(10)

262 25 4
                                    

بقلم نهال عبد الواحد

جلست ترتشف مشروب الشّيكولاتة السّاخنة بهدوءٍ، كانت شاردة في ذلك اللّون الدّاكن المتموّج داخل الكوب خاصةً عندما تحرّكه بعشوائيةٍ، تساءلت داخلها «هل أنتِ كما يُقال عنكِ بديلة الحب؟ ليتك كنتِ هكذا لما تأذّيتُ لحظةً، أو حتى أين السّعادة الّتي قالوا أنّها تتواجد أينما كانت هناك شوكولاتة؟» فاغمضت عينَيها بقلّة حيلة مصحوباً بتنهيدةٍ ثمّ ازداد شرودها أكثر...

عُدتُ يومئذٍ إلى منزلي عقب انتهاء حلقة البرنامج ومغادرته لي دون أي جدوى، كنتُ شاردةً لدرجة لم أذكر حتى كيف قُدتُ سيارتي من موقع التّصوير حتى البيت! لكن كلّ ما أذكره هو أنّ نادين كانت مصاحبةً لي، وكعادتها لم تكف عن ثرثراتها التّافهة ولو لحظة حتى وإن كنتُ لا ألقي لها بالًا...

كذلك أتذكّر ملامح أمّي جيدًا فور رؤيتها عائدةً معي إلى البيت، لم أكن أعرف أبدًا سرّ نفورها منها رغم كلّ دفاعاتي عنها لكن لم يقنعها أيهم ولو مرّة واحدة...

كان مزاجي سيئًا للغاية ولا طاقة لي بأي نقاشٍ غير أنّ أمّي بادرت بضيقٍ فور وصولي بنبرةٍ موبّخةً: للعلم يا فريدة لم تعجبيني في لقاء اليوم على الإطلاق، خاصةً في فقرة اللّقاء مع ذلك الشّاب السّخيف.

فأجابتها نادين بمرحها اللّزج: مرحبًا خالتي الحلوة!

أومأت لها أمّي دون أن تعقّب بينما أكملت نادين: على العكس تمامًا يا خالة، فريدة كانت رائعة وجميلة ومنقطعة النّظير!

فتابعت أمّي بجمودٍ: منقطعة النّظير! لم أرى كلّ هذا، فقط رأيتُ فتاة ساذجة معبّرةً بكلّ انطباعاتها ولغة جسدها عن إعجابٍ أرعن بشخصٍ مغرور لمجرد أنّه حفيد أديبك المفضّل!

فقالت نادين: إطلاقًا يا خالة! لقد كان أنيقًا ووسيمًا للغاية!

فزفرتُ بضيقٍ قائلةً: يا أمّي إنّه كاتبٌ موهوبٌ ويستحق أن ندعمه ونقدّمه للجماهير.

فتابعت نادين مكرّرة: أجل، إنّه كاتبٌ موهوبٌ ويستحق أن ندعمه ونقدّمه للجماهير.

فرمقتُها؛ حيث لم يكن ذلك رأيها البتة قبل اللّقاء، حتى أنّها تهرّبت من إعداد الأسئلة والمعلومات عنه، بينما أردفت أمّي: تدري جيدًا أنّي لا أعني كونه كاتبًا موهوبًا ويستحق الدّعم لأنّي لم أرى أي دعم، ورجاءً لا تراوغيني بمهاتراتٍ أحفظها عن ظهر قلب.

فتنهّدتُ بضيقٍ قائلةً: أنا لا أراوغك يا أمّي!

زفرت أمّي دون أن أستوعب سرّ غضبها هذا وسألتني: هل تنكرين إعجابك غير المبرر به؟!

ارتبكتُ بشدةٍ وتلاحقت أنفاسي فجأةً دون مقدّمات وأنا مدركةً تمامًا أنّه قد كُشفت أمام أمّي ولن أستطيع مراوغتها فقلتُ لها: وماذ في الأمر ا إن أُعجبتُ به؟ ألا يحقُّ لي هذا؟

(مكيدة قلبية)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن