القصّة. 12

13 4 0
                                    

.

بعد لحظات من الصمت بدأ الجنرال ( شبيلزدورف ) يرتب أفكاره بصعوبة كما لو كانت دقائق بار نثرت فوق شوك في يوم عاصف ، ثم شرع يروي أغرب قصة مرت على مسامعي يوما . بالرغم من أن طفلتي العزيزة كانت تتطلع بشوق لزيارتكم ، إلا أننا تلقينا في الوقت ذاته دعوة من صديق قديم يدعى ( كارلسفلد ) حيث تبعد قلعته ستة فراسخ عن قلعة آل ( کارنشتاین ) ، كانت ضيافته لنا كضيافة الملوك حتى بدا وكأنه يملك مصباحا سحرا يلبي له جل ما يشتهي ويروم . لقد بدأ حزني من تلك الليلة التي دعانا فيها لحضور حفل تنكري أقل ما يقال عنه إنه رائع ؛ كانت الأشجار مزينة بالمصابيح كما السماء مزينة بالنجوم مع عرض بديع للألعاب النارية لم أر مثله قط بل وحتى باريس لم تشهد مثله يوما ، أما ما سلب فؤادي وجعل روحي تتراقص فرحا فكان مدى جمال الموسيقى لقد جعلتني أشعر أنني في ريعان شبابي مجددا ، وبعد انتهاء الألعاب النارية عدنا للقاعات التي كانت مجهزة للرقص : يا رباه كم كان حشدا أرستقراطيا ؟ كانت طفلتي العزيزة في أقصى ما يمكن للمرء أن يكون عليه من جمال ، لم تكن تضع قناعا فقد أضفى حماسها وسرورها على ملامحها فتنة تأسر القلوب .. في تلك الأثناء ، لفت انتباهي وجود شابة متأنقة يبدو إنها ذات شأن ، تراقب طفلتي باهتمام فائق ، لقد سبق وان قابلتها في تلك الأمسية برفقة سيدة ترتدي قناتنا وثيابا تنبئ عن كونها من الطبقة المخملية ، بعد هنيهة وحينما كانت طفلتي تستمتع بالرقص تارة وتستريح تارة أخرى ؛ دنت تلك السيدتان منها فجلست واحدة جواري بينما جذبت الأخرى مقعدا وجلست بجوار طفلتي ثم استدارت نحوي ونادتني وكأنها تعرفني منذ زمن طويل ، بدأت تتجاذب معي أطراف الحديث بطريقة أثارت فضولي بشدة حيث تحدثت عن مواقف عدة تقابلنا فيها ، في محكمة أو في قلاع شهيرة حتى تملكني الفضول كليا لمعرفة ماهيتها لكنها تملصت من محاولاتي ببراعة ، لقد كانت تعرف عني الكثير ، وتستلذ برؤيتي أتخبط بين حدس و آخر . ما أثار استغرابي أكثر أن الشابة التي شرعت تتحدث مع طفلتي والتي كان اسمها ( ميلاركا ) - وهو أسم عجيب استطاعت أيضا أن تنسجم مع طفلتي في حكاوى شتى ؛ منها ما يشبه حديث السيدة معي حيث قالت أنها تعرفها منذ زمن بعيد وأطرت على طراز ثوبها وجمالها وأخذت تسليها بطرح دعابات حول الأشخاص الموجودين حولنا ، واستطاعت جراء ذكائها وحيويتها أن تصبح صديقة الابنتي خلعت قناعها بعد ذاك مظهرة جمالا أخاڈا ، لم أر وجهها مسبقا وكذا حال طفلتي المسكينة بيد أن جمالها كان يجعل عدم الانجذاب نحوها مستحيلا ؛ بدأت بعدها أوجه بعض الأسئلة الى السيدة فقلت الها : لقد برعت في إثارة حيرتي ، ملا أشحت عنك هذا القناع ؟ أجابت :

........

كيف تطلب من سيدة التخلي عن ميزة تجعلها أكثر تفوقا ؟ ومن قال لك إنني لو أشحته ستعرفنية الأعوام تغير الكثير . ضحكت بشجن ثم قلت إنه علي المحاولة فمعالم جسدها لا تنبئ عن كونها امرأة عجوز ، وطلب عطفها أن تشيح القناع فرفضت قائلة : لقد مرت أعوام من تلاقينا آخر مرة ، ( میلاركا ) ابنتي برهان واضح على أنني لست صغيرة السن ، ثم إني أضم عطفك لعطفي أن تترك القناع وشأنه . حاولت بعدها أن أعرف إن كانت فرنسية أم ألمانية فقد كانت تتحدث اللغتين بطلاقة كما لو كانت معدة سلفا ، في تلك اللحظة قاطعها سيد ده اند ، پرتاي السواد ، لكن وجهه كان شاحبا كما الحدود ، وجاء اأوتي ، انحنى في رقة وتهذيب ثم قال : ها بدمجت لي السيدة الموقرة أن أخبرها کانات تهمها بشدة أخطرت أبحوم السيدة بتساؤل ثم لبت ما أراد ، کا نام آن بجدية تامة ثم توارت بعد الزحام ولم أعد أعرف أين هي ؟ بقيت بعدها في حيرة من أمري أحاول تخمين ماهيتها وفكرت بالانضمام لطفلتي والفتاة علي أظفر باسمها وعنوانها لكن السيدة قد عادت قبل أن أتمكن من ذلك وقال الخادم إن عربتها بانتظارها خارجا

..........

ايات
وقت النشر
2021/jul/24
6:48 am

كَارمِيلٌا / للكاتب شيريدان لو فانو . «كاملة»حيث تعيش القصص. اكتشف الآن