.
واصل الجنرال ( شبيلزدورف ) سرد قصته العجيبة : بدأت صحة طفلتي تتدهور شيئا فشيئا وسط فشل الطبيب المشرف عليها في إيجاد سبب معقول المرضها ، وعندما أحس بمدى ذعري اقترح أن شرك طبيبا آخر ويأخذ بمشورته وعلى الفور استدعينا أحد أشهر الأطباء وأكثرهم ثقافة ، مرت عدة أيام قبل أن يصل ذاك الطبيب البارع من ( غراتس ) . فحص الرجلان طفلتي المسكينة ثم تنحيا جانبا لإجراء مناقشة حول حالتها ، وهكذا تعالت أصواتهما بشكل يثير الاستغراب ، كانت مرتفعة أكثر مما تفتضيه مجرد مناقشة . لم أستطع التحمل أكثر ، عندها طرقت الباب ودخل لأجد الرجل العجوز من ( غراتس ) مصرا على رأيه بينما زميله الشاب ينتقد ما قاله بسخرية واضحة تصاحبها قهقهات ثقيلة بيد أن ذلك الجدال انتهى فور دخولي قال الطبيب الشاب بشيء من السخرية : زميلي العجوز المثقف يرى أنك بحاجة إلى مشعوذ لا إلى طبيب ؟ أردف العجوز بنبرة تنم عن عدم الرضا : سامحني ، سأجرب وجهة نظري بصدد الصغيرة المسكينة في وقت لاحق ، أخشى أيها السادة أن مهارتي وعلمي لن ينفعاني هذه المرة لكن وقبل أن أرحل ، أرجو أن تمنحني الفرصة لأقترح عليك شيئا .. بدا بعدها وكأنه غارق في بحر لا قرار له من التفكير وهكذا خرجت صوب الحقول لاستنشق هواء نقيا ، شارد الذهن محطم القلب يرأف على حالي كل من رآني . وبعد ما يقرب العشر دقائق ؛ لحق بي الطبيب العجوز واعتذر لأنه اقتفى أثرى وأوضح لي أنه لا يستطيع الرحيل مرتاح الضمير ما لم يخبرني ببضع کلمات قال إنه لا يخطئ إطلاقا وأكد لي أن ما من مرض يسبب ذات العلامات وأن الطفلة ستموت على أية حال إلا إذا لم تتعرض لنوبة قاتلة أخرى ، وإن تعرضت لأي هجمة مجددا فإنها ستكون كفيلة بإطفاء آخر وهج للحياة في جسد الطفلة المسكينة . سألته عما يشير اليه بقوله ذلك فقال : لقد شرحت لك كل شيء في المذكرة التي أضعها بين يديك شرط أن تقرأها بحضور قس والا فسوف تهزأ بها ؛ أحذرك للمرة الأخيرة بأنها مسألة حياة أو موت يا سيدي .. بحث عن القس مباشرة بعد رحيله بيد أنه كان متغيبا لذا قرر قراءة المذكرة بنفسي ، ستثير سخريتي بالتأكيد لو قرأتها في ظروف غير التي كنت أقاسيها لكن ما أكثر الذين اتبعوا دروب الشعوذة كأمل أخير عندما تكون حياة أحبائهم على المحلى ؟ كان خطاب الطبيب المثقف يؤهله لدخول مستشفى المجانين حيث قال إن طفلتي تعاني من زيارات متكررة لمصاصي الدماء إن الثقوب التي تصفها بالقرب من بوصة صدرها هي في الحقيقة موضع غرس نابین طويلين
........
تماما مع حادين يميزان مصاصي الدماء ، أما العلامه الحمراء المحيطة بالثقبين وصفها العلم بأنها شفتا الشيطان ، وأن كل عارض لدى الفتاة الصغيرة يتسق حالات سابقة مشابهة لها . كن بطبعي أهزأ من هكذا أمور بل ولا أقبل وجودها إطلاقا بيد أني لم أكن أملك خيارا إلا أن أنفذ ما في الخطاب من تعليمات . اختبأ في غرفة تبديل الثياب تلك الليلة ، كانت عبارة عن حجرة صغيرة يضيئها سنا شمعة وبقي أراقب فتاتي في صمت حتى غطت في نوم عميق ، كنت قد جهزت سيفا مسبقا تحسبا لأي طاري واستمرت المراقبة حتى تجاوزت عقارب الساعة الواحدة بعد منتصف الليل عندما رأيك جسما عملاقا موشحا بالسواد يزحف عند مقدمة السرير ثم يتسلق بروية حتى يصل الى حنجرة طفلتي فيبدأ عندها بالانتفاخ متحولا إلى كتلة نابضة ، الدم في عروقي وتصلبت أطرافي ثم وثبت مع سيفي ذاك الشيطان ؛ ما إن رآني حتى تقلص وابتعد وهنا حلت الكارثة ؟ نشف صوب رأيت ( ميلاركا ) تقف هناك ويعتري وجهها تعبير لكن لم لا يخلو من الرعب والشراسة ؛ ضربتها بالسيف أصبها فقد راحت صوب الباب بحركة سريعة ، تملكني الذعر حتى غاص قلبي في أخمص قدمي فضربتها مرة اخرى واذا بها قد رحلت ثم تهشم سيفي عندما اد اصطدم بالباب . لن أستطع مهما حاولت أن أشرح لك ما حدث معي تلك الليلة ، لقد ذهب شبح ( ميلاركا ) لكن ضحيتها أخذت تحتضر وتتلاشى شيئا فشيئا حتى فارقتها الروح قبيل الفجر . كان الجنرال ( شبيلزدورف ) متوترا للغاية فلم نرغب بإزعاجه وراح والدي يطالع الأسماء على شواهد القبور ثم دلف إلى باب الكنيسة ؛ أما الجنرال فقد أسند ظهره إلى جدار وراح يجفف عينيه التي كانت غريرة بالدموع ويتنهد بحرارة يمكننا الشعور من خلالها بمدى ألمه . بعد قليل ، سرني سماع صوت ( كارميلا ) والسيدة ( بيرودون ) قادمتين وسط تلك العزلة والقصة الغريبة عن أولئك الموتى الذين ترتبط بقاياهم بذرات التراب واللبلاب من حولنا ، بدأ الرعب يتملكني إذ كنت وبعد كل ما سمعت أقف في بقعة مسكونة ذي خضرة كثيفة ؛ أبيض فؤادي وأنا أرمق المشهد بينما أخذت عينا الجنرال تتفحص كل بقعة في الأرض ويداه فوق أثر مهشم ، كان واقفا تحت مدخل الباب الذي تعتليه واحدة من تلك الشياطين القوطية الشائهة التي يهواها القرف القوطي المولع بالرعب ، في تلك اللحظة لاح وجه كارميلا ) الجميل في الأفق واجتاح السرور صدري الرؤيتها لكن قاطع بهجتي الجنرال حين التقط فأس الحطاب وهجم عليها . ما إن رأته ( كارميلا ) حتى أعتلى وجهها تعبير متوحش يثير رعب كل من رآه ، لم أستطع الصراخ تلك اللحظة من هول الموقف . انقض عليها بكل قوته بيد أنها أمسكته من معصمه حتى هوى الفأس أرضا ثم اختفت دون أدنى أثرا ترنح الجنرال واستند إلى الجدار ، كان شعره المكتسي بالشيب قد انتصب وبلل العرق محياه كما لو كان على شفا الموت . لم يستغرق ما حدث أكثر من ثوان معدودات ولم أتذكر شيئا سوى صراخ السيدة ( بيرودون ) وهي تبحث عن كارميلا ) في كل حدب وصوب ؛ ما إن سمع الجنرال باسمها حتى صعق قائلا : إنها تسمي نفسها ( كارميلا ) إذا ، وهي أيضا ( ميلاركا ) ؛ كما أنها ذات المرأة التي تدعى ميركالا ) – كونتيسة كارنشتاين - لتفارقوا هذه الأرض الملعونة بأقصى سرعة ويفضل البقاء في بيت القس حتى إيابنا ، اذهبوا بسرعة فلربما لن تروا ( كارميلا ) مجددا .
........
ايات
وقت النشر
2021/jul/24
7:01
أنت تقرأ
كَارمِيلٌا / للكاتب شيريدان لو فانو . «كاملة»
Fantasíaشهوة الدم والغموض تتجسد برواية درامية قوطية . - صحيفة الغارديان - العبادة الكلاسيكية التي الهمت داركولا . - صحيفة التلغراف - على عكس روايات الرعب التقليدية فهنا لا توجد مقابر ووحوش متغيرة الأشكال ، إنما هي رواية في الغموض الأخلاقي والنفاق الديني...