الحطاب. 14

12 5 0
                                    

.

لم يخل الأمر من عيوب ، ففي بادئ الأمر كانت ( ميلاركا ) تشكو من وهي شديد ولم تخرج من رفتها قط قبل حلول المساء ؛ بالإضافة إلى أنها كانت تصر دوما على إقفال غرفتها من الداخل وتدس المفتاح في القفل ، ولا شك في أنها لم تكن في مهجعها في الصباح الباكر . كان وضح الصباح يتيح لنا أحيانا رؤيتها تمشي بين الأشجار متجهة نحو الشرق ويبدو أنها ليست في وعيها تماما حيث جعلني هذا أعتقد أنها تمشي أثناء نومها لكن هذا لم يفسر لغز مغادرتها الحجرتها تاركة المفتاح في القفل من الداخل . وسط تلك الحيرة انتابني القلق بصدد أمر أكثر أهمية حيث بدأت طفلتي تفقد جمالها وصحتها تدريجيا بشكل مبهم حتى اجتاح الذعر كل تقاسيم نفسي كانت تزورها كوابيس مرعبة في بادئ الأمر ثم وكما كانت تصف لي ؛ بدأت تزورها أطياف تمثل ( میلاركا ) أحيانا وأحيانا تبدو کشيطان مريد يحوم حول فراشها ، بعد ذلك ، كانت تجتاحها أحاسيس ذات طابع خاص يشبه سريان تيار قارس في صدرها ثم تشعر بإبرتين تخترقان بوصة صدرها فيدب فيه ألم حاد ثم تختنق وتغيب عن وعيها . كنا في تلك اللحظة نسير على جانب الطريق المؤدي الى قرية آل ( كارنشتاین ) التي لم يسكنها طيه بشري منذ ما يقارب النصف قرن بينما أستمع لكلمات الجنرال بعناية فائقة ، بالتأكيد يمكنكم معرفة مدى استغرابي حين سماعي تلك القصة خصيصا بعد أن ذكر الأعراض التي أمر بها في الآونة الأخيرة بل وأنه ذكر عادات كنت أحسبها تخص ( كارميلا ) دون غيرها . بعد لحظات ، رأينا أنا تحت أسقف وأطلال القرية المهجورة محاطين بأشجار عملاقة ، قال عندها الجنرال ( شبيلزدورف ) وهو يطل من نافذة كبيرة على الغابة الممتدة حول القرية هنا كانت تقيم تلك الأسرة الكريهة ، وهنا

.....

كانت تكتب يوميات ملطخة بالدماء بيد أن أكثر ما يثير استغرابي أنهم يواصلون تلويث الجنس البشري بشهواتهم المقززة حتى بعد الموت أشار بعدها إلى جدران عملاقة تابعة لبناية قوطية تقع وسط حشد كثيف من الأشجار ثم واصل كلامه قائلا : هناك هي الكنيسة الخاصة بال ( کارنشتاين ) ، يبدو أن هنالك حطاب منهمك في قطع الأشجار ، لا بد أن يمنحنا ما نحتاجه من تفاصيل فلطالما حافظ الفلاحون على تقاليد الأسر العظيمة حتى بعد أن تصبح عظاما .. قاطع والدي حديثه قائلا : لدينا صورة ل ميركالا ) كونتيسة کارنشتاين في قلعتنا ، هل ترغب برؤيتها ؟. أجاب الجنرال لاحقا يا صديقي ، أنا أؤمن تماما برؤيتها وما دفعني للقدوم حقا هو رغبتي في اكتشاف أطلالهم ؛ وها نحن ذاهبون . قال والدي في دهشة اجتاحت عينيه وتملكت جميع جوارحه : ما الذي تقوله ؟ لقد ماتت - كونتيسة کارنشتاین - منذ قرن .. أوضح الجنرال بعدها أنها لم تكن ميتة للدرجة التي نعتقدها ، كان كلامه ملغ ومليء بالحقد وعلى ما يبدو فقد كان خلوا من الهلوسة والخة مررنا تحت أقواس الكنيسة القوطية فاحمر وجهه وهيمنت الوحشية على تقاطيعه ثم رفع قبضة يده في الهواء وكأنه يمسك فأسا وأردف قائلا : لم يعد يهمني شيء فيما بقي لي من حياتي سوى أن أنتقم ما دمت قادرا على ذلك ؛ سنقطع رأسها بفأس أو أي شيء بإمكانه اقتلاع فكها القاتل .. راح يرتجف انفعالا ثم أعقب : إن الآنسة الصغيرة تبدو مرهقة ، دعها تجلس على تلك العارضة الخشبية فإنها تصلح أن تكون مقعدا ... في تلك اللحظة ، نادي الجنرال الحطاب الذي كان منهمكا بأداء عمله وسأله عما إذا كان يعرف شيئا عن آثار آل ( کارنشتاین ) بيد أنه أجاب بالنفي ، كان منظره يوحي بمدى قوة بنيانه وما زاد من رباطة جأشه ذلك الفأس بين قبضتيه ؛ لم يستطع إخبارنا أي شيء لكنه دلنا على حارس الغابة القديم الذي يقطن على بعد ميلين وأكد لنا أن الأخير بإمكانه أن يخبرنا بكل أثر من آثار الأسرة المنقرضة وطلب منا إقراضه أحد جيادنا لكي يجلب الحارس إلى حيث نحن الآن . سأل والدي الرجل والحيرة تملأ كل شايا زوجة : هل أنت مسؤول عن هذه الغاية منذ زمن : أجاب الحطاب : كنت حطابا طيلة حياتي ، وهكذا والدي من قبل ، وهكذا لعدة أجيال وبوسعي أن أريكم منزل أجدادي في القرية . سأله الجنرال عن سبب أن تكون القرية مهجورة إلى وقتنا هذا فأجاب : لقد هاجمتها الأشباح العائدة من القبور یا سيدي ، كان سكان القرية يلاحقون تلك الأشباح ويقتلونها باستخدام السبل المعتادة كقطع الرأس ، الحرق أو غرس الأوتاد في الأفئدة وقد لقي الكثيرون مصرعهم جراء ذلك ؛ لم تبرأ القرية بشكل كامل حتى جاء أحد السادة من ( مورافيا ) - جنوب

.........

النمسا - وسمع بما يحدث ثم عرض علينا أن يخلص القرية من معذبيها فقد كان بارعا كأكثر الذين في بلاده . اختار السيد ليلة ساطعة القمر الكنيسة بعد غروب الشمس مباشرة ؛ ظل يراقب بكل ما يملكه من صبر حتى رأي أحد مصاصي الدماء يخرج من قبره ويشيح عنه كفنه ثم يتجه صوب القرية الموسومة ليهاجم سكانها ، السيد من فوره وجلب قطعة الكفن ثم عاد الى البرج وهنا بدأ التحدي ؛ حينما عاد مصاص الدماء افتقد كفنه وصرخ في وحشية تقشعر لها الأبدان حين رأى السيد المورافي على قمة البرج وتحداه الأخير أن يصعد ليأخذ الكفن الخاص به فقبل التحدي . عندما وصل مصاص الدماء الى قمة البرج أستخرج المورافي النبيل سيفه من نصله وشطر جمجمة مصاص الدماء إلى نصفين ثم أخذ جثته إلى أهالي القرية فغرسوا وتدا في فؤاده وأحرقوه وهكذا حصل على الموافقة في أن يزيل قبر ( ميركالا ) - كونتيسة کارنشتاين – وقد فعلها حتى سي مكان القبر : وصار من الغابرين وما من كائن حي يعلم مكانة حتى الآن ، قيل إن جسدها أنتزع لكن لا أحد يعرف التفاصيل بدقة ... مر وقت طويل فأنصرف الرجل بينما بقينا نستمع بلهفة لباقي قصة الجنرال الغريبة .

..........
ايات
وقت النشر
2021/jul/24
6:57

كَارمِيلٌا / للكاتب شيريدان لو فانو . «كاملة»حيث تعيش القصص. اكتشف الآن