الفصل الاول

1.4K 21 4
                                    

الفصل الاول

ركضت بعيدًا وعينيها متحجرة بلؤلؤتيها اللامعتين الظاهرتين بسبب كتمانها لدموعها ، لا تسمح ابدًا لهما بالسقوط تحت أي ظرف ممكن ، لا طالما اعتاد الجميع علي قوتها ، حتي إذا كان الأمر يفوق قدرة تحملها ، لن يهتم احدًا لذلك ، تلك الصغيرة التي تبلغ من العمر سابعة عشر عامًا ، لم تحصل علي اي شئ في حياتها فقط الذل من تلك العائلة المريضة

بدأت خطواتها في الإبطاء ما أن شعرت بالتعب جراء ركضها لفترة طويلة للغاية ، حتي ابتعدت عن ذلك البيت ، لفت انتباهها زقاق مظلم للغاية ، لا يبدو أن به أي روح من أي نوع ، ظلت تلتفت حولها قليلًا حتي تتأكد إذا كان هنالك احدًا ينظر لها ، لكنها لم تجد ، اندفعت للداخل دون أن تفكر في أي شئ ، جلست كقرفصاء علي الارض ، خافية وجهها بين ركبتيها بينما ترتعش بشدة بسبب البرد القارص الذي تشعر به حاولت ان تقوم بتدفئة جسدها ولو قليلًا لكن لا فائدة رحل ذهنها بعيدًا متذكرة تلك اللحظات الاليمة التي مرت عليها قبل لحظات

كانت تنظف المنزل كعادتها فكم تبغض تلك السيدة المسماة بوالدتها ، لا تعلم حقًا لما تعاملها وكأنها جارية لديها ، رغم تعاملها اللطيف مع باقي أفراد عائلتها ، تنهدت بشدة فهي تشعر بالتعب الشديد ، أنها تستمر في التنظيف منذ ساعات وكلما شارفت علي الانتهاء ، اقتربت منها تلك اللعينة قائلة أن المنزل ليس نظيف فلتعيد التنظيف مرة أخري ، كم تبغضها وتبغض تلك العائلة بأكملها ، لكنها لا تستطيع الرحيل ، فليس لديها مأوي غيرهم ، لا يقدمون لها سوي مكان رث لتنام به ملئ بالغبار ولا يمكنها تنظيفه ، وبعض فتيفات الطعام التي لا تستطيع أن تشبع أحدًا ، لكنها تحتاج إليهم ففي النهاية لا يمكنها العيش دونهما

حاولت أن تنسي تلك الآلام بينما تركز فيما تفعله وتدندن أحدي الاغاني التي سمعتها من قبل من شقيقتها الصغري وهي الطف شخص في تلك العائلة ، لكنها دائما ما تعد للتوبيخ بسبب مساعدتها لها وبسبب قلق الاخري عليها ، اسرعت تخبرها أن لا تتحدث معها مجددًا ، لا ترغب أبدًا في أن يتكرر ما يحدث لها لتلك الفتاة الصغيرة اللطيفة

سمعت بعض الهمهمات في الخارج والتي توضح بشدة انه صوت من تدعوها بوالدتها مع والدها الذي لم يفرق عنها كثير ، بل كان اسوء منها حتي في تعامله معها ، أبتسامة ساخرة ارتسمت علي وجهها عندما تذكرت غضبهم إذا قامت بمنادتهم بأبي وأمي ، وكأنهما ليس والداها الحقيقيين فهم يهرعون وقتها لنهرها عن تلك الكلمتان وكأنها تقوم بسبهم بأفظع الألفاظ ، انقبض قلبها بشدة عندما توقفا كلاهما عن الحديث وتم فتح الباب بقوة ، رمقتهم بنظرات قلقة وشعور داخلها يؤكد أن ما سيحدث الان ليس جيدًا إطلاقًا ، تحدثت بصوت مهتز نتيجة لخوفها الحالي رغم كونها حاولت إخفاءه قدر المستطاع وقد نجحت تقريبًا : هل تحتاجون إلي أي شئ يمكنني فعله

نظر كلاهما إلي بعضهما البعض بنظرات غريبة ، لتنقل والدتها أنظارها نحوها بجمود ، متحدثة بلهجة قاسية : اذهبي إلي الخارج يا تغريد ، وإياكي أن تعودي إلي هنا مجددًا ، لقد قمنا بالتحمل كثيرًا رغم عدم تقبل أيًا منًا لوجودكي هنا ، لقد مللنا حقًا وقد تحملنا وجودك سبعة عشر عامًا هذا يكفي ، إلي الخارج

ظلام قلب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن