بقلم نهال عبد الواحد
«الجحيم هو الانتظار.»
-إدواردو غاليانو.نفس الجلوسة ونفس الانتظار، نفس القلق ونفس المخاوف، صمتٌ مخيّمًا لا يُسمع إلّا همهمات الأم نادية كلّما ناجت ربّها، صوت شهقاتٍ متقطّعة وصوت تقليب صفحات مصحفها مصحوبةً بهمهماتٍ أثناء تلاوتها لكلمات كتاب اللّه.
بعد مرور فترة من الوقت أغلقت مصفحها وطوته داخل حقيبتها، أخرجت هاتفها الذّكي ثمّ فتحته، تفقّدت مواقع التّواصل الاجتماعي حتى توقّفت متقلّصة الملامح أمام صورة كبيرة لعروسَين مبتسمَين ابتسامةً عريضة بملابس الزّفاف وحولها صور أصغر لنفس الزّوجَين في مشاهدٍ مختلفة أكثر حميمية مظهرةً التّودد المبالغ فيه، مع عنوانٍ كبير «عندما تكتمل قصص الحب».
بالطّبع لم تكن الصّور إلّا لكريم، الشّاب الوسيم الّذي عنّفته عندما جاء زائرًا إلى المستشفى، وهو بصحبة عروسه!
زفرت بحنق وتمتمت بضيق: لا أدري بماذا أدعو عليك أيّها الوغد! على أية حال أنت لا تعنينا، وستُقطع صفحة ذكراك من حياتنا للأبد، ولن أقول إلّا حسبي اللّه ونعم الوكيل وهو سيكفينا وسيشفي ابنتي ويردّها لي ردًّا جميلا بعد أن يتوب عليها.
تنهّدت تنهيدةً حارة ثمّ أغلقت هاتفها ووضعته داخل حقيبتها، شهقت نفسًا عميقًا ثمّ نهضت واقفةً متّجهةً إلى غرفة العناية المركزة مترنّحة الخطوات، دخلت وارتدت الأغطية المعقّمة حتى وصلت إلى مكان ابنتها.
ابتسمت بحزنٍ، انحنت تقبّل رأسها فسقطت إحدى دمعاتها تعانق جبهة فريدة ثمّ جلست على كرسيٍ مجاورٍ لها.
ظلّت محدقةً في ابنتها النائمة تتأمّلها ثمّ شردت في إحدى الأيام...
كنتُ على أتمّ استعداد واقفةً أمام المرآة أضع لمساتي الأخيرة على ذلك الطّاقم المكوّن من تنورة وسترتها ذات الطّابع الكلاسيكي، كنتُ أدري أنّ هناك متسعًا من الوقت لكن الأفضل بالطّبع أن نكونا مستعدَين أبكر من موعدنا.
تحرّكتُ نحو حجرة ابنتي أتفقّدها، كنتُ طوال الوقت في السّابق دائمة الدّعم والتّشجيع لها حتى وإن أصابني بعض الإحباط من تأخّر فرصة العمل المناسبة، لكنّي قط لم أقتل حماسها وأملها يومًا، أو أشعرها بمشاعري الحقيقية، وأخيرًا تحقق الحلم وستقدّم برنامج للمنوعات بالشّكل الّذي كثيرًا ما تمنّته وعملت على إعداده، وهاهو اليوم الأول لها!
طرقت الباب فآتاني صوتها مسرعةً ملهوفة: تفضلي أمّي بالدّخول.
كنتُ متشوّقةً لرؤيتها قبل أن نذهب معًا إلى موقع الاستوديو المتفق عليه، لكن بمجرد أن أدرتُ قبضة الباب وفتحته تفاجأتُ بفريدة لا تزال بملابسها المنزلية حتى شعرها لم تصفّفه بعد أو أضعف الإيمان لم تنتهي من وضع مساحيق التّجميل، بل لم تبدأ بعمل أي شيءٍ حتى الآن!
أنت تقرأ
(مكيدة قلبية)
Romanceعشقت أديبًا منذ زمانٍ، أحبّت حروفه وكلماته، كثيرًا ما تخيّلته... ثمّ تصادف وقابلت حفيده الكاتب فأعطته كلّ ما كنّته نحو جدّه ككاتبٍ دون أن تأبه لـ... 20th of March 2022: 1st of July 2022