواء ، الإستماع ، الدلال .
ومن يوم أن تركها إختلت كل الموازين ...
لم ولن تجد رجلاً مثله إطلاقاً ... كان حبُها الأول والرجل الوحيد الذي يستطيع فعل أي شيئ مهما بدا مستحيلاً فقط من أجلها .
إنها تراه من ظهره فقط الآن يبتعد حاملاً إياها وهي طفلة ...
ظل يضحك وظلت هي تحكي وتتحدث بصوتها اللطيف حتى بدأ يتلاشى من أمامها تماماً .
فتحت عينيها بسرعة وكأنها تخشى من رؤية المشهد النهائي ... المشهد الذي سيختفي فيه كالسراب من أمامها ...
سالت دمعة ساخنة من طرف عينها لتنحدر إلى الأسفل فما كان منها إلا أن عدلت وقفتها تلك بسرعة وهي تمسح بكفها آثار الدمعة المتمردة التي لم تستطع كبحها ... إنتبهت فجأة عن طريق المرآة إلى ذلك الذي يقف بقرب الباب ... كان متكئاً بظهره وإحدى ساقيه على الحائط بينما وضع كفيه خلف رأسه .
إرتبكت كثيراً عندما وقعت عينها عليه ...

كسارة البندق( الجزء الثاني ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن