تَتَرَاقَصُ أَرْوَحُهُماَ عَلَى أَلْحَانِ الحُبِ ....
فِي حِينِ يَتَراَقَصُ جَسَدَيْهِماَ عَلى أَلْحَانِ المُوسِيقَى..
Asilia&Luca...🫶🏻
----------------------
05:00 صباحًا
"كتبت مئات النصوص .. وجميعها كانت تصف نفس الأشياء تقريبا...ففي كل مرة أحمل فيها القلم أخط أحرفا جديدة بحبر مشاعر قديمة ...
وذلك لأنني لاأزال مسجونة داخل قفص الماضي المظلم ....
والذي حاولت الهرب منه مرات عديدة ...لكن الفشل كان يحتضن يدي ويجرني خلفه نحو زنزانتي مجددا ...
فرغم تمسكي باليابسة أجدها تدفعني دوما للغرق ....
خُطت هذه الأحرف على صفحات ذلك الدفتر ذو الغلاف الرمادي المزين برسمة لثعلب أسود ملطخ بالدماء ...
خُطت بمشاعر تلك الفتاة التي بنت من ضعفها ودمائها وظلامها حِصْنًا تختبئ خلفه ...
حصنا يمدها بالقوة لسحق من يتجرأ على محاولة لمس شعرة واحدة منها أو من أحبائها ...
فمن فقد شعور الأمان سيبقى خائفا إلى الأبد ...ومن تذوق طعم الخسارة لن يتناول بعدها سوى الفوز ...
"هل يمكننا التحدث قليلا ؟" صوت رجولي أتى من خلف الباب ...دق مسامع الأخرى قاطعا حبل أفكارها ....
نهضت من مكانها وهي تنبس بهدوء ...
"أنا قادمة إنتظرني في الأسفل.."
"سأكون في الحديقة .." أجابها الآخر بنفس النبرة وهو يبتعد عن الباب متجها نحو الأسفل ...
أوراق مبعثرة على العشب هنا وهناك يتوسطها ذلك الحاسوب المحمول الذي يجلس أمامه لوكا بملامحه الجامدة و شعره العسلي المبعثر وهو يضغط على بعض الأزرار ليظهر بعدها تقرير ما عن أحدهم ...
"ماهذا؟" سألته أسيليا وهي تقطب حاجبيها بتسائل عن سبب إستدعائه لها في هذا الوقت المبكر من الصباح ...وبملامحه هاته التي لاتبشر بالخير أبدا...فتعبيره المنزعج هذا حتما ليس بسبب الحقائق التي صفعتها في وجهه بالأمس ...بل بسبب آخر وعلى مايبدوا هو أمر متعلق بعبث أحدهم بنظام مملكته مجددا...
"هناك مزعج جديد يدعى أريان ...بدأ بالعبث معنا .. " أجابها لوكا ببرود ونظره لايزال مصوبا نحو شاشة الحاسوب ...
بينما هي تجمدت في مكانها وظهرت ملامح الإنزعاج والغضب على محياها ...وذلك بسبب ذلك الإسم الذي ذكره "أريان"...
"اللعنة .." أغلقت عينيها وهي تلعن هذا القدر الذي لايكف عن العبث معها ...ممسكة بخصلات شعرها المتمردة تشدها للخلف بيد وتعتصر قبضة يدها الأخرى بغضب ...
وهذا ماجعل منه يدير بصره ناحيتها مستغربا من ردة فعلها ليسألها ...
" ردة فعلك هذه تخبرني أنك تعرفينه ...هل أنا محق ..؟"
فتحت عينيها التي كان شرر الغضب يتطاير منهما... لتجيبه بنبرة منزعجة .."أجل ..."
مرر لوكا يده على رقبته بقوة وهو يزيح زرقاوتاه بعيدا عنها ....
وقد بدت عليه هو الآخر ملامح الإنزعاج ...فإجابتها بنبرتها وملامحها هاته ...تعني شيئا واحدا ...وهو أن هذا الأريان كان يعني لها شيئا ما في الماضي ...وهذا لايروق له أبدا ...مجرد التفكير في أنه قد يكون شخصا حملت أولاتزال تحمل له مشاعر ما ..يغضبه بشدة ...ولكنه لايستطيع أن يتسرع بما أنه لم يعرف المسألة منها بعد ...
"هل هذا شخص لاترغبين بتذكره أو مقابلته ؟" سألها مجددا وهو يعيد نظره للشاشة مُخفِيا بذلك ملامحه ...
"ماهي أوامرك ؟..."بنبرة هادئة بعد صمت دام لدقائق أجابته ولكن ليس على سؤاله ....فهي لاتريد الإجابة على ذلك السؤال ....فهذا الإسم كان من أحد الندبات العميقة التي بداخلها ...
"بما أنك تتهربين من سؤالي ..لاداعي لأن تفعلي أي شيء سأتولى الأمر بنفسي..."أجابها بنبرة جامدة وملامح خالية من المشاعر عكس ذلك الشعور الذي كان يزعزع داخله ...لينهض بعدها ويقف أمامها بجسده الضخم وطوله وهو يعدل بدلته ذات اللون البني الفاتح حاجبا بذلك عنها مايوجد خلفه أين كانت هي تهرب بنظرها عنه ...
وبعد إنتهائه من تعديل ياقته وتهدئة نفسه قليلا ...إقترب منها بحيث لم تبقى سوى مسافة ضئيلة تفصل بينهما ...ثم مرر يده على كتفها معدلا بذلك وضعية قميصها الذي كان يظهر جزءا من جسدها ....
" صمتك هذا أجابني على تسائلي ...ولكنني آسف ياناستيا حتى لو كان شخصا يهمك سأقتله ...فأنت تعلمين قوانيني ..وماهو مصير من يحاول العبث بنظامي ...."
ألقى جملته على مسامعها بنبرة تخللها تهديد صغير ...بأن لاتحاول العبث بالوصول إليه أولا أو محاولة حمايته ...فذلك سيكون سيئا للغاية لكلاهما ....فرغم أنه يكن لها الآن مشاعر أكثر من التقدير والإحترام بكثير ....إلا أن مبادئه تبقى قبل كل شيء ....فهو ليس مسؤولا عن حياته فقط بل عن حياة الملايين ....فإذا إختل توازن العالم السفلي ....سينهار العالم بأجمعه ...لأن الشر والظلام أيضا يحتاجان إلى مسير ينظمهما ...
فالعالم مبني على ركيزتين وكلتاهما تحتاجان لنظام تسيران عليه ....حذرها وغادر المكان ....لتسقط هي جاثية على ركبتيها بعد
تأكدها من رحيله تماما ...سقطت هي ودموعها معا ...فالألم الذي شعرت به الآن بعد سماع إسمه لايحتمل ....فمنذ قضية إختطاف أندريه ومعرفتها بعودته عملت على تشتيت نفسها عنه بكل الطرق ...ولكن يبدوا أن هذه الطرق تؤدي في النهاية إليه وإلى مواجهته ...
*********
"بدأت تحركات تايقر إذا؟ ...."أردف ذلك الشاب الذي يقف أمام تلك النافذة الضخمة يحدق بأعينه العسلية بما يوجد بالخارج ... ببذلته ذات اللون الأحمر القاتم الملتصقة بجسده مظهرة بذلك معالم عضلاته ...وشعره الأبيض الذي يصل إلى آخر عنقه ...
"نعم سيدي ... لقد إلتقط الطعم ...وجميع رجالنا متأهبون للخطوة التالية ..ولكن هناك شيء يخص الآنسة أسيليا أيضا " أجابه ذلك القابع خلفه بإحترام ...
"ماهو؟" سأله بسرعة وقد إرتسمت ملامح القلق على وجهه بعد سماع إسمها ...
" أحد رجالنا الموجودين في السجن سمع أن السيدة أنستازيا كانت تصرخ بهستيرية وتتهم الآنسة أسيليا بقتل زوجها وإبنتها ..." نبس الآخر مجددا وهو يشير للحراس الآخرين بالإنصراف ...
"إبحثوا في الأمر جيدا ... ثم قوموا بإرسال تقرير مفصل ..يمكنك الإنصراف الآن .."
بعد رحيل الآخر إستدار أريان ...ثم مد يده داخل سترته وأخرج منها صورة لأسيليا ...ثم همس بنبرة دافئة" آسف لقد أخلفت بوعدي لكِ ... ذلك الوعد اللعين الذي قطعته ....يوم وداعنا الأليم ...والذي أظنه كان أليما بالنسبة لي فقط...."لتسقط بعدها دمعة خائنة من عسليتاه اللتان كانتا تفيضان حبا ....لرؤيتها ....فأسيليا كانت ولازالت مهجة قلبه التي لم يسمح له القدر بالإجتماع بها ....
Flashback....
تسند يديها على التربة الرطبة ...معيدة ظهرها للخلف ...ونظرها موجه لزهور الليلك التي تحيط بها ...تستمتع بعطرها الساحر الذي أخد يداعب حواسها ..بينما خصلاتها الفحمية كانت ترقص مع الرياح ...
لقد كانت هذه اللحظة من إحدى اللحظات اللطيفة المليئة بهدوء الطبيعة الخالي من ثرثرات البشر وآلاتهم ..لحظة إنفراد للمرء بنفسه ...تخلصه من سم العالم قليلا ..وبعد لحظات من الإستمتاع بمعالم الطبيعة ...دوى صدى صرخة قوية في المكان جعل من العصافير والفراشات التي كانت تتجول هناك تطير بعيدا..
أنت تقرأ
أَزْرَقُ مُنْتَصَفِ اللَّيلْ /Midnight Blue
Romanceتحت ضوء القمر ، عند منتصف الليل ، وسط الرياح الباردة ، في مدينتي موسكو و كازان ، بينما تستمع بطلتنا أسيليا بقطف الحروف مشكلة منها باقات من النصوص المجروجة ... يستمتع بطلنا لوكا بلعبة الدماء ... كلاهما هائمان في اللاشيء ! كل منهما يحمل في طياته صفحا...