23

3.2K 73 15
                                    

لحظات مرّت تجلسن مقابل بعضهن دون حديث... تنتظر بتول بقلق أن تتحدث، بينما إيمان تجمع شتات نفسها قبل الحديث...

قطعت بتول الصمت قائلة و هي تنظر ل عبدالله النائم ب أحضانها، نظرات حب و حنين صادقين، و طريقة كي تحثها على الحديث:

_عبدالله عامل إيه دلوقتي؟

و هنا اتخذتها إيمان فرصة و مستغلة حديثها و أجابت و قد ارتسمت ابتسامة باهتة على وجهها:

_الحمد لله... و شكرا ليكِ...طلعتي برده أحسن مني...

تنهدت بتول و قالت و قد شعرت أن الجملة الأخيرة قالتها بنية خفية:

_أنا معملتش حاجة... و لا أنا أحسن من حد...

لحظة صمت أخرى حلّت بعدها قطعته إيمان مقررة الحديث بما يجول بخاطرها علها ترتاح أو تصل لأي نتيجة سواء جيدة أو سيئة معها، فقد تبخر من عقلها كل ما كانت تحضره سابقا:

_دايما بالنسبة له انتِ الأحسن...الأجمل في عنيه...دايما قلبه ليكِ انتِ...لا، كل حاجة... ليكِ...تعرفي! طول مانتِ بعيدة هو تقريبا ماكنش عايش... دايما انتِ عنده و ليه غير الكل....

صمتت تأخذ انفاسها فقد بدأت دموعوها تسير على وجنتيها و بعدها اردفت:

_مانكرش إنه دايما بيراضيني...بيعدل بيني و بينك... بيحترمني و يقدرني و بيقدملي الود و الاهتمام اللي أي واحدة تتمناه من جوزها... و عارفة إنه بيبذل مجهود جبار عشان ماحسش بفرق و إنه بيحبني زيك...

سكتت مرة أخرى للحظة و أكملت بصوت مهزوز و قد رفعت نظرها لمن تجلس امامها و الدموع تتلألأ بمقلتيها:

_تعرفي! اتمنيت أكون انتِ...بنفس ظروفك... معنديش مشكلة أكون مش بخلف بس يكون كل حاجة و هو بالذات يكون ليا... قلبه و روحه ليا... زيك... عينه اللي بدور عليكِ بلهفة... تصرفاته... كل حاجة؛ و أكون مكانك... أنا بحبه أوي يا بتول... مافيش راجل في قلبي و عيني غيره... استحملت حاجات كتير بس يكون جنبي....

سكتت و هذه المرة قد اجهشت بالبكاء متشبثة بطفلها، و هذه المرة أيضا من قطع الصمت كانت بتول التي بدأت تبكي هي الأخرى :

_تعرفي انتِ بقا إنك أنانية! و مابتحمديش ربك على اللي عندك!... أنتِ لو شوفتيها من زاوية تانية هاتعرفي إنك انتِ اللي عندك حاجات كتيرة مش عندي انا...أنتِ عندك باباكِ و أخوات سند ليكِ و دايما...عندك طفل... و تقدري تخلفي... و عندك زوج زي ما بتقولي بيعمل عاشانك كل دا... أنا بقا معنديش غيره...
**************
لم يتحدثا معا منذ آخر مرة...بل تتحاشى اثنينتهن حتى اللقاء بالاعين...الأمور هادئة...

كلتاهما أصبحت تفهم أكثر مشاعر الآخرى و موقفها، خاصةً إيمان التي من وقتها ترى بتول بنظرة أخرى و فهمت كم كانت هي الأكثر أنانية بالفعل بينهما. أصبحت ترى النعم التي ليست عندها و بالفعل فهمت أخيراً أنها لديها ما ليس عند الأخرى و كانت تتمناه، و حمدت ربها عليه.

بنت الجيران(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن