أحترق؛ لأضيئ للآخرين..؟

116 18 68
                                    

فقرة| عبارات يليق بها الإنقراض

°كن شمعةً تحترق؛ لتضيئ الطريق للآخرين
°أنطفئ؛ لأنير دربهم
°المعلم شمعة تحترق لأجل منارات العلم
°الأم قنديل يحترق مقابل حياة مضيئة لأبنائها
ووو...
..

°°°

تعرفونها، عبارات نشئنا عليها، وكتبناها في دروس التعبير والإنشاء في حصص اللغة العربية

لكن الآن بت أعتقد أنها عبارات غير صحيحة تماماً

لماذا؟

لأننا ببساطة لسنا شمعة، أعني كان يمكن أن يخلقنا الله شمعة، لكنه لم يفعل، فهل هو أخطئ في ذلك أم لم ينتبه لتصححوه وتحولوا الإنسان إلى شمعة..؟_حاشاه_

الاحتراق يعني الفناء، الخراب، الخسارة، وهذا لا يليق بجهد الصادقين العاقلين

أنفر من هذا التفكير جداً، أن يُهلك الشخص نفسه، يظلمها، يبخسها حقوقها، لا يعاملها كما أراد خالقها ثم بدل أن يتم الأخذ بيديه نحو الفعل والقناعة الصحيحين، نُثبته ونقول له: أحسنت أنت شمعة تحترق لتضيئ للآخرين، فيبتسم بفخر على ظلمه لنفسه وُيصدق تلك الكذبة، ويستمر..!

كالعادة، لابد من أمثلة

لنأخذ الأم هذه المرة كمثال|

بقدر ما أرى الأمهات شيئاً عظيماً، مُتخماً بجمالٍ ورونق الخاص، إلا أنني لا أستطيع ابتلاع الصورة المقدمة عن الأم التقليدية_غالباً_ وهي كالتالي

_ملاحظة| لا أقصد أماً فقيرة معدمة، بل الوضع المتوسط الغالب_

تكون ذات ثياب غير لبقة، بحجة توفير ملابس لأطفالها، مع أن الطفل غالباً لن يحتاج لهذا العدد من الأثواب الجديدة في كل مناسبة، لن يفهم معناها، هو سيهتم باللعب فقط، فهي تضحية ليس لها داعي..

تأكل الطعام أو الخبز من اليوم السابق؛ لتمنح الطعام الطازج لأبنائها، مع أن الصحيح هي أن يأكل الجميع ذات الشيئ، فيتعلم الصغار القناعة والرضا في كل الظروف

تشرب وتأكل في كأس ربما كُسر معصمه، بحجة أن الجديد للأبناء، بالله عليكِ لم لا ترميه فقط وتشتري كأساً مثلهم..؟هل هذا الكأس هو ما سيؤثر على ميزانية الدولة..؟

تهلك نفسها لأجلهم طوال اليوم، ترتب ورائهم دائماً، تساعدهم في كل شيئ حتى ولو في ارتداء الجوارب وفتح زجاجة العصير، بحجة أنهم أبناؤها، مع أن هذا مضر لهم، يعودهم الاتكالية، اللامسؤولية، يفتقدون لمهارات كان يمكن اكتسابها بالتجربة والخطئ

لا تهتم بتخصيص ولو ١٠ دقائق لعادات مهمة لها كالرياضة/القراءة/الهوايات/العبادات؛ بحجة توفير وقتها للأبناء، مع أن الأبناء على ما يُربون، ولن ينهار عالمهم إن عودتهم على أن لها وقتها الخاص، لأجلها، بل هذا سيجعلهم أكثر اتزاناً في فهم أنها بشر مثلهم وليست آلة تعمل عند فخامتهم على مدار اليوم

حجج واهية، عادات لا منطقية، تصرفات خاطئة لا يرضاها الله عوضاً عن أن يطلبها، والكثير من التفاصيل التي تملئني بالغيظ

ثم بالنهاية تبتسم مُتعبةً منهكةً بقلة حيلة_هي من صنعها_ لتصدق أنها بكل هذا الحجم من ظلم النفس كانت الشمعة التي تحترق لتضيئ للآخرين

«لله يحرق إسرائيل ان شاء الله..!»

ثم إذا ما كبر الأبناء وغادروا أصابها الاكتئاب، ومن قال أن هذا ما ينبغي أن تكون عليه حياتكِ..! أنتِ قبل أن تكوني أم كنتِ أساساً عبداً لله، أنتِ لله أولاً ولكِ ثانياً، عليكِ النجاح باختبار الدنيا، والأمومة هي أحد الوسائل التي تتقربين فيها إلى صاحب الاختبار_ الله_، فكيف حولتي الوسيلة إلى غاية حياتك كلها...!

وهذا ينطبق على بقية الأمثلة|

معلم، قائد، مدير، مشرف، معيل أسرة، صديق...

ليس من حق أحد أن يحرق نفسه_التي هي رأس ماله باختبار الدنيا_ ليضيئ لأحد

لم نُخلق لنحترق لأجل أحد، بل لنضيئ، حتى في التعب، على النية أن تكون واضحة، أنا أتعب لأجلي أنا، أساعد الآخرين لأجلي أنا، كل خطوة خطوت فيها فوق الشوك كانت لأجلي أنا

قال تعالى : {من أحسن فلنفسه}

لأن كل ما افعله سيصب في ميزان أعمالي غداً، في نتيجة اختباري يوم الحساب، في خزنة سعادتي الأبدية في حياتي القادمة_مع مراعاتي لحاجاتي وقدراتي وفق المقدرة_ وهذا أبداً لا يُسمى احتراق، فإن العطاء إذا كان مع صاحبه نيةٌ صادقة، وفكر واضح فله طعم شديد الحلاوة يُحيل التعب لذةً وسروراً خالصاً

لكن من أفنى عمره يشقى لأجل غيره دون نية احتساب عمله عند الرحيم، خسر كل شيئ، لا دنيا ولا آخرة، تلك حماقة لا تُغتفر، ومصيبة لا عزاء لها، وإن ضحكوا عليه بالشعارات الرنانة والعبارات المُزخرفة كـ (فدا الوطن، لأجل الإنسانية، لمستقبل الأجيال القادمة، شهيد الكلمة الحرة... والسلسلة تطول)

لذلك وكما قيل

أحترق؛ لأضيئ للآخرين❎
أضيئ؛ لأضيئ للآخرين⁦☑️⁩

°°°

«ديماً لازم يكون في نية صادقة قبل كل عطاء مهما كان حتى لو مجرد بسمة أو شربة ماء،
تعلمو تكونوا مصلحجية في الخير، وسيبوكم من هبل العطاء لأجل العطاء، عطاء سافرت زمااان، إحنا مش ملائكة، ترى ورانا جنة بدها شغل..؛-؛»

مصلحجية| أشخاص يبحثون عن مصالحهم في كل شيئ

💜

خارجٌ عن السطرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن