Part15:رَحِيلْ

188 13 14
                                    

مَوْقِفٌ وَاحِد يَقْلِبُ حَيَاةً كَامِلَة ...
______________________
في أجواء الليل الباردة ...والسماء الحالكة ...وعلى أنغام الموسيقى الهادئة...يتمايل ذلك القلم الأسود على صفحات الورق الناعمة ...بأمر من صاحبة تلك الأنامل الثلجية ...ليترك في النهاية لوحة فنية مرسومة بأحرف تفيض شوقا وهياما لمحبوبها ...أحرف تنزف ألما لرحيلها عن ملجئها...لرحيلها عن مالك قلبها الوحيد ...

لقد تذوقت طعم الفقد مراتٍ عديدة.. لكن هذه المرة كان طعمه مريرا للغاية ...فقد فقدت ذلك الصغير البريء الذي جعلها تنسى مدى بشاعة العالم ببرائته ...وفقدت الحضن الدافئ الذي أزال عنها تعب السنين ...
أحدهما غادر الحياة والآخر غادرته هي ...

شعورها بالذنب لما حدث يقتلها في كل ثانية يعبر فيها الهواء داخل رئيتها ...لو أنها فقط هي من ماتت في ذلك اليوم ... لو أنها لم تجري تلك المكالمة ...لو أنها فقط لم تدخل حياتهم ...

منذ أشهر طويلة وهي سجينة بين شباك الشعور بالذنب والحزن والإشتياق والحنين ...بعدما حبست نفسها بداخل منزل في عمق الغابة بعيدا عن البشر وضجيجهم ... لاتعلم شيئا عن أحد ولا يعلم أحد شيئا عنها بإستثناء كلود الذي يزورها كل يوم من أجل أن يطمئن على صحتها التي تدهورت بشكل سيء خلال هذه المدة ...

فهي عادت لتكون عبارة عن جسد بلا روح ...بكل ماتحمله الكلمة من معنى...عندما يحادثها كلود لا تجيبه أبدا ...وعندما يخبرها عن لوكا تذهب إلى غرفتها وتوصد الباب خلفها ...حتى أنه أصبح يشعر أنه يتعامل مع شبح ...أسيليا لم تعد أسيليا التي يعرفها ...تلك الفتاة التي لم تستسلم رغم كل الصفعات التي قدمتها الحياة لها ... لم يعد بمقدورها الوقوف مجددا كما كانت تفعل في كل مرة تسقط فيها ... إنتهت طاقتها ...إستهلكت كل عاطفتها ...لم تعد تلميذة معلمتها القوية...ففقدانها لعائلتها لمرات عديدة هدمها تماما ...
................................................................

_Flashback _
_قبل ثلاثةأشهر _

"متى سيعود أبي هذه المرة ؟.."
"سيعود بعد أسبوع لديه عمل عليه إتمامه خارج روسيا ..."

تجلس أسيليا على الأريكة وأندريه مستلق بحضنها يشاهدان فلما كرتونيا على التلفاز...بينما يتبادلان أطراف الحديث أو بالأحرى أندريه يسأل وأسيليا تجيبه ...فالأطفال في مثل هذا العمر فضوليون حول كل شيء ... كان أندريه سعيدا لإقتراب عودة والده وبدأ يضع خططا للأماكن التي يود زيارتها برفقت لوكا وأسيليا ...و لكن عكر هدوء جلستهم صوت رنين الهاتف ...حملت أسيليا هاتفها من أجل رؤية هوية المتصل لكن الرقم كان مجهول ... فأبتعدت عن أندريه قليلا ثم أجابت وقبل أن تنطق بكلمة واحدة أتاها صوت الطرف الآخر ...

أَزْرَقُ مُنْتَصَفِ اللَّيلْ /Midnight Blueحيث تعيش القصص. اكتشف الآن