الفصل الخامس

714 85 41
                                    

صلوا على النبي صلى الله عليه و سلم .
لا تدعوا قراءة هذه الرواية تسهيكم عن صلواتكم و عباداتكم ...

........................................................................

- اصبروا عليا بس و كله حياخد .
كانت هذه الكلمات تنطلق من فم حموكشة لأهل العزبة الذين يتزاحمون على المحل المخصص للتموين الذي خصصه لولو لحموكشة ، فهو الآن ليس وزير التموين فقط ، بل هو ايضا القائم على توزيعه للأهالى .
قالت إحدى السيدات بتساؤل :
- ازازة الزيت بكام يبني ؟ .
أجابها حموكشة بجدية :
- لا يا حاجة كله ببلاش ، دي أوامر المعلم ، مفيش حد بعد اللي حصل بقا حيلته حاجة عشان يدفع للتموين ، و ثلاجات البيوت فاضية و محدش كان عامل حسابه على اللى حصل .
ثم بدأ بمناداة أسماء اهالي العزبة ، صدح صوته في المكان و هو ينادي قائلا :
- الحاجة سعاد تيجي عشان تاخد التموين .
لتركض سعاد و تتقدم للصفوف الأمامية سريعا ، نادى حموكشة على الصبي الذي يساعده :
- انت ياض ... هات الحاجة بتاعة ام حنان من عندك .
ليومئ الصبي بالإيجاب و يناوله كيسا بلاستيكيا ، نظر حموكشة لأم حنان ببسمة و اعطاها الكيس و هو يقول لها بمكر :
- لو عجبك السكر ابقي تعاليلي و اديلك تاني .
لم تفهم سعاد مقصده لكنها دعت له قائلة :
- ربنا ينور طريقك و يصلح حالك و يقربلك ولاد الحلال و يبعد عنك ولاد الحرام ، و يبعد عنك الحرامية و المجرمين و المدمنين قادر يا كريم .
ليوقفها حموكشة عن إكمال حديثها و هو يقول بفزع :
- انتِ كدة بتدعي عليا يا حاجة ، متقطعيش عيشي بالله عليكِ ! .
لم تفهم سعاد مقصده للمرة الثانية و انسحبت للخلف ثم اتجهت إلي منزلها .
بينما أكمل حموكشة النداء و هو يقول :
- آدم ييجي عشان ياخد التموين .
ليسأل أهل العزبة في صوت واحد :
- انهي آدم بالظبط ؟ .
لينظر لهم حموكشة بسخرية و هو يقول :
- مش لو كنتم بطلتوا نحنحة و انتوا شباب و حوار أبو آدم و أم آدم و القرف دة كان زمان فيه تنوع فى الأسماء و كنتوا عرفتوا مين آدم ؟! .
نظر له أهل العزبة بملل ، و قال احدهم :
- أيوة آدم مين بردو ؟ .
ليقول حموكشة بخنق :
- آدم ابن الحاج محمود الله يرحمه ، صبى القهوة .
تقدم آدم بهدوء و وقف امام حموكشة بابتسامة لطيفة ، لينظر حموكشة اليه بخبث و هو يأمر الفتى الذي يساعده :
- خليهم تلت كياس سكر مش اتنين ياض .
- أمرك يا كبير .
ثم أحضر له الكيس فناوله حموكشة لآدم ببسمة ماكرة و هو يقول له :
- بالهنا و الشفا على قلبك ، ابقى قولى لو السكر عجبك عشان دة انتاج جديد ... و انا حتصرفلك و اديك تاني ، هو احنا عندنا كام آدم .
ليشكره آدم بلطف و يعود إلى منزله .
تكرر الوضع مع جميع أهل العزبة و هم يظنون أن كل هذا من كرم حموكشة ليس إلا .
بينما أحضر يونس التموين و وضعه بجانب باب الشقة و هو يحذر أخواته قائلا :
- اوعوا حد ييجي جنبه لحد ما نتأكد إذا كان تموين ولا لا .
قالت رفيدة بتذمر :
- ايه المبالغة دي يا ابيه ؟ ، ما هو تموين زي اي تموين ... زيت و سكر و رز و دقيق و كدة ، ليه كل دة يعني ؟ .
قالت خولة مؤيدة حديث اختها :
- صح يا يونس ، كل دة على حتة تموين ؟ ، اومال انت جايبه ليه اصلا طالما مش حنستعمله ولا حنيجي جنبه ؟! .
