زهرة ربيع عمري الجزء الثاني من سلسلة وللعمر بقية-الفصل الثالث

462 23 1
                                    

حمل سترة بذلته ووضعها على كتفه بينما يخرج من السيارة ثم توجه إلى المنزل.. مر بالحديقة الصغيرة وتذكر أن عليه طلب أحد لتقليم العشب.. لكنه أرجأ هذا لليوم التالي فقد كان متعب من العمل.. ما أن دخل وجد الممرضة تجلس أمام الشاشة الكبيرة في الصالة وكالعادة انتفضت ما أن رأته وقالت: "مرحبًا سيدي"
تنهد ورد: "أهلا منار"
وضع يده بجيب سرواله بينما ينظر لها قليلا.. هو لا يرتاح لتلك المرأة أبدًا لكنه مضطر لتحملها فلا أحد غيرها يوافق على المبيت مع ريناد.. وأيضًا قد رشحها له طبيبها لأنها مدربة للتعامