(١) نقطه الصفر

245 12 25
                                    


لم أذهب إلى عملي منذ خمسة أيام لا أعلم لماذا ولكني مللت من التظاهر بأني بخير . أذهب إلى عملي كل يوم و لا أجد من يبتسم في وجهي أو من يحنو علي بكلمه تسرني . من الواضح حتى أنهم لم يلحظوا غيابي عن العمل كل هذه الفتره . أنتظر قرار طردي من العمل منذ فتره ولكن لم يرسل لي مديري في العمل اي شئ . هل أفرح انه لم يطردني ام احزن على عدم إكتراثهم بي و عدم سؤالهم عني . فمن الوارد ان أكون ميت الآن ! لماذا لم يسأل أي شخص عني ؟! .

كل هذا ذنبي فأنا منذ وفاه والدي و والدتي منذ طفولتي وأنا لم أعطي فرصه لنفسي او لأي شخص بالتعرف علي . حتى أنني لم أكون اي علاقه صداقه او حب مع أي شخص .

سوى ل شخص واحد فقط و هو صديقي "سمير" الذي ربطتني به علاقه صداقه حقيقيه و كان يهون علي في كل موقف صعب أمر به ، و كنت لا أشعر أبداً بالوحده فهو لم يفارقني للحظه و كان بمثابه أخ لي . و منذ وفاته منذ خمس سنوات أمام عيني بعد أن دفعني من أمام سيارة كادت أن تصدمني ثم صدمته هو و توفى متأثراً بجراحه و أنا لم أعد هذا الشخص المرح الذي إعتدت أن أكونه .
بعد وفاته و أنا كرهت نفسي حد الكره فكان من المفترض أن السيارة تدهسني أنا ليس هو لكنه إختار أن يفدي هذا الجسد البائس و الميت الخاص بي و جعلني أعيش في كآبه و بؤس . و مازلت حتى الآن أُحَمِل نفسي مسئوليه موته و أصبحت أتجنب أي علاقه صداقه مع أي شخص آخر حتى لا ينتهي به الحال كما إنتهى بصديقي "سمير" .

إنني فقط أتحدث لنفسي بنفس الكلام كل يوم و في نفس التوقيت . إنني أدفع بنفسي إلى حافه الجنون . يجب أن أتحدث مع أحد في أسرع وقت يجب أن أرى طبيب نفسي أو أي شخص يسمعني حتى لا ينتهي بي الحال معلقاً بحبل في وسط غرفتي و لا أحد يعلم عني أي شئ .

أخذت الصديق الوحيد لي الآن في هذا العالم كلبي "تروي" ليتمشى قليلا حتى لا يصيبه الاكتئاب و البؤس كما أصابني . رَبطُ عُنُقَه و هيأتهُ للخروج ثم خرجنا من باب شقتي .

إلتفت خلفي لأرى من يصعد على الدرج فوجدتها جارتي الحسناء " سيلينا" . ألقيت علي السلام بطريقتها اللطيفه كالعاده رددت السلام ثم نزلت مسرعاً إلى الأسفل و أنا محبط بشده لعدم قدرتي على الحديث معها رغم أنها جارتي من سنتين تقريباً . لكني الآن كنت بحاجة شديده للحديث معها أكثر من أي وقت مضى . آه على هذا الشعور السئ فأنا اتعذب عند رؤيتها و أشعر بضعف شديد و قله حيله عند التفكير بهذا الأمر . حتى أنني أفكر بالإنتقال إلى شقه جديده حتى لا أراها مره أخرى .

***

إستمريت في السير و أنا لا أعرف إلى أين أتجه أو متى أعود للمنزل . بعد حوالي الساعتين جلست أستريح قليلا و إشتريت شيئا آكله أنا و الكلب . أثناء جلوسي وجدت عياده لعلاج الامراض النفسيه في المبنى المقابل لي . شعرت برغبه شديده للذهاب و لكن رغبتي الأكبر كانت التحدث مع شخص عن كل ما يدور في عقلي حتى أرتاح من التفكير قليلا .

ذهبت إلى العياده و لكني لم أستطع الدخول بسبب الكلب لأنه ممنوع دخول الحيوانات . عدت إلى منزلي لأضع الكلب بالمنزل ، و بعد عودتي إلى المنزل كان الوقت قد تأخر و من الصعب العوده إلى العياده مره أخرى لأن المسافه بعيده جداً . أثناء صعودي على درج السلم قابلت جارتي " سيلينا " إبتسمت لي كعادتها و لكني لم أستطع الصمت مره أخرى .

وقفت أمامها و قلت لها :
- هل تسمحي لي بأن أدعوك على العشاء غدا في السادسه مساءً في مطعم السعاده الموجود في الشارع المقابل .
ردت سيلينا بإستغراب شديد :
- و لكن لماذا فأنا لا أعرفك جيداً.
توترت من ردها و قلت لها وأنا متجه لباب شقتي :
- حسنا أنا متأسف بشده.

فنادت علي فنظرت لها
ثم قالت بإبتسامه :

- موافقه.

- موافقه

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
عمّار - Ammarحيث تعيش القصص. اكتشف الآن