(العشاء الأخير )

2.3K 92 6
                                    

#كسارة_البندق
#الجزء_الثاني
                         ( العشاء الأخير )
                           الحلقة الأخيرة
                               { ٣١ }

               " و للصبر حدود "
#تكملة
كان كفيها على الأرضية ، جسدها يرتعش و قد ملأت الدموع مُقلتيها وهي تنظر إليه ، بينما ظل هو متجمداً في مكانه ، يُطالع بعيداً .
يا للقرف ، لقد تقيأت عليه ، بالتأكيد يشعر بالإشمئزاز الآن و التقزز مما حدث ... كانت هذه هي الفكرة التي تتراقص في تفكيرها .
بينما هو ... كان يتواجد معها بجسده فقط ... أما تفكيره و حواسه فقد عادت بهِ إلى سنوات للخلف .
كان صغيراً ... يدور بجسده في دوائر و يضحك .
كأي طفل في عمره اكتشف لذة لعبة الدوران ....
دار و دار و دار ... إلى أن لم تتحمل ساقاه النحيفتان ليسقط أرضاً ... أغمض عينيه في محاولة منهُ لمقاومة الإعصار الذي يدور داخل رأسهِ ، لم يتماسك طويلاً  فاستجابت معدته لتلك الدوامة التي كان يدور بها لتفرغ كل ما بها .
الأمر عادي إلى حد ما ، كان يجب أن ينتهي وهو في غرفته على سرير دافئ و ثياب نظيفة غير تلك التي اتسخت ثم يأخد قسطاً من الراحة إلى يخف الدوار ، و بالتأكيد سيكون قد تعلم من التجربة و عرف ما سيحدث إن قام بمثل هذا الأمر مجدداً ، و لكن بالمقابل ، كان جزاء لعبه ذلك قاسي ... لدرجة مخيفة .
أُصيب سليمان بنوبة غضب بعد أن رآه وهو يتقيئ في صالة المنزل ... فما كان منه إلا أن أخرج حزامه ، ليجلد الصبي الصغير بغل غير مكترث لبكاءه و توسلاته للتوقف ، حتى عمته سويداء التي حاولت انقاذه باءت محاولاتها بالفشل لينتهي بها الأمر وهي تبكي معهُ بهلع فلم يتحمل قلبها رؤيتهُ وهو يُجلد .
جلد الأب إبنهُ و كأنه رجل زاني و ليس طفل صغير يلعب ... حتى تورم جسده و استحال إلى اللون الأحمر .
سليمان لم يكن يرى نبيل ، كان معمي ... كان يرى تلك المرأة  التي أحبها بكل صدق ، و التي انتهى به الأمر ليجدها في أحضان رجلٍ آخر وهي على ذمته .... كل احاسيس الغضب و الكره التي انفجرت بداخله اتجاهها كان يفرغها في الشخص الوحيد الذي يشببها ، لم يشبهها في الملامح و حسب بل حتى زرقة عينيها ورثت إحدى مُقلتيهِ لها... ضحكتها و طريقة حديثها و نظراتها ، كلها كانت مجسدة به . 
كان نبيل الصغير هو الضحية البريئة  للصدمة النفسية و الجرح النازف و العقدة التي انعقدت في روح سليمان .

صرخ بوحشية عليه :
" الله ينعل ابو اليوم اللماني فيك يا وسخ ، دا شنو القرف دا وسخت البيت "

صرخ بهلع و صوته البريئ كان مبحوحاً من شدة الصراخ :
" آسف يا بابا ، أنا آسف ، والله م هعمل كدا ت...ت...تاني "

ظل يُطالعه بغل قبل أن يُغادر  وهو ينادي العاملة لتنظف المكان .

" آنا آسفة "

صوتها المهتز المنخفض وهي تتأسف أعادهُ إلى الواقع .
كانت لا تزال أمامهُ ، لا يدري كيف غاب عنها في ثواني لعدة سنوات ...

لم ينطق بحرف بل ظل ينظر إليها .

كسارة البندق( الجزء الثاني ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن