الفصل الرابع

892 92 29
                                    

قبل البدء في القراءة :
صلوا على شفيعكم يوم القيامة 💙
رجاء لا تدعوا قراءة هذه الرواية تسهيكم عن صلواتكم و عباداتكم 💜
رجاء الدعاء لجدتي و جدي بالرحمة والمغفرة 💖
فوت قبل القراءة يا ريت 😊💙
**************************************
نظر لولو لما يحدث فى الشارع بصدمة ، و كذلك فعل يونس ، مريم ، نداء ، خولة و جميع اهل العزبة ، فبعد سماع الجميع صوت هذا الإرتطام العنيف توجه الجميع إلى الشرفة ليروا ما يحدث ، و خاصة يونس الذى اصيب بالفزع بسبب صرخة شقيقته دينا التى صدحت فى الأجواء ، حدق يونس فى الشارع بأنفاس متسارعة لكن سرعان ما تنفس الصعداء و هدأ من روعه و هو يرى أخته بخير و سلامة .
بينما خولة اخذت تشد ذراع يونس ليهتم لحديثها ، فالتفت إليها سريعا ، و قبل أن تتحدث قال يونس بلا مبالاة :
- عارف ، عارف ... الحمد لله إنها كويسة ، حنزل أسلك بقا .
بينما صدح صوت صراخ الطفل الذى تقوم دنيا بشد شعره بغل شديد ، لينظر لها يونس من الشرفة قائلا بخنق :
- سيبي الواد يا هبلة انتى ، مش كل يوم خناقة مع عيل شكل ، دى شهد نفسها معملتش عمايلك دى .
و سريعا ذهب الى باب المنزل و هبط درجات السلم و هو يزفر بضيق من ما تفعله اخته ، فهى ليست صغيرة لتتشاجر مع ابناء الجيران ! .
وصل يونس إلى الشارع و ذهب حيث تقف دنيا و هى تصرخ فى الطفل بهستيرية و تقوم بتعنيفه ، ليقف يونس أمامها قائلا و هو يرمقها بنظرة محذرة :
- اطلعى فوق .
- لا مش طالعة ، مش هسيبه المعفن دة ، دة انا كنت ماشية فى الشارع بالتليفزيون الجديد اللى انت لسة جايبه عشان ابيعه ، قوم بقا ايه ، الواد دة خبط فيا و وقع التليفزيون من ايدى و اتدشدش ميت حتة ...
رمقها يونس بصدمة حقيقية ثم نظر للطفل الخائف بحنان ، ثم قام بتقبيل خده و قال بلين :
- فداك يا حبيبى ، بس ابقى خلى بالك و انت ماشى بعد كدة عشان لا قدر الله متتأذيش .
أومأ له الطفل بطاعة و قال بود :
- حاضر يا عمو ، اوعدك هخلى بالى بعد كدة ...
ثم صمت قليلا و قال بابتسامة حزينة :
- و اذا كان على التليفزيون فقولى هو بكام و انا ححوش اليومية بتاعتى اللى الاسطا بيديهالى و هديك تمنه ، و كمان عشان الآنسة متزعلش .
نظر له يونس بشفقة و سأله :
- انت ابن مين يا حبيبى ؟ .
- لا ... انا يتيم .
ليربت يونس على ظهره بحنان و قلبه يعتصر حزنا على حال هذا الطفل الذى تذوق مر الدنيا باكرا ، و قال بود :
- لو عوزت اى حاجة تعلالى و انا مش حتأخر عليك بإذن الله .
ابتسم له الطفل ابتسامة ممتنة ثم رحل بهدوء .
وجه يونس انظاره الى دنيا فوجدها تنظر ارضا بخجل ، قال لها يونس بحزم و غضب دفين :
- اطلعى فوق يا دينا .
قالت دنيا بتلعثم و خجل :
- يونس انا ...
ليقاطعها يونس قائلا بنبرة غامضة :
- نتكلم فوق ... اطلعى دلوقتى .
صعدت دنيا الدرج و هى تلوم نفسها عن ما فعلته .
صعد يونس خلفها و هو يحاول ان يكبح غضبه ، فمهما فعلت هو ليس بالأخ الذى يغضب عليها و يؤذيها ، بل هو كما يعرفونه دائما ، ان غضب يعاتب ، يتعامل مع المشاكل و التصرفات التى لا تعجبه منهن بتفهم و حكمة ، يعطيهن نصيحة طيبة و نافعة ليذهبن نحو الافضل و الصحيح دائما .
وصلوا إلى المنزل فأغلق يونس الباب بهدوء ، ثم نظر إلى دنيا الواقفة امامه ينتظر منها تفسيرا لما حدث ، اخذت دنيا نفسا عميقا ثم اخرجته دفعة واحدة و قالت :
- اتعصبت يا يونس ، عارفة ان انا غلطانة بس التليفزيون كان غالى و انت تعبت كتير عشان تعرف تجيبه ...
ليقول يونس بغضب :
- و هو دة مبرر لإنك تصرخى فى نص الشارع و تخلى الناس كلها تتلم عليكِ ؟ ، يعنى لمجرد انك اتعصبتى تقعدى تزعقى لعيل صغير ربنا وحده عالم بظروفه بالشكل دة فى الشارع ؟! ، الولد مكانش قصده و اعتذر لدرجة انه قال انه حيحوش و يشترى غيره ، الولد يتيم و بيشتغل عشان يعيش ، تقومى انتِ بمنتهى البساطة تضرخى فيه فى نص الشارع و تحسسيه بالذنب و الاحراج ، انتِ ازاى اصلا تعملى كدة مع اى حد ؟ ، احنا ربيناكِ على كدة ؟ ، ابوكِ الله يرحمه رباكِ كدة ؟ ، انا عارف قصدك و انك مش قصدك كل دة و الموضوع طلع تلقائى منك ، لكن غيرى مش عارف ، كدة الناس حتاخد عنك فكرة وحشة ، حيقولوا قليلة الادب و بتزعق فى الشارع ، انتِ اكتر واحدة عارفة انى ميهمنيش كلام الناس فى حاجة ، انا بس بقول كدة عشانك انتِ ، عشان ميقولوش كلام يزعلك و يدايقك ، عشان ميجرحوكيش و يأذوكي بالكلام ... فهمانى يا دينا ؟ .
قال آخر كلماته بهدوء و حنان ، لتنظر له دينا بدموع و قالت :
- فاهمة يا يونس ، حاضر ... مش هعمل كدة تاني ... انا آسفة .
ذهب يونس حيث تقف و ضمها لأحضانه بحنان ، لتبعده دنيا بتذمر و هى تقول :
- و على فكرة ، اسمى دنيا مش دينا ...
ضحك يونس عليها و قال و هو مستمتع بإغاظتها :
- طب يا دينا يا دينا يا دينا هه .
نظرت له دينا بتذمر ليقول يونس بتساؤل و جدية مضحكة :
- كنت عايز اسألك سؤال كدة ...
- عايز تسأل عن ايه ، قول .
قال يونس بسخرية :
- روحتى تبيعي التليفزيون ليه ؟ ، هو كان اشتكالك ؟ ، ما تسيبيه متلقح زي ما هو ، لازم تتفزلكي يعني ؟ .
قالت دينا بتذمر من سخريته :
- ما هو مكانش شغال ، و مفيش حد هنا بيصلح تليفيزيونات ، كنت اعمل ايه يعني ؟ .
نظر لها يونس و هو يبتسم بنفاذ صبر :
- و هو حيتهبب يشتغل ازاى معلش ؟ .
نظرت له دينا بغباء و سألته :
- يعنى ايه ؟ ، عيب يشتغل يعنى ؟ ، ولا يكونشي بيتكسف يشتغل قدام حد ؟ .
- فيه ان الزفت الكهربا اتقطعت عننا عشان شركة الكهرباء في المحافظة و احنا اتهببنا انفصلنا عنها و عايشين بقالنا يومين على الشموع ، و مش عارفين حنعيش ازاى عشان معندناش ماية و لا غاز ، و لا حتى اكل كفاية ، و شكلنا كدة و الله اعلم هنشرب من البحر ... و دة مش مثل لا ، دة هيبقى واقع .
قالت دنيا متسائلة :
- هى ماية البحر طعمها وحش يعنى ؟ ، ما نشرب منها عادى ، طب ما هى الماية اللى بتنزل من الحنفية جاية من البحر بردو .
ليجيبها يونس و هو يفتح باب المنزل للذهاب الى المعلم لولو :
- التانى اسمه نهر النيل يختى ، و انتِ تشربى ماية مالحة ليه يعنى ؟ ، انتوا كلكم كدة حاسس انكم حالفين تشلونى .

عزبة لولوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن