كان جو اليوم صاعقا كما اعتادت عليه بلدة نيودلرم الصغيرة الواقعة في شمال جنوب روسيا..قد اكتسى المنزل الصغير المهترئ في حبيبات الثلج.. قد تجمد الثلج على زجاج غرفة نومها اساسا.. لم تستطيع النوم من شدة برودة الغرفة.. بسبب سقوط عامود خشبة النافذة.. لقد استيقظت في الليل عدة مرات شربت الماء الحار من الموقد الحراري وتدثرت بثلاث بطانيات من فرو الذئب والدب.. رغم ذلك لم تستطيع النوم.. لقد دخل الثلج إلى عظامها في الفعل.. نهضت برجفة وهي تنظر للساعة لقد قاربت ٨ صباحا.. مدرستها تبدأ بعد نصف ساعة.. خلعت بيجامة الدب القديمة.. لبست بسرعة التنورة المحلية القميص الأبيض ارتدت جاكيت الصوفي الثقيل وربطت شعرها الأسود الاشعث بسرعة.. لم تستحم هذه المرة.. فكرت ربما تستطيع الاستحمام في حمام للمدرسة فهم يوفرون الماء الحار في ساعات الصباح الأولى.. حملت كتبها دراسية بدلا من وضعها في الشنطة التي امتلأت في ملابس داخلية تخصها من مشط خشبي من أجل الاستحمام في حمام مدرسي .. نزلت الدرج بهدوء.. صادفت والدها ياكل بقايا البرغل والحليب.. وقد يبدو تجهز للعمل أيضا.. لم تخاطبه أو لم تهتم في القاء التحية.. فتحت الثلاجة واغلقتها بضيق.. لقد كانت فارغة حتى علبة الحليب كاملة شربها لوحدها لم يلقى اهتمام لها.. صعدت مرة أخرى الغرفة.. أخرجت من تحت السرير بعض عملات معدنية.. مال قد عمدت إلى توفيره عند الضرورة .. فوالدها بالكاد يمنحها بعض القروش القليلة.. نزلت مرة أخرى ورأته يحمل هاتف يتكلم بعصبية.. فتحت باب قائلة : انا ذاهبة..
خرجت دون سماع رده.. شقت طريقها بصعوبة بين الطرقات المتعرجة بين الثلج.. لقد كان يوجد بين كل منزل ومنزل حديقة كبيرة تابعها لها.. إلا حديقة منزلهم كانت خرابة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. فوالدها كان يجري تجاربه الغريبة فيها بدا من صناعة الدخان الذي تسبب في حروق نوافذ الجيران الذي أدى به الأمر إلى الشرطة.. مرة في حرق جميع نباتاتها التي عمدت في عناية بها..تحت غطاء التجربة.. لقد كانت نباتات التي أهدتها لها مدرسة الأحياء في صف الإعدادية.. عمدت إلى عناية بها بحب لكن والدها لم يهدأ له بال قبل تخريب اي شيئ يراه.. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تسبب مرة في حرق شبك الحديقة الخشبي... تلك حوادث متتالية أدت به إلى مركز شرطة مرات عدة حتى نهاية الأمر.. قد قرر انه ممنوع من أي نشاط خارجي بسبب كثرة ازعاج الجيران له.. تحول من دب تخريب إلى دب اكل متوحش وسكير ليلي.. لولا سكرته في كل مرة ياخذ فيها راتبه لما رأت هذا المال الذي اخرجته من جيبها كان فوق ١٠ قطع نقدية تساوي المئة تقريبا.. مبلغ تستطيع فعل به الكثير.. قد قررت أن تستفيد منه في كل مرة.. تستطيع شراء معطف جديد أو حذاء جديد الذي اهترأ كليا أو الانتظار قليلا لجمع المال لي شراء مدفأ كهربائية مستعملة مثل التي تعرض في متجر العم سام.. أو صرفها على بطنها الجائعة كانت خيارات كثيرة مسيلة للعاب.. لكنها للأسف مقيدة للغاية في صرف المال فهي تنتظر بداية كل شهر عند عودة والدها بعد تلقي راتبه سكيرا إلى البيت اخذ منه مبلغ من المال.. الذي حسب ظنه تم سرقته من أحد ما في الحانة.. ما تأخذه منه بسيط جدا .. في الحقيقة تستطيع سرقة منه بشكل أكبر لكن ضميرها الحي الذي سيؤدي بها إلى خرابة المنزل حسب تعبيرها قريب جدا لا تعلم لماذا تمتلك مثل ذلك الضمير ضد اب قد مات ضميره منذ زمن بعيد.. لقد ولدت لي تكون مزدهرة مثل حديقة العمة إني لكنها أصبحت مثل خرابة منزلهم.. صعدت منحدر العالي المؤدي للمدرسة.. رأت تدفق السيارات للطريق القادمة المدرسة.. لقد كان توافد كبير ذلك بسبب حالة الجو الخاصة.. لذلك وصل الجميع متأخر.. لقد رأت مدى الازدحام الحاصل بسبب توافد الجميع بوقت واحد.. عند بوابة الخارجية التي دخلت منها.. لقد فركت اذنها بازعاج من شدة وقع صوت الجرس الحاد.. الذي يعلن وصول الحصة الأولى من واضح لن يكون.. هناك أي اصطفاف صباحي بسبب التأخر.. دخلت بصعوبة بسبب ازدحام الطلاب فركت يديها بدفأ أخيراً.. لقد شعرت اخيرا في حرارة جسمها في حركة دمها.
فتحت صندوقها الخاص رمت فيه الكتب أخذت دفتر وقلم فقط.. فا الحصة الأولى تتكلم عن الأدب كم الروسي.. مادة الكريهة بالنسبة إليها..
دخلت الصف ولقد كان ثالث حاضرين بعد فتاتين جلست في مقعدها الأخير عند النافذة.. في الحقيقة المقعد أقرب لي مدفأ الكهربائية التي تبث في جسمها الحياة.. لم تنتبه إلى امتلاء الصف إلى أن سمعت تنحنح المعلمة لقد كانت مستمعة. في الدفئ..
ونظرت لي الوجه الجديد لقذ كانت معلمة جديدة لكنها شابة وجميلة.. ذلك اول ما ظهر في عقلها جميلة بل جميلة جدا.. بشعر اشقر وعيون خضراء وبشرة نقية للغاية فم طويل ذو حدة بسيطة كم تبلغ من العمر؟! ٣٠ أو ٣٣ أو ٣٥ لا تبدو أصغر.. كم طولها 174. أو 175 كم يوجد من فرق بيينا..
15 سم
لماذ أتت هنا في هذا البلدة النائية؟!
كل تلك الأسئلة هبت في رأسها في ثانية من غريب جدا رؤية شخص جديد في هذه البلدة فا الجميع هنا معتاد على بعض لقد سكنوا هذه الأراضي منذ الجد رقم ١٠٠ العوائل والأشخاص كل شي معروف هنا.. الوجوه الجديدة شي غريب جدا في أي مدرسة أو مشفى أو البلدة نفسها.. لم ييبدو عليها الاستغراب لوحدها بل جميع الطلاب أظهروا ردة فعل متباينة بين المعجب والمستغرب والمتسائل.. لكنها تلك اللحظة قد قطعت بواسطة المرأة وهي تتكلم بثقة : انا سلينا شوكاوف.. معلمة الأدب الروسي الجديدة لقد اتيت من مدينة املكيا في نشاط تعليمي متبادل.. سوف ابقى هنا لمدة فصل الأول.. ارجو ان ننشأ صداقة جيدة.. احترام متبادل.. انا محبة لي الأدب الروسي جدا أوعدكم لن نخرج قبل وقوعكم في حب الأدب الروسي مثلي... الأن افتحوا رواية (لوليتا ) سوف اخذ اسماء الطلاب بعد نهاية الحصة..
رفعت حواجبها من كلامها المنمق الجميل في العادة كلام معلمات والمعلمين المبادلةلا يتجاوز 10 كلمات.. غالبا ما يقدمون أنفسهم بابتسامة ثقيلة.. يظهرون ازدرائهم لهم بسرعة.. لكن لا تلومهم هنا بلدة نيودلرو الكئيبة الصغيرة.. من يرغب في العيش لمدة نصف سنة في مكان لا يوجد به سوى ثلاث متاجر وحانة ومطعم صغير مقرف ولو مصنع الأسمنت لما رأى احد مظاهر الحياة بسيطة.. لكنها الان تتكلم الوقوع في حب الأدب الروسي.. جملة مضحكة نوعا ما أليس كذلك.. فهي بالكاد تنجح به بصعوبة حتى تتمكن من وقوع في حبه اصلا.. لكن لحظة هل قالت رواية (لوليتا) أليس من مفترض اليوم هو الشعر الروسي.. نظرت من حولها للطلاب كانوا نفس الحال يتساءلون بين بعضهم.. غير أنها لقطت تساؤلهم فهمت من تعابير وجههم انهم لا يملكون الكتاب قالت بابتسامة جذابة : لا بأس إذا افتحوا دفاتركم دوونوا ملاحظاتي المهمة غدا لمدة ثلاث حصص سوف نتكلم فيها عن رواية الشهيرة (لوليتا ) التي تعتبر من أشهر روايات روسية على الإطلاق...من مهم جدا أن تكون معكم الكتاب لن اتهاون في أي مخالفة.. هل هذا مفهوم..
رائع هذا قد ظهر لها عائق جديد.. المال سوف يذهب لي شراء رواية.. لقد بدأ إعجابها يسقط عن تلك المعلمة وهي من كانت تتأمل انه بذلك المال من الممكن أن تدغدغ به جسمها أو معدتها.. لكن متطلبات الحياة لا تنتهي لا تكفي تلك المئة حتى..
أمسكت قلمها بدأت في التدوين تحت صوت المعلمة :
رواية لوليتا،، كانت من أهم روايات كلاسيكية التي تناولت الجانب النفسي المهم لكل الإنسان.. فا (هامبرت) تناول شخصية الرجل الشهواني الصعب ولوليتا الفتاة البريئة المستهدفة من فئات المجتمع.. ليس ذلك فقط بل تمكن الكاتب من تحديد عدة وتقدم مبررات و أسباب بتلك الحالة :
1_ شهوانية الرجل الخمسيني
2_ إنغلاق المجتمع
3_ آثار السجون
بذلك تمت معالجة حالة الفرق العمري بشرح الحالة النفسية الصحية.....
توقفت عند آخر جملة كتبتها.. شعرت بنوع من الاشمئزاز رواية لوليتا لم تقرأها لكن تعرف محتواها جيدا.. قد استغربت من صراحة المعلمة في شرح الرواية في العادة يميلون المدرسين إلى اختصرها تغطية الكلمات بشكل منمق كأنه أطفال صغار لم يبلغوا من العمر ١٨ عاما بل بعضهم مارس الجنس أكثر منهم.. لكن أيضا شرح تلك المعلمة حمل في داخلها القرف من هامبرت .. شعرت بي الغثيان وهي تسمع ترديد المعلمة لي مقطع كتابي مستفز
(
طوت الدفتر والقلم ووضعته جانبا.. مسكت فمها واغمضت عينيها.. لم تشعر بمناداة المعلمة لها.. حتى سمعت طرق قلم على مقعد الخشبي.. فتحت عينيها بهدوء ونظرت بصمت المعلمة التي رفعت حاجبها وقالت باستغراب : هل انت بخير؟!
هزت راسي وجسمها يرتجف : نعم بخير للغاية
ابتعدت المعلمة قليلاً عنها وقالت بدقة : لا يبدو لي ذلك.. ما اسمك
قالت بصوت منخفض : وانيا.. وانيا انوشكا بارتيكوف
ابتعدت المعلمة عائدة نحو السبورة وقالت باستغراب :وانيا ام انوشكا..
قالت :وانيا
أمسكت كتاب مرة أخرى قالت :جيد.. وانيا أرى عليك آثار التعب.. اعفيك من حصتي الآن..
عادت للقراءة مرة أخرى..
حملت دفتر وقلم وخرجت بتعب.. اللعنة يبدو أنها أصيبت في المرض فعلا.. علمت أنه ذلك البرد لن يهدأ قبل أن يصيبها في الغثيان.. الأسوء من ذلك عندما سمعت مقاطع (هامبرت) السيئة.. انه من الحالات النادرة التي تصيب الإنسان عندما يصدف المرض والغثيان على وزن يضيف فوقه موضوع مشير للأشمئزاز.. ليس موضوع رواية نفسه بل هامبرت ذلك الشخص الغريب في الرواية.. مشت في الممر الفارغ فتحت صندوقها الحديد رمت فيه أغراضها.. خرجت نحو ممر الإداري ذاهبة لغرفة الممرضة لا تشعر أنها بخير نهائياً.. باتت تشك في قدرتها على المشي حتى
طرقت الباب ودخلت.. وجلست أمام الممرضة السمينة التي مازالت توقع بعض الأوراق..
خاطبتها دون مقدمات : ما مشكلتك
:أشعر في التعب والغثيان.. أتيت لأخذ إعفاء يوم لي باقي اليوم:بقى نصف ساعة على انتهاء الحصة الأولى.. من أي حصة معلم خرجتي
مسكت فمها باعياء : من صف الأدب الروسي انها معلمة جديدة.. اسمها يمكن..
:ماري..اكملت عنها الاسم وقالت :حسنا ما اسمك الكامل من أي صف
:وانيا انوشكا بارتيكوف.. صف السنة الأخيرة (A)
نهضت من مكانها واقتربت منها عاينت حرارتها لقد كانت مرتفعة(39).. ورأت بوضوح اجهادها الواضح عادت للمكتب حملت ورقة امتلأت في البيانات الكثيرة : وضعك سيئ خذي اليوم وغدا اجازة كاملة..
ومدت له ورقة :رسالة عذر من أجل اليوم وغدا تعطينيها للمعلمين من أجل علاماتك..
اخذتها وشكرا ممرضة وخرجت أمسكت بصعوبة في العامود الأسمنتي.. أكملت طريقها نحو الخارج دون أغراضها.. فهي ليست بوضع يحتمل أن تحمل أي شيئ.. تشعر في تخدر جسمها والم رأسها جيدا.. عند وصولها إلى منحدر المؤدي إلى خارج مدرسة أمسكت في الخشب المحيط في حديقة المدرسة الخارجية.. لا تشعر كيف ومتى وصلت أو هل وصلت تتذكر فقط السيارة التي كادت أن تصدمها وسقوطها عدة مرات فوق الثلج.. شعرت بنوع الوعي عند سماع صوت التلفاز العالي.. لقد سمعت صراخ رجال ما.. لكنها لم تستطيع التركيز ابدا.. كل ما ما تذكره سقوطها مغشي عليها ورأت وجهه والدها آخر لحظة...
نهاية الفصل الأول
أنت تقرأ
دخول الجنة
Romanceبعد حياة مملة كئيبة تصتدم وانيا بارتيكوف، بمشاعر غير مفهومة هل هي ابوية أو إعجاب أو حب ناحية والد صديقتها المقربة (ليونيد ناريسوفيتش)، في خضم كل هذا نكشف الأسرار والمفاجأت متعلقة بحياة الجميع... الفصول كل اثنين