ليتأفف يونس و هو يقول معللا موقفه :
- و مين قال مش حنستخدمه ؟ ، حنستخدمه طبعا بس مش دلوقتي ، لما حد من العزبة يجرب الاول و نشوفه سليم ولا لا .
نظرت له ولاء بسخرية ، و ما كادت تتحدث حتى سمعوا صوت ضحكات عالية تأتي من الشارع مما أثار شكوك يونس ... فالساعة الآن الواحدة صباحًا ، أي ان الجميع الآن نيام أو يستعدون للنوم ، فمن الذي يتواجد في الشارع بهذا الوقت ؟! ، بل و يضحك بارتفاع هكذا !! .
ثوانٍ و ارتفع صوت هذا الشخص يغني قائلًا من بين ضحكاته :
• انتِ بسكوتاية مقرمشة •
• يا بت دة انتِ قطة مخربشة •
• أموت فيكِ و انتِ مفرفشة ، منعنشة •
ثم علت ضحكات هذا الشخص مجددًا .
انتبه يونس إلى الصوت يحاول معرفة صاحبه ، ثم قال بحيرة :
- انا حاسس إني سمعت الصوت دة قبل كدة ...
ليطرق السمع اكثر و هو يخبر أخواته أن لا يحدثوا صوت ، انطلقت الضحكات و الأغنيات من جديد ، و الآن فقط علم يونس صاحب الصوت ، فتح عينيه على وسعهما و ردد بعدم تصديق :
- آدم ! .
بينما في الشارع كان آدم يسير بغير هدى ، يضحك و يغني بهستيرية ولا يستطيع التوقف .
فجأة وجد أمامه منة التي هبطت إلى الشارع بمجرد سماع صوته ، فقد أقلق نومتها .
نظرت له منة بتعجب و قالت :
- آدم ! ، فيه ايه مالك ؟ ، انت بتعمل كدة ليه ؟! .
لم يجبها آدم ، أو بالأحرى لم يستطع أن يجيبها من كثرة ضحكاته ، بينما نظرت هى حولها بإحراج و هي تهمس لآدم  :
- آدم بطَّل بقا ، ايه اللى انت بتعمله دة ؟ ، انت كويس ؟ ، الناس حتصحى من صوتك يا آدم ، فيه ايه ؟ .
هبط يونس من شقته و اتجه إلى آدم الذي أخذ يغني و يرقص بحركات غريبة و سريعة ...
نظر له يونس و هو يكتم ضحكاته بصعوبة على ما يفعله ، ثم قال موجهًا حديثه لمنة :
- هو ماله الأخ دة ؟ .
نظرت له منة بعدم معرفة و قالت :
- معرفش ، انا لسة جاية زيي زيك و مش فاهمة حاجة .
خطر شئ ما في عقل يونس ، فسأل آدم بشك و هو يصفعه برفق كي ينتبه له :
- آدم ، بص حسألك على حاجة دلوقتي تمام ؟ .
أومأ آدم بالإيجاب و هو يضحك بقوة ، فسأله يونس :
- ايه آخر حاجة اكلتها أو شربتها قبل ما تنزل من البيت ؟ .
قال آدم بصعوبة و هو يضحك :
- كي ... كيكة ، كلت كيكة ، كان..ت حلوة او...ى ، فكرتني بالبت من...ة ، كانت حل..وة اوى شبهها .
أحمرت وجنتي منة بخجل على مغازلته لها حتى و هو غير واعٍ لما يقول ، لكنها تنحنحت و سألت يونس :
- هو ماله يا يونس ؟ .
أجاب يونس بجدية مضحكة :
- لا ولا حاجة ، دة بس عامل دماغ كيكة ...
نظرت له منة بعدم فهم ، ليقول موضحًا :
- يعني ضارب كيكة .
قالت له منة بتساؤل :
- و ايه يعني ؟ ، هي الكيكة غلط ولا حرام ؟! .
- لا دة مش من الكيكة ، قصدي دة من اللى جوة الكيكة ... يعني دقيق ، زيت ، سكر ... كدة .
قالت منة بتذكر :
- ايوة صح ... السكر .
نظر لها يونس بتساؤل ينتظر توضيحًا لتقول منة :
- دة حموكشة فضل يدي لكل واحد اكياس سكر زيادة و يصر انهم ييجوا تاني لو عجبهم ، و ام حنان الصبح داقت من السكر دة و عملت شبه آدم كدة بردو ، لحد ما اغم عليها و فوقناها بالعافية .
أخذ يونس يسب و يلعن حموكشة في سره ، لا يعلم كيف سيتصرف و يمنع اهل العزبة من تذوق هذا ال ... ال... سكر ! .

عزبة لولوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن