فصل ثاني_"جزء من الجنة"

25 10 0
                                    

كان الجو حار جدا لكن كان الهوا بارد للغاية.. لقد رأت أمامها باب كبير جدا لا تعلم من ماذا صنع غير أنه كان يمتلأ في زخارف كثيرة جدا.. كان يمتلئ في زهور ملونة.. لقد غطت الزخارف والزهور على معدن الباب الأصلي.. تقدمت رغبة منها في معرفة ماذا يحتوي خارج الباب هذا.. كان مصدر الهواء البارد منه.. رغم برودته الكبيرة الا انه بقى جسمها ساخن للغاية.. الهواء البارد بالكاد شعرها ببعض من الانتعاش.. دفعت بيدها الباب بضعف لكنه فتح على اتساعه بقوة.. فتح بسرعة دون جهد..كأنه يفتح نتيجة اللمس.. ليس فتح الباب كان الصدمة بل ما ظهر لها.. قد كانت الجنة بكل ما تحمله المعنى من كلمة..
بداية من الشلالات الطويلة والإشجار الزيزفون المنتشرة والنهر الصاب الذي نمي فوقه الأعشاب و زهور البيضاء.. منظر خيالي إبداعي (دخول الجنة) بدي لها المعنى الحقيقي الآن.. اغمضت عينيها بقوة وأعادت فتحها ورأت الباب مقفول .. عقدت حاجبيها باستغراب عادات إغلاق عينيها ورأت ظلام دامس زفرت مرة أخرى بي انزعاج وكررت الكرة لكن هذه المرة رأت نافذة مكسورة وبضعة أوراق خضراء التصقت في الشجرة.. عادت الكرة مرات عديدة.. منظر نافذة لم يتغير..الاوراق مازالت ملتصقة.. تأملت المنظر لي دقيقة قد قطع بسبب رياح قوية قطعت بحدة الهدوء واختطفت معها جميع الأوراق.. اختطفت سعادتها معها ومنحتها اليقظة اخيرا.. يقظة الواقع.. نافذة المكسورة.. المرآة المشروخة والسرير القديم جدا.. الخزانة بدون أبواب باب مفتوح على مصرعه دون قفل.. ملابس المرماة على الأرض لعدم وجود علاقة صغيرة حتى.. كم هي بحاجة إلى هواء حاد يقلب موازيين حياتها.. المهم حدث يغير هذا روتين الكئيب ولو كان سيئ.. لم تتوقع أن يصل بها الأمر إلى حد تمني الأسوء لكن سألت نفسها عدة مرات هل يوجد ما هو اسوء من ذلك.. مشاعر ميتة، اب عاجز، ام مفقودة، فقر مدقر،مستقبل غامض، خوف غير طبيعي من الخارج..
مازالت تتمنى حادثة اسوء.. لا حتما لا يوجد ما هو اسوء من هذا.. الفظيع أنها ضعيفة تعترف بضعفها في مواجهة الحياة.. تمنت لو تكن لها القدرة على الخروج لي مواجهة الحياة لوحدها أو الهروب نحو مدينة(..) الكبيرة ودراسة المالية.. تمتلك قدرات عقلية، خارجية، لكن لا تملك أي قدرات ذاتية.. مثلها لا يستطيعون الهروب من هذا الواقع بناء حياة جديدة.. تحدي المخاوف، البقاء وحيدا مع انها وحيدة وتعيش مخاوفها.. لكن وجود بشري حي معك بنفس البيت و ان كان لا فائدة منه لكن يبقى نفس يعيش في البيت.. لكنها إذا هربت لن ترى كل يوم مطبخ متسخ تنظفه ولا ملابس كثيرة لغسلها ولا صوت مباريات كرة السلة.. ولا سجائر وعلب البيرة المنتشرة في غرفة المعيشة.. لن تسمع صوت خطوات أقدام ثقيلة ولا قحقحة خشنة.. أن سقطت كما حدث لن يوجد شخص يحلمها لي فراش يعتني بها.. لعل علاقة مع والدها غريبة، جافة، سطحية، قليلة الكلام سويا..
لكن عند مرضها.. ترى قلقه عليها وكان هذا اكثر ما يسعدها لدرجة وهي صغيرة أصبحت تدعي مرض.. عندما كشف خدعها.. خاصمها بقوة، بعدها وصل بها براءة الأطفال إلى حد رمى نفسها في الثلج وبقاء فيه مدة طويلة.. كادت أن تموت لولا عمة اني التي انقذتها في اللحظة الأخيرة بقت طريحة الفراش لأسبوع بعد تلك الحادثة...قررت لن تتسول اهتمامه، بعد تقدمها في السن أكثر وأكثر أدركت انها معاملة طبيعية فطرية لأي شخص غريب عنك لا يملك أي مشاعر شخصية لك.. رغم ذلك يسعدها ذلك مازالت للان يسعدها اهتمامه بها عند المرض.. لعل هذه هي طبيعة البشرية.. ندرك طبيعة كل موقف، لكن تبقى مشاعرنا دائما كما هي.. لا تتغير تتنظر الاهتمام دائما تحت أي مسمى...
مشاعرها في الملل هي ما حركت جسمها المتعب للنهوض.. أمسكت ساعتها اليدوية كانت ساعة 9 صباحا.. كم من وقت مضى لقد عادت للمنزل عند ساعة ٩ تماما هل مضى يوم كامل وهي نائمة.. رغم ذلك ما زالت تشعر في حرارة جسمها وثقل رأسها..
نهضت من سرير ومازالت ملابس مدرسة عليها..بدلت ملابسها في بجامة زرقاء اللون.. كانت الاجدد لديها.. لقد ابتاعتها منذ شهرين فقط.. كلما تلبسها تشعر في السرور.. مشطت شعرها متشابك وصرخت عدة صرخات من شدة عقد شعرها لقد مضى يومين من دون تمشيطه.. رغم شعرها ناعم مع التواءات عند نهاية شعرها.. تلك التي تسبب لها دائما نوع من الألم.. لم ترغب في ضمه وتركته يرتاح على ظهرها نزلت نحو مطبخ.. رأت كل شيئ نظيف وهادئ.. كما هو معتاد منه في كل مرض.. لقد مضى فترة زمنية منذ أن مرضت.. فتحت براد كان ممتلئ..تفاح، رمان، كيوي، أناناس، فراولة،حليب طازج، قشطة جبنة صفراء، عسل، مربي الكرز، لحم مقدد...
متى كان اخر مرة ممتلئ إلى ذلك الحد.. منذ مدة طويلة مايقارب الشهريين.. عند بداية كل شهر يذهب نص فراتب إلى الخانة وربع الآخر لي الطعام وربع إلى سجائر.. لكن طعام ثلاجة بالكاد يبقى لأسبوع بسبب اصراف والدها المبذر لذلك تعمد إلى ادخار بعض الأكل في غرفتها يبقيها على قيد الحياة.. لكن سؤال هل قبض راتبه أخيراً.. فحسب ما تعلم من خلال محادثاته في الهاتف أنه مصنع الأسمنت الأكبر والوحيد في المنطقة الذي يعمل به أكثر من ثلث سكان البلدة ويعتبر دخل الوحيد لي اغلب العوائل هنا.. والدها يعتبر أحد العمال به.. يعاني الان من أزمة قوية منذ شهرين لم يأخذ اي عامل راتبه.. جميع عوائل المنطقة تزعزعت أحوالها البعض بدأ في الشكوى وبعض العمال اضربوا رسمياً.. فهو يعتبر الدخل الوحيد غالبية أهل البلدة يعملون به عمال براتب بسيط بالكاد يكفيهم..
لكن لم تهتم.. المهم انها جائعة جدا لم يزور الذ الطعام بطنها منذ مدة.. والدها خارج منزل الان..فرصة لا تكرر، في تحضير سفرة..بيض مع لحم مقدد، عسل وقشطة، سلطة فواكه كما تراها في البرامج.. سفرة مبالغ بها أليس كذلك؟!، لكنها فرصة لا تكرر.. سارعت في اتخاذ قرارها البدأ في تجهيز لها.. حتى خبز حمصته مع الزبدة بل حملت بعض من الأطعمة إلى غرفتها من أجل بقية الشهر فهي باتت لا تعلم أن كانت سوف تبقى حية حتى.. عادت إلى السفرة الشهية.. أكلت بشهية مفتوحة وكبيرة،شعرت بصفار البيض ودسم اللحم وحلاوة العسل وطعم القشطة.. لقد شعرت في تحرك دم جسمها وحرارة بدأت تعود طبيعية جدا.. كل شيء سار بها من جديد البروتين عاد إلى جسمها من جديد والحديد امتلئ مرة أخرى.. مخزون فيتامينات ارتفع..
بلعت لقمة من سلطة فواكه بصعوبة.. لقد شعرت من جديد بالم برأسها.. لا بد أنه شعر في صدمة مثل معدتها التي باتت ترفض تقبل المزيد الطعام أصبح يقف في حلقها.. لو كانت تملك معدة كبيرة مثل والدها لي بلعت الطاولة كلها.. لقد بقى الكثير رغم ذلك، أكلت الربع لا أكثر.. لقد رغبت في نهوض لكن ارتفاع السكر بعد انخفاضه عاد إليها الحياة كلياً...
أخذت عدة أنفاس استعادت قوتها بشكل أكبر.. نهضت بحيوية جمعت ما تبقى صنعت منه سندويشات صغيرة.. لقد كانت ٤ سندويشة من الجبن واللحم و٤ من القشطة والعسل و٢ من البيض...
غلفتها بورق من الدفتر وخبأتها داخل السرير..نزلت إلى المطبخ نظفته بعناية،لمعت الثلاجة بهمة وغسلت الصحون،رتبت غرفة المعيشة المقابلة للمطبخ، كانت فرص جيدة التنظيف فهي غالبا تأتي متعبة من مدرسة تحت ضغوط الدراسة، قضاء والدها غالبية المساء في المنزل لا يساعدها على تنظيف، الآن فرصة ممتاز، بقى على وصول والدها خمس ساعات، تكفي لتنظيف البيت، باشرت بهمة ونشاط لقد نظفت السجادة بالماء وغسلت اسفنج الكنب البنى ومسحت تلفاز وما خلفه من قاذورات،أغلقت مدافئ الكهربائية، فتحت النوافذ رغم برودة الجو الصاعقة.. كانت الغرفة بحاجة ماسة للتخلص من روائح سيجارة والبيرة.. بعدها توجهت إلى غسالة.. غسلت ما اسفنج الكنب وملابسها وملابس والدها حتى ستارات غرفة والدها وهي فراش السرير تم إيداعه في إمانة الغسالة التي استغرقت وقت طويل بل كانت على وشك أن تعطل بسبب دورانها الطويل.. لقد مضت ساعات، شعرت في التعب باللحظة الأخيرة..أغلقت نوافذ اخيرا.. لقد بقى ساعة على عودة والدها.. لقد نظفت حتى الحديقة أخرجت نفايات للخارج، غسلت جميع ملابس،فراش النوم ووضعته فوق المدفئ الكهربائية.. ورمت نفسها فوق الكنب بتعب تنفست الصعداء.. رضا فقط الأن هو الذي يحاوطها، كم من فترة مرت دون عطلة بنص مدرسة أو طعام يكفي أو بيت نظيف لقد مر الكثير فعلياً.. تذكرت الان فقط الحلم الذي رأته.. الآن فقط حتى تذكرته بكامل تفاصيله كان يمر أمامها بسرعة لكن غير مكتمل التفاصيل، مفقود الأجزاء.. تحاول تذكر اسم معين أطلقته عليه....نعم صحيح كان الاسم (دخول الجنة).. لقد سمعت سابقا من حكايات العمة أني التي لا تنتهي أنه حلم مرتبط دائما في حياتنا، كل بشر جميعنا رأو حياتهم المستقبلية بحلم ما فقدته الذاكرة، لكن حتما الجميع رأى مستقبله.. هذا الكلام جعلها متعلقة إلى حد بعيد في أحلامها.. لكن للأسف جميع أحلامها مرعبة منذ صغرها، ترى كوابيس دائما، الأشباح، القتل، الدماء، الجوع، لقد رأت مستقبلها خلالهم، لكن اليوم حلم اليوم مختلف على نقيض من كل أحلامها، هل هذا يفسر اليوم فهي حلمت بشكل جميل اليوم كان جميل حرفيا، هل هذا معنى الجنة أو بداية الجنة،أو حلم بسيط، هل مستقبلها متعلق بأحد كوابيسها، المنطق يقول انه حياتها سوف تبقى مرعبة بسبب ارتفاع نسبة الكوابيس، لكن ماذا أن كان هذا الحلم هو مستقبلها، ماذا لو كانت الجنة هي حياتها القادمة، اغمضت عينيها، تمنت بعمق أن تكون حياتها مثل ذلك الحلم، دخول الجنة كما هو بسيط وهادئ..
استيقظت على وقع أقدام كثيرة من الخارج!!!

تفاعل بليز!!!

 دخول الجنة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن