الفصل الرابع _"نسخة قديمة"

14 8 0
                                    

اخيرا انطلقت الصفارة معلنة انتهاء الحصة، تنهدت براحة، لقد جلست على اعصابها لمدة 45 د، خوفا من المعلم (مور )، فهي تدرك مدى عصبيته، استعداده إلى معاقبة اي طالب بعذر أو دون، رغم أنها تحمل ورقة الاجازة، لكنها ورقة بالية غير معترف فيها، بنهاية كل شي مرم على ما يرام، فقط رياضيات نفسها لم تمر بخير، فخلال غيابها لي يومين و 4 حصص رياضيات، كانوا قد اجتازوا 5 دروس، انتهوا من درس تفاضل والتكامل اهم وأصعب درس بنسبة لها، بقيت الان لي نفسها، ليس هناك معلم يشرح مرة أخرى، لا تمتلك الجرأة لي طلب مساعدة أحد الطلاب، ينتظرها إذا الكثير من الجهد في المنزل، حملت حاجياتها خرجت نحو صالة الطعام ، كان لديها حصتين أحياء فارغة في الجدول، من حسن حظها تستطيع على الأقل مراجعة بعض من دروس الفيزياء، فهي سمعت من طالبتين في الإمام في حصة الرياضيات عن مراجعة احد الدروس من أجل الحصة القادمة، كان الدرس عن ميكانيكا الحرارية ومعادلاتها، درس صعب يحتاج إلى كوب شوكولاتة ساخنة، نهضت نحو كافتيريا، تم تلبية طلبها بسرعة من حسن حظها انها لا يوجد طلاب أو ازدحام، أمسكت الكوب بدفئ رشفت منه في دفأ، عادت إلى الطاولة، لكن عيونها اصطدمت في فتاة التقت بها قبل قليلا، كانت متوجهة نحو ممر المنعطف لكن عند رؤيتها وهي تجلس على طاولة تقابل ممر صالة الطعام المباشر لها ، اتجهت عليها فوراً، وضعت الكوب جانبا، نظرت من حولها كعادة معتادة منه، عند إقبال اي شخص نحوها، لا تعلم هل زمن أصبح سريع ام الفتاة نفسها، فهي رأتها فوق رأسها فورا تسألها في ابتسامة معتادة : هل بإمكاني الجلوس معك..
هزت رأسها لها بتأكييد
بعد جلوسها فركت يديها بدفئ اردفت بحيوية : لقد جلست لمدة طويلة لدى المديرة، القت على الكثير من الملاحظات..لم أتوقع مدرسة بتلك مواصفات تمتلك هذا النوع من الصرامة...
كان ملاحظتها الأخيرة صحيحة، رغم أنها لم تدرس بمكان ما غير هاته المدرسة، لكن الجميع يؤكد على صرامة المديرة مبالغ فيه، هذا يرجع إلى طبيعة المحافظة هنا في المنطقة بذات هنا...
أكملت الفتاة :أخذت الجدول منها، أخرجت من شنطتها الورقة.. انتهت حصة الرياضيات لكن حصتيي الأحياء فارغة.. إذا لدى حصة فيزياء بعد ساعتين.. وأعادت الورقة للداخل قالت : هل نحن بنفس الصف!
أعادت الكوب لي شفتها قالت :نعم
:رائع.. انا جائعة ماذا يوجد هنا في الكافتيريا..
أبعدت الكوب عن فمها وردت :هنا لا توجد سوى مشروبات فقط..
لاحظت جيدا مدى استياء الفتاة، كأنه القى خبر صواعق فوق رأسها، يبدو أنه جائعة، تظن أنه هنا يوجد كل شيئ،
لكنها قالت :هل انت جائعة؟!
:جدا لم أتوقع انه لا يوجد هذه الخدمة
عادت خصلة شعر للوراء : سابقاً كان يوجد.. لكن الأهالي الطلاب يفضلون طعام المنزل المحضر.. لذلك الجميع يجلب معه طعامه الخاص..
رفعت حاجبها باستغراب : رائع.. لكنه ليس جيد للغرباء.
صمتت الاثنين هي أخرجت كتاب الرياضيات ، بدأت في مراجعته تحت استغرابها، من غريب رؤية طالب جديد مهتم في قراءة الدروس للدرجة تلك، أيضا ما ادهشها هي قدرتها على حل مسائل الرياضيات بسرعة باهرة، حلت مسائل تفاضل والتكامل التي تستغرق نصف ساعة ب١٠ دق، الفتاة مميزة هذا واضح من شكلها، الان تبين لها ليست فتاة غنية فقط بل ذكية أيضا، عادت إلى الاهتمام في كتاب للفيزياء، قبل شروع في القراءة، لاحظت انها امسكت بطنها بضيق، حقا تبدو جائعة مازال وقت الانصراف مبكر، الفتاة لم تجلب معها اي طعام يذكر، شعرت في الشفقة، لو كانت مكانها لي تمنت اي طعام يسد جوعها، قد مرت سابقاً بتلك المواقف، ليس بسبب جهل المعرفة بل بسبب الفقر المدقر، نهضت من مكانها تحت نظراتها وعادت وهي تحمل السندويشات التي اودعتها أمانة لدى الصندوق، وضعتها على الطاولة بخجل، فهي لا تعلم أن كان يروق لها هد الطعام سندويشات بيض، عسل، أو جبن، حتى سندويشة أصبحت في حال يرثى بها، فسد منظرها، لكن هذا كل ما تملكه للمساعدة..
اجابت نظرات الفتاة بحياء : هذا طعامي.. تستطيعين مشاركتي به...
لأول مرة في حياتها يحدث تشارك احد طعامها، وضع غريب مريب مخجل بنسبة لها، الأسوء نظرات الفتاة لم تكن مفهومة، لا تعلم هي راضية ام لا، قد أخذت قطعة خبز صغيرة أكلتها، بدت رضا عليها، وضح عليها الشهية
لكنه كسرت توقعها قالت بأدب :انه طعامك لي باقي اليوم.. لا أستطيع مشاركتك به ينتظرك يوم متعب... انه ذنبي على تحمله...
سكتت وهي تفكر في إجابة منطقية معقولة، لقد رأت مدى جوع الفتاة وشهوتها، بدت لها من أولئك أصحاب القيم المبادئ، لكن إصرارها على طعام معها اندفع من رغبتها سابقة في الجوع لساعات طويلة جدا
قالت بإصرار واضح :صدقيني انا لا استطيع اكل الطعام.. اعلم انه هناك شخص جائع.. لا بأس لن اعود إلى المنزل ممتلئة البطن.. لكن لن أعود جائعة انت نفس الشيء..
اكملت بإقناع : بعد ساعة سوف تتمنين لو اصريت عليك أكثر...
مدت الطعام ناحيته.. انشغلت في طعامها هي، رأت بالفعل الفتاة وهي. تقضم لقمة بجوع أنهت السندويشة بسرعة.. أخبرتها بأدب :اسفة لم اشكرك.. لكن طعم سندويشة لذيذ جدا...
اردفت بلطف : غدا سوف اقوم بشكرك على هذا...
أكملت طعامها بجوع، يبدو أنه نال إعجابها، لكن لم تفهم الشكر هذا، هل تنوي غدا اهدائها هدية مثلا، ضحكت لذلك التخيل فعلا...
انتهت من طعامها، اندمجت مع فيزياء، تلك مع رياضيات بقت الفتاتين هادئات إلى موعد بدأ حصة فيزياء، نهضا سويا للصف، عادت الفتاة لي طرح. أسئلة معينة / هل هي معلم معلمة / ما هي طبيعية المذاكرة / لماذا طلاب هنا كتوميين الخ....
كانت اسئلتها لا نهاية لها،الأغرب انها جاوبتها بأمانة وشرح وافي، تلك المرة الأولى التي تخاطب شخصا ما لي تلك الدرجة، اكتشفت انها تحب الثرثرة نوعاً ما، لكن بيئة محيطة بها لم تعطيها حقها الكافي، مضى اليوم كاملاً سويا يخرجون من صف إلى آخر، من موضوع إلى آخر، بقت الفتاة هي المسيطرة في الحديث، شاركتها الأجوبة ورد الفعل، لكن لم تطرح اسئلة بعد عليها، مازال فضول يمتلكها ناحيتها، ماذا تفعل فتاة هنا في هذه البلدة، لم تملك الجراءة بعد لي طرح سؤال كهذا، كانت مواضيع جميعها تدور حول المدرسة والبلدة وعادات السكان والطلاب، بنهاية الخروج سألتها أن كان يوجد شيء مهم لي للغد، كانت على وشك النهي، لولا تذكرت تلك الرواية، حصة الأدب الروسي...
قالت وهي تعدو بين زحمة الطلاب :غدا الحصة الأولى هي الأدب الروسي.. يوجد لدينا مراجعة رواية لوليتا...
لا تعلم لما ذلك، لكنها شعرت في الخجل وهي تنطق اسم الرواية بسبب سمعتها السيئة، لم تكن الفتاة أقل دهشة..
:لوليتا.. مازال جدولها قائم لديكم!!!!
أكملت الفتاة :لقد تم إجبار مدارس على دخولها في خطة الدراسية.. لكن الجميع بعد ذلك تجاهلها لم يهتم بها حتى.. إنها لا تصلح حتى لي هذه المرحلة...
: أظن انهم يحاولون إيصال فكرة دائمة لي عوائل والفتيات.. عدم تفريط بهم والتركيز على سلوك زوج الأم..
نزلت منحدر مكملة : أظن المناطق بعيدة النائية مثل منطقتنا.. تهتم في ذلك لي اعتقادهم مازال ينتشر الجهل بها...
كانت الفتاة على وشك الرد،لولا رؤية سيارة سوداء تقف بعيداً، والدها قد وصل إذا، رغبت في تقديم توصيلة مجانية لها، لكنها رفضت بخجل، لم تصل بعد لي تلك مرحلة،ودعتها الفتاة بحرارة، وركبت السيارة من الخلف وابتعدوا بسرعة ...
نظرت إلى بقايا العجلات سيارة فوق الثلج، أكملت سيرها، لم تفوتها ملاحظة انه الفتاة ركبت من الخلف، إذا سائق سيارة ليس والدها بل سائق، هذا واضح جدا، لم تكن لي تركب في الخلف، من واضح مقعد السائق الأماكي فارغ، الا كانت وضعت فرضية ركوب والدتها في الإمام، أثناء سيرها فوق أرض ثلج الصلبة لم تستطيع الا الضحك على الفتاة لوليتا، كانت المرة الأولى التي تشارك بها يوم كاملاً مع فتاة لأول مرة، تجربة ممتعة ورائعة، بل ما ادهشها تجاوبها معها، يبدو تجاوب متحفظ لأي شخص عادي، لكنها تجاوب كبير بنسبة لها، أصبح لديها اعتقاد انه سوف تموت ولن تحصل على حديث مشترك مع أي شخص كان، صديقة، حبيب، عجوز، والد، اليوم لأول مرة كسرت تلك القاعدة المعتادة، طوال حياتها شاركت أطراف حديثها مع العجوز اني مرارا وهي تروي حكاياتها الطويلة، واستمعت بصمت، سألت صاحب متجر الطعام، وهو يروي أحوال العالم الخارجي، وأيضا بصمت، تبادلت أطراف حديث بارد أيضا مع معلمين، لكن حديث لوليتا تلك مختلف كليا، حتى كلامها يوحي نوعا ما بالطمأنينة، لا تعلم مصدر هذا شعور، بالنهاية هو شعور طيب، جميل مختلف، أن كان الحديث لم يخرج خارج حدود المدرسة، حاوطه الهدوء وسؤال جواب، لكن بقى مختلف جدا...
عرجت بسيرها نحو وسط البلدة، فهي بحاجة إلى ذلك الكتاب، تتمنى أن تجده، فا الجميع هنا يعرج إلى مدينة كونديسك، لي تقضي جميع الأغراض المدرسية والكتب الخ..
فهي لا تبعد سوى نصف ساعة في السيارة،تستطيع ذهاب إليها عبر الحافلة، لكن لا تثق في نفسها للخروج إلى عالم جديد لوحدها، طرقات لا تدركها، أشخاص لا تعرفهم، مدينة أشد ازدحاما، يكفي هنا في نيولردوم تشعر في الغربة بين الحين والآخر، بالكاد تجيد التعامل معهم، منهم صاحب المكتبة التي دخلت متجره الكبير، كم مضى على زيارتها للمكان هذا كل شي بمكانه، كالعادة الارفف معبرة ومبعثرة، التلفاز القديم موضوع في مكانه منذ ١٠ سنوات، المتغير فقط هو انعدام الهواء بشكل كامل حتى لا تعلم كيف يعيش في هذا المكان!!!
ضربت بيدها فوق المنضدة، خرج له ورمي نفسه فوق الكرسي بكسل، اشار لها بمعنى معين!!!
(ماذا تريدين)، رجل يتكلم بلغة الإشارات..
: رواية لوليتا هل هي موجود هنا..
رد عليها بسخرية :لوليتا!!!
: مطلوبة لدي من أجل الدراسة
:دراسة فاشلة!!
:هل موجود لديك...
عاد بكرسيه للوراء، فكر بعمق وقال بعد برهة :توجد لدى نسخة قديمة جدا!!
قالت باستفهام :أين مشكلة!!
:مشكلة هي عند قرأتها..
علمت جيدا مغزى كلامه، إذا لا حل لها
:حسنا كم مبلغ..
نهض من كرسي وتوجه إلى المنضدة ورمي ناحيتها كتاب دون غلاف وعاد لي مكانه :انه مجانا لا تستحق حتى المال.. كنت على وشك رميها.. يوجد بعض الصفحات ممزقة...
شكرته بلطف وخرجت، تصفحتها أثناء العودة للمنزل، احتقن وجهها من الخجل، هل هذه النسخة الأصلية، رأت الكثير من بشاعة الالفاظ والكلمات، حتى محتوى الكلام مختلف عن النسخة حاليا، دخلت منزل وصعدت غرفتها رمت نفسها بتعب فوق السرير، لكن دخول شخص ما الغرفة فاجائها

 دخول الجنة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن