سيارة حديثة الطراز، سوداء، تشبه سيارة والد (منوليا)، تحمل نفس الرمز GMC، غير أنه تلك بيضاء، وهذه سوداء، تلك أقرب منها إلى الخردة، هذه حديثة جدا، مثل دعايات التلفاز تماماً، لمعانها الأسود، فوق الثلج، أعطى منظر يحبس الأنفاس، ثم اكتمل مشهد بنزول فتاة شقراء منه، تحمل حقيبة مدرسية تنظر باتجاه السور بارتباك واضح، تدخل مرة أخرى رأسها للداخل، كأنه تخاطب احد ما، لكنها عادت للنظر مرة أخرى بتركيز وهذه المرة رأتها تجلس تنظر لها، شعرت في الخجل من نظراتها البلهاء ناحية فتاة، عادت نظرها إلى شنطتها، هل لاحظت فتاة نظراتها الغريبة لها، لكن لحظة..
أليس من الغريب جدا رؤية سيارة مثل تلك في البلدة، فتاة جديدة أيضا تركب تلك السيارة الحديثة، تقف أمام المدرسة، هل هي فعلاً طالبة، ام تائهة، لم تستطيع كبت فضولها أكثر، عاودت النظر لي ترى فتاة تصعد المنحدر، تقترب منها بابتسامة جميلة وواثقة، شتت نظرها بعيدا عنها مجددًا، شعرت بنوع من الغباء، هل طفلة صغيرة حتى تهرب منها، هي فقط تشعر بالاستغراب منها، تعامل مع شخص جديد...
عادت نظرها إلى الفتاة التي اقتربت بشدة ووضعت يدها فوق مقعد الخشبي المقابل قالت بلكنة غريبة : هل هنا مدرسة ماري دور..
نفت سريعا وقالت :قصدك مدرسة ميري رود...
اكدت الفتاة بخجل : نعم هذا ما قصدته.. هل انتي طالبة هنا؟!
نظرت بتدقيق ناحيتها، شعرت بنوع من الريبة، بالطبع ليس من الفتاة، من الغباء جدا الشعور بالخطر من شخص مثلها، لكن كونها فتاة جديدة، مع تلك السيارة السوداء التي ترمز لها بذكرى سيئة في الأفلام.. قطعت صمتها الغريب اردفت :نعم انا طالبة في هذه المدرسة..
ردت تلك باطمئنان : رائع.. هل استطيع الجلوس معك والانتظار..
نظرت حول مقاعد التي لاتنتهي من ثم للفتاة، يبدو أنه الغريبة لم تفهم نظرتها ولا مقصدها ( هل ترين كم المقاعد المنتشرة) : نعم، تفضلي لا مشكلة..
كان رد معاكس لي داخلها، ربما لطف الفتاة ونعومتها هي ما جعلت إجابتها تختلف، فكرت ربما هي غريبة تشعر في الخجل، عدم الثقة، لا بأس في مشاركتها المقعد،
عادت الفتاة لي للسيارة وادخلت رأسها مرة أخرى، عادت لها وهي تحمل معطف فخم مع شنطتها، قد رحلت السيارة السوداء...
كان واضحاً تلك الفتاة غنية جدا، بل هي أغنى فتاة رأتها للآن، بداية من سيارة سوداء إلى، رفاهية ملابسها، إلى شنطتها الجلدية النادرة، تحمل لون الأبيض والأسود، معطفها الأحمر الحريري، وملابسها المدرسية تنورة رمادية التي صنعت بشكل خاص وقميص الأبيض وسترة رمادية القصيرة الفخمة، تسائلت كم تكلفة صناعة بدلة مدرسية تلك، هل هي الف ام ثلاث الف بل أكثر يبدو لها ذات مبلغ كبير.. فهي قد أشترت منذ سنتين بدلتها المدرسية مستعملة بملبغ ٢٠٠، لكن فتاة مثلها ماذا تفعل في بلدة فقيرة كهذه، مستوى ملابسها يخبرها انه لا يمكن الأثرياء للعيش هنا ولا في أقرب مدينة كبيرة لهم وهي براتسك...مثل ذلك النوع تراه في تلفاز في موسكو أو بطرسبرغ أو الخ..
لكن لم تستمر طويلاً في تأملها، وقد سألتها بحماس غريب :إذا هذه مدرسة ميري رود...
أكملت بزهو : لقد كنت متحمسة لي هذه البلدة منذ البداية.. هذا ما يسمى بداية جديدة!!!
قطبت حاجبيها هل تتكلم عن بدايات جديدة هنا في نيولردوم، هنا بالكاد يوجد متجر سعته ٥ أمتار..
قالت باستغراب: هل تعرفين البلدة من قبل!!
رفعت اكتافها بنفي :بل عندما أخبرني ابي عنها.. بحثت عنها في الانترنت لم أرى أي شيئ عنها.. هذا ما زاد فضولي لها...
شعرت بنوع من الغيظ وردت :هنا يوجد خمسة متاجر متجر لي الالبسة مستعملة.. متجر طعام..حانة.. متجر كتب.. متجر لي الأدوات مستعملة...
لكنها بدت غير مهتمة وقالت :لم أتى هنا للسياحة...
أكملت قائلة : بالمناسبة لم نتعرف...ادعي لوليا وانت؟! مدت يدها مصافحة
: وانيا انوشكا بارتيكوف...
صافحتها بمجاملة، لم تخبرها حتى في اسمها العائلي، يال غرابة هذه الفتاة..
:هل اسمك وانيا انوشكا!!!
الجزء الأصعب من كل مصافحة شخص، هذا ما يجعلها تبتعد عن مصافحة الغرباء دوما..
:نعم هدية من الله حلوة المذاق...
:اسم رائع.. والدك أو والدتك من اقترح هذا؟!
لم ترغب في قول قصة حقيقة، بدا لها سخيفا، أن يكون تسميتها لا معنى له حتى قالت : والدتي من اقترحته، اسم والدتها وجدتها...
بلعت ريقها على كذبتها، تلك المرة الأولى التي تكذب بها حرفيا..
: بالتأكيد تملك حس رائعاً.. والدي من اختاري هذا الاسم لي.. معناه (وردة ربيع ) أكملت : أنه اسم عادي لو كان لدي اسما مثلك لسعدت جدا!!!
تنفست صعداء وهي ترى إقبال اول تلاميذ من ثم البقية، صمت الحديث بينهم حيث الفتاة ركزت جدياً على الطلاب، بدأت في إعطاء الملاحظات تلو الأخرى عنهم، قد بدا لها انها فتاة ثرثارة تعلق مع نفسها، فكل حين تظن أنها تتحدث إليها لي تكتشف أنها تتحدث مع نفسها، لكنها كانت لطيفة بنسبة إلى غريبة في يومها الأول،
نظرت لها عند سماع اسمها
: لماذا البعض ينظر لي باستغراب..
توقعت حرفيا ذلك السؤال، هي من رأت بنفسها فضول طلاب حولها، كانوا يملكون نفس فضولها قبل قليل مازالت فضولية حولها، لكن طبيعتها تمنعها من طرح المزيد من الأسئلة..
: في هذه البلدة من نادر رؤية شخص جديد.. فما بالك لو كانت طالبة.. الجميع هنا يعرفون بعضهم منذ الابتدائية.. لا يوجد اي طالب جديد هنا..
:إذا عائلة واحدة الجميع يعرف البعض!!
لم تعلق على تعليقها،رغم أنه يحمل من معنى العميق، جميع عائلة يعرفون بعضهم البعض لكن هي ليست جزء من هذه العائلة، فوالدها شخص خارج حدود تلك العوائل والمدينة، أنطوائي، يكره الناس، مزعج، تلك السمعة السيئة التي كونها اعطي لهم بعض من النفور ناحيتها أيضا، وهي نشأت دون أي تعليم يذكر بالآداب والمجاملة أو حسن الجلوس.. هي ببساطة لا يوجد لها عالم داخل مدرسة ولا خارجها.. لم تحاول اقتحام حتى تلك العائلة..
قطع رن الجرس المدرسة أفكارها .. نهضت للداخل، تفاجأت وهي ترى تلك فتاة تتبعها بحياء، فتحت درجها حملت كتاب الرياضيات، نظرت للفتاة مرة أخرى وهي تتأمل المكان والممر بعدم استحسان.. ابتعدت عنها، لكن الفتاة مسكت يدها بلطف قالت بتهذيب : اين غرفة المديرة.. ارجوك فلترينني اياها...
قادتها نحو غرفة المديرة، عرفتها على جزء من ممرات مدرسة وغرفة الممرضة والإدارة عادت نحو الصف.. من جيد أن الأستاذ لم يدخل بعد، جلست في مقعد ثاني وباشرت في حل بعض تمارين، فهي تعلم أن الأستاذ مور يملك من حساسية تجاه الغائبين من حصصه الكثير من الحساسية، لا ترغب في صدام مع شخص مثله
...............نهاية فصل ثالث
أنت تقرأ
دخول الجنة
Roman d'amourبعد حياة مملة كئيبة تصتدم وانيا بارتيكوف، بمشاعر غير مفهومة هل هي ابوية أو إعجاب أو حب ناحية والد صديقتها المقربة (ليونيد ناريسوفيتش)، في خضم كل هذا نكشف الأسرار والمفاجأت متعلقة بحياة الجميع... الفصول كل اثنين