أساس بلا أساس..

137 16 12
                                    

في الفترة الأخيرة_من قرابة عام تقريباً_ آمنت بأن عمل الخير في أي مجال لو لم يكن أساسه «الله» هو بلا جدوى فعلية

مهما كان، عمل اجتماعي، ثقافي، أدبي، فني، إبداعي أو حتى تطوعي

مهما كان النوع، فِرق إلكترونية أو واقعية أو جمعيات خيرية أو مدارس وجامعات أو حتى مخيمات صيفية

لذا بت أتسائل
هل ينفع حقاً أن نُعلِّم الناس مهارات أو قناعات أو معلومات أو ننمي لديهم المواهب والهوايات بشكل منفصل عن «قال الله وقال نبينا» ؟

ما فائدة ذلك؟

العمل في الوقت الحالي؟

ثم ماذا؟

لماذا نفكر بهذه الطريقة الضيقة؟ لماذا لا ننظر إلى الصورة الكاملة؟

الصورة الكاملة تقول أن الدنيا جسر للآخرة، أن الآخرة هي الحياة الحقيقية، وأننا خُلقنا أصلاً للآخرة لا للدنيا، فالدنيا والآخرة ليستا منفصلتين، هما في نفس المعادلة، على نفس الخط، علينا استغلال الدنيا بطريقة تضمن لنا الآخرة

على مستوى الواتباد مثلاً

ما الفائدة الحقيقية من أن نُنشئ فِرق، ومسابقات، وورش عمل، وكُتب، ومبادرات، لتعليمكم
كيف تصممون غلافاً
أو كيف ترسمون
أو كيف تصبحن كاتبات محترفات
او كيف تتعلمون النقد
أو نُعرفكم بمختلف الثقافات
دون وضع أوامر الله في هذا المجال ضمن التعليم؟

ستكونون مثقفين تعرفون كيف تكتبون وترسمون وتصممون وتنتقدون، جيد ثم ماذا؟

غالباً
ستكتبون وترسمون وتصممون ما لا يرضاه ربكم، وتنتقدون ما لا فائدة منه، وتنشغلون بثقافات لا تغني ولا تسمن من جوع بل وربما تُغضب اللطيف
_وتفقد أغلب محتوى الواتباد يؤكد ذلك_

ليس لأنكم سيئون، بل _إن أحسنا الظن_فقط لأنكم لا تعرفون، ما ظننتموه بعد التعلم هو أنه يمكن للشخص أن يكتب في أي مجال ما دام محترف سواء القصة أو الشعر أو حتى النصوص، وأن الرسام حر بلوحاته، وأن المصمم يمكن لإبداعه فعل ما شاء، المهم هو التطور والارتقاء في مجالك، ونيل رضا الجمهور ودعمه أو الاستمتاع، والإبداع ثم الإبداع ثم الإبداع

لم نوضح لكم أن كلمة «كاتب، رسام، مصم، مثقف» ليست أهداف بحد ذاتها بل وسائل لهدف أعظم

لم نُعلمكم أن المواهب ابتلاء وليست حرية شخصية، أن المهارات والقدرات اختبار لكم من رب النجوم والغيمات عليكم النجاح به، أن كل هذه كذلك نِعم منه والمطلوب منكم الشكر عليها، واستغلالها في الخير الذي يريده من منحكم إياها وأن تجعلوها طريق تدل الآخرين على الله، وأنها ليست حرية شخصية وليست لإرضاء أحد ولا لجمع المتابعين، وأن للكتابة والرسم والتصميم والمطالعة قواعد شرعية

عندما لا نعلمكم كل هذا مع تعليمكم المهارات ماذا سيحدث؟

كل تلك الكتابات والرسومات والتصاميم وو ستكون أثقال سوداء في صحفكم السيئة، لتُصعقوا بها عند الحساب، وتعيشوا شعور الخيانة

وقتها ولنكن صريحين، ما الأفضل:

أن تكون إبداعاتكم سبب في خسارتكم يوم الحساب_اليوم الذي ليس فيه فرصة ثانية_

أو أن لا تكونوا قد تعلمتم شيئاً ولا كنتم مبدعين من الأساس..؟

بالتأكيد أن نكون أشخاص بلا مواهب ولا تأثير أفضل من مواهب وتأثير يُقربنا من كارثة جهنم

وهذا لا يعني أنني أتهم أحداً في الواتباد بقصد تعليمكم الخطأ، بل على العكس أعرف أن الكثيرين منهم يفعلون ذلك بنية جيدة، وهم حقاً يهتمون بكم ويملكون رغبة في نشر الخير والارتقاء بكم لكن فقط طريقتهم تحتاج لإعادة نظر، فالنية الجيدة لا تشفع للعمل السيئ

وقد وقعتُ في هذا الخطأ من قبل

حدث هذا في مسابقات «في مهب الإبداع» التي تسألني بعضكن عن أخبار الموسم الثاني منها

لا موسم ثاني قريب لأنني أدركت خطئي في الموسم الاول، كان موسم ناجح مثمر مؤثر على مستوى الأهداف التي وضعت في بدايته، لكن ثم ماذا؟

المشاركات اللواتي تعلمن بعض مهارات الكتابة، واللواتي صقلت تلك الفرصة موهبة بعضهن الان يكتبن أشياء لا يسعد أحد بكونها في ميزان أعماله

أُحمل نفسي بعض المسؤولية، لأنني حين امتلكت الفرصة في تعليمهن، فقط علمتهن الكتابة والإبداع ولم أخبرهن بقواعد الكتابة الشرعية التي وضعها علماؤنا الكرام، لم أخبرهن بحقائق كثيرة كالتي ذكرتها في الأعلى، لم أخبرهن أن المهم ليس أن نكتب بل أن يكون الله أولاً قبل كل حرف نكتبه

لذا أظن أن أي مواسم قادمة ستكون مختلفة

فهذا تذكير لي أولاً ثم لكُن

ليس المهم أن نكتب ونؤثر ونحصل على الدعم وجماهير وتأييد وقراآت مليونية ومدح القراء

ليس المهم أن نرسم ونخرج بلوحات تأسر الشعور والبصر، ونحصل على أسلوبنا المميز

ليس المهم أن نصمم ونُبهر الأذواق وتُصبح لنا بصمة

ليست هذه بأهداف أساسية، الهدف الأساسي أن نتقرب إلى من وهبنا هذه النِعم بها، أن لا ننسى شُكر الله عليها والتذكر دائماً أنه فضل من الله وليس منا، أن نستغلها لنشر القناعات والأفكار الصحيحة حسب مقياس رب الكون

بالتأكيد يمكن أن تكون لنا بعدها أهداف ثانوية مثل الترويح عن النفس والاستمتاع بما نُبدع

°°°
لكل من يملكون تأثير ولو على شخص واحد، علموا الناس بمقياس رب الناس، ولا تكونوا إحدى أسباب تأكيد الفكرة الكارثية «فصل الدين عن الحياة»

الطفوا بالمتعلمين، أرشدوهم لما سينفعهم حقاً، لما سيقربهم إلى النعيم الأبدي، لما سيركز أعينهم على مستقبلهم الحقيقي في الجنة

وإلا لا تعلموا أحداً، لطفاً

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Feb 01, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

خارجٌ عن السطرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن