نهضت شمس مدينة براتسك الفقيرة وألقت بنورها على بالونات المهرجان الصفراء الضخمة التي تحيط وسط براتسك بأكمله، مع تناقس في كل اللونين، تحولت المدينة إلى فصل صيف رسمي، مما أضاف للسكان الرضا عن يوم المهرجان الأول ، كانت فكرة إضافة بالونات الصفراء الضخمة للعب على جانب نفسي لا أكثر، هذا ما فكرت به "وانيا" وهي تدخل مذهولة رفقة "لوليا"، لقد نهضت باكرا بسبب إلحاح الأخيرة المستمر، قد ظنت لوهلة اني براتسك لا تختلف كثيرا عن نيولردوم، كانت فكرتها صحيحة، إذا أن صادف وصولهم فجر أمس، لم يختلف من ساعة إلى ساعتين عن موعد استيقاظها اليوم، غير أنها أخذت كفايتها في اللبس، فعمدت إلى بنطلون جينز دافئة، ومعطف صوفي أخضر، مع وشاح الأبيض المعتاد، وحذاء شتوي الأبيض الطويل، بقدر ماكان مظهرها مظهرها بسيط، فإنه بدا جذاب جدا ومتناسق مع لون عينيها، واخبارها عن نظرات الرجل الأمن المتغزلة ساهمت في رفع حرارة جسمها إضافة إلى ازدحام المهرجان، والشمس الدافئة والالوان القوية التي تشير بالدفئ، بدا حرارة جسمها تكبر أكثر وهي تزداد دهشة من جمال المهرجان، غير أنه بوابة الضخمة التي أحاطتها مجموعة بالونات صفراء ورسم عليها شعار شجرة البلوط الخضراء، وجدران الخشبية ا التي حملت صور لامنتهية من رسم فنانين مجهولين الاسم، الحقيقة ظننتها لوحات عالمية، وكان ذلك القسم الأول، قسم الثاني الذي فصل عنها بواسطة مجموعة جسور صغيرة تقع فوق ممر م نهري صغير، حيث حضن بعده، خيم بيضاء لي بعض الأعمال الشعبية التقليدية، كان الاسد إثارة منهم هو خيمة احتوت دمى يدوية بسيطة، الدمية التي تتعلق في فوق احد زوايا الخيمة، هي شخصية انوشكا (فتاة البئر)، الشخصية الفلكلورية، لطالما حلمت فيها مرارًا وتكراراً، ظنت أنه هي، للأسف كانت على وشك الاقتراب من الخيمة وشراء دمية انوشكا، لولا لوليا التي مسكت معصمها ناحية خيمة أخرى وهي تشير إلى الصحون الفخارية بالوان منوعة، حقيقة جمال الأواني التي بدت كتحف انستها الدمى منذ قليل، وقد أصرت لوليا على شراء اثنين منها هدية لها، قد اختارت طبق ازرق اللون بمكعبات حمراء صغيرة، أما الأخرى اشترت نفس النمط الخاص بها لكن الصحن حمل اللون الأحمر، أكملوا سيرهم للقسم الثالث، الذي حمل مطاعم في بيوت خشبية، كأنها مثل الحانة الأمريكية الصغيرة، دون واجهة الخارجية، حيث كل شي يرى في العين المجردة، والحقيقة بدت لها الأطعمة غريبة، من روائح مجهولة الرائحة، ورائحة الزيت المقززة، وانتشار الزنجبيل والقرفة بشكل نفاثة، والبطاطس المقلية بأنواع التوابل الحارة، والدجاج بمختلف أنواع الطهي من الشوي إلى طبخه بحساء احمر، سيد هذا السوق كان لحم البط المحشي بالخضار المسلوقة، كان كبير الحجم، مقلي بعناية، لاحظت جديا مدى إقبال الأفراد لشرائه، وهي كانت أحد أولئك المعجبين به، لكن جهلها بطعم البط وشكله الجديد رغم رائحة التي داعبت انفها الصغير، منعتها كليا من شرائه، بل أقبلت إلى اكل لحوم مشوية بعيدا بعيدان خشبية، بدت لها مألوفة، بسبب انتشارها في البلدة، أيضا شملت معها بعض من بطاطس المقلية بتوابل الحارة، بالكاد رغبت في تجربة عصير الجوز المصدر من الخارج، كان لذيذ الطعم، غريب الرائحة، جيد التجربة، استمر تجوالهم في خيم المأكولات إلى وقت طويل إلى درجة شعورها في التخمة، بالكاد تشاركوا الاحاديث، استمروا في تعليق على الأطعمة، لفت نظرها احد حانة حلويات، عرضت مجموعة من حلويات داخل ثلاجة صغير شفاف، من تراميسو وكعكة نابليون وكعكة اللوز والبوظة الباردة بنكهة الفراولة، أخر رف من رفوف الثلاجة، حملت عدة أطباق من كعكات كبيرة الحجم، أشارت بيدها نحو بصوت عالي بسبب أصوات مزدحمة الحانة : ما رأيك بالذهاب هناك..
نظرت لوليا بسرعة عابرة ناحية الحانة وعادت نظرها نحو حانة العصائر، وقالت مسرعة ناحيتها : ساقوم معاينة سريعة لهم.. وانت أيضاً..
ابتعدت كلامها عن بعض ، الحق يقال، حانة حلويات هي أشد ما جذبها للان، خاصة أن مظهر كعكات حملت رسوم بسيطة بواسطة الكريمة، لم تحتار كثيرا وهي تختار، كعكة اللوز الخضراء، المغلقة بعجينة السكر على هيئة قطة لوز كبيرة، حتى سعرها مبالغ به قليلاً لم تهتم به، لقد طلبت 70 روبل، لو طلبت أكثر لمنحتها ذلك، وان كانت عاشقة الحلويات، التي من نادر ما تراها أو تأكلها في البلدة، فهي أيضا تعشق مناظر الفريد من نوعها، الطعام الوحيد الذي يحمل الفن والطعم سويا، غلفته البائعة بعلبة بيضاء، وامسكت بيدينها بحرص، خرجت تتقف في إثر تلك في الحانة الأخرى، لم تجدها بها رغم الازدحام، مرت بعدة خانات مجاورة لم تراها، صابها الخوف والتفكير، ليس على لوليا نفسه فقط بل عليها، فهي تعول عليها بسبب الازدحام الخانق، حتى لو ذهبت للفندق الان، لن تعرف طريقة الخروج، حتى إن استعانت بسؤال احد الغرباء، الحال أنه لم يتمكن منها الخوف كثيرا، بسبب يد مسكت كتفها، كانت على وشك الارتجاج والفزع لولا ظهور لوليا نفسها أمامها، تنفست الصعداء بعمق وقالت بنبرة متوترة :أين اختفيت فجأة؟!
: كنت بحانة العصيدة، أشارت بيدها نحو حانة تبعد عنهم قرابة عشرة حانات، مسافة كافية للضياع..
ردت بضيق :تعلمين اني اجهل كل شي هنا.. إضافة إلى الزحمة.. ذهبت إلى ذلك الحد
قالت لوليا باستغراب وهي ترفع اح من الأكياس البيضاء : لم اتأخر.. لم اظن انك أسرعت في شراء..
واكملت بإشارة نحو العلبة: يبدو طبق كبير..
: ليس بالكبير حتى.. لكن مظهره مميز..
تقدموا للإمام سويا، قالت لوليا بعد تفكير : أرغب في ركوب قطار السريع.. أشارت نحو أعلى قوس عمودي يخيم فوق المهرجان..
نظرت لها برعب، تخيل مشهد فقط، كافي إلى حد زلزلة كيانها الصغير : مستحيل.. ماذا لو سقطنا.
ضحكت الأخرى بتسلية آني تقضم بعض الفستق وأردفت : يركبه الآلاف يوميا.. مازالوا بافضل خير وصحة.. لا شي يدعو للقلق!!
حركت وانيا رأسها برفض تام : أنسى اني بالكاد..، ونظرت من حولها إلى صراخ الأطفال والعويل، روائح، والوجوه الغريبة المختلفة أكملت : بالكاد اتعامل مع ضجة المكان، وأشارت نحو العلبة : لقد تجولنا ما يقارب العشر ساعات هنا.. ذلك اول نمط فريد من نوعه اقوم به لمدة عشرة ساعات.. دعينا نعود للمنزل..، و اردفت تعدل كلامها بضحك : عفوا الفندق؟
شعرت بمدى بؤسها، ودت لو غيرت رأيها، لكن رد لوليا السريع على العودة، وتفاعلها معها، بل أصرت على عودة بسيارة أجرة بدلاً من العودة على آلاقدام، رغم أن الفندق يبعد خمسة دقائق، أرسى لها نوع من الراحة، بل حتى بعد ركوب سيارة، أخبرتها بمدى تعب راحة قدميها، وتوعدت بها غدا بركوب القطار، لم ترد عليها، اكتفت في الابتسامة فقط وراقبت الأرصفة الممتدة من الأشجار الصغيرة، وتقلص الناس تدريجيا كلما ابتعدوا عن مهرجان، وخلو المحلات من الافراد، اقتراب غروب الشمس القريبة، لم تستمع كما يجب، بعد ايصالهم للفندق وصول كل شخص منهم متعب بما فيه الكفاية، لم تفكر بعد ذلك سوى بالراحة وهي تخلد للنوم بعد تعب ما يقارب التسع ساعات
نهاية الفصل تفاعل ضروري!!
أنت تقرأ
دخول الجنة
Romanceبعد حياة مملة كئيبة تصتدم وانيا بارتيكوف، بمشاعر غير مفهومة هل هي ابوية أو إعجاب أو حب ناحية والد صديقتها المقربة (ليونيد ناريسوفيتش)، في خضم كل هذا نكشف الأسرار والمفاجأت متعلقة بحياة الجميع... الفصول كل اثنين