أَزْرَقُ مُنْتَصَفِ اللَّيلْ /Midnight Blue

Part1:ْالظلامْ والشيطان

‎عَانَقَهَا الْظَلَامْ الْبَارِدْ وَهَيَ تَحْتَرِقْ ،فَاتَخَذَتْهُ مَوْطِنًا لَهَا ...
00:00 Mosco
‎غرفة مظلمة لايوجد أي أثر للضوء داخلها فكل منابعه محجوبة ...  وذلك لقيام صاحبة هذه الغرفة بطقوسها الغريبة المعتادة كلما شعرت بأن روحها تحترق ...فهي الآن مستلقية على الأرضية الرخامية الباردة تحدق في السقف الضخم المزين بالرسومات القديمة بينما تستمع إلى ألحان الموسيقى الدافئة ....
‎إنها أسيليا ألوبيتسيا تيمونتا إبنة  أحد أعرق العائلات الأرستقراطية بروسيا...عائلة بتاريخ مكتوب بحبر النجاحات والإنجازات .... عائلة مثالية أخرى من الطبقة المخملية ...
أو هذا ماتبدوا عليه للوهلة الأولى  ...فلايجب أن ننسى مهما كان ما نراه من الخارج جميلا ورائعا  فنحن لا يمكننا رؤية ما إذا كان الداخل كذلك أيضا   ...
فهذه العائلة المثالية ليست سوى عبارة عن مستنقع  عميق مقزز ...إنها جحيم مؤلم ....وقاتل لعين ....إنها شبح مشؤوم دمر روح فتاة صغيرة ...ومزق أحلامها الطفولية الودرية إلى أشلاء....لقد إقتلعوا  كل جميل بداخلها ...لم يتركوا لها سوى الظلام ...
الظلام الدامس ....
ذلك الظلام هو آخر ماتبقى لها هو الشيء الوحيد الذي يخفف من شدة إحتراقها ...الوحيد الذي يربت على كتفها ويمسح على رأسها بظلاله المتجمدة....بعد أن باعت روحها للشيطان ...
______________________
‎الخامسة صباحا...
بدأت الطبيعة تستيقظ ...الشمس تمدد خصلاتها الذهبية على الأرض والسماء ترتدي حلتها الزرقاء المزينة بالغيوم ..ملامح الأشجار والأزهار والجبال بدأت تتضح...العصافير تطلق ألحانها العذبة ....والحياة ترقص على أنغام الجمال ..
وبين كل هذا الهدوء ...كانت لاتزال هي مستيقظة تستمر في مصارعة أفكارها اللامتناهية كعادتها منذ سنوات...
حتى أفاقها من شرودها  صوت رنين هاتفها  فحدقت به لوهلة  دون أي ردة فعل تذكر ثم أجابت :"ماذا هناك كلود؟"
فرد عليها الآخر فورا: " لقد رصدنا حركة مشبوهة للآنسة سيليا يرجى توخي الحذر "
لقد فهمت مايقصده كلود ولم تتفاجئ بما تليَّ على مسامعها للتو فقد أصبح  عبارة عن روتين يومي في حياتها كغسل وجهها عند الإستيقاظ من النوم ....لذا قطعت الإتصال دون أن تجيب الآخر الذي بدوره فهم أنها ستتعامل مع الأمور كعادتها ....
ثم استقامت من مكانها متوجهة للحمام تفتح صنبور المياه البارد كي تسقي روحها الجافة وتخفف من آثار الصداع الذي خلفه صراع عقلها أمس ....
وبعد مرور ساعتين  وهي داخل الحمام تتخلص من آثار حربها  خرجت مرتدية قميصا نبيذي اللون ....وبنطالا من الجلد ذو لون أسود ...وكعب بنفس لون قميصها .. لتتجه بعدها إلى وكر الثعابين ...
عفوا أقصد قاعة الطعام .....
وفي هذه  الأثناء بينما هي تسير في طريقها بين أروقة القصر الطويلة نحو القاعة ....كانت سيليا في الأسفل تكمل آخر اللمسات على خطتها الحمقاء ...تنتظر وصول أختها الكبرى ...متأملة أن تنجح خطتها هذه المرة ..فعادة ماتبوء خططها  بالفشل ...
وماهي إلا ثوان معدودة حتى أصبح طرق كعب أسيليا مسموعا داخل القاعة ...فقابلها وجه والديها المتهجم ....ونظرات أختها التي تكاد
تخترق جسدها من حدتها وإمتلائها بالحقد والكراهية ...لكنها لم تأبه لهم فهم ليسوا سوى مجرد دمى  ستتخلص منهم عما قريب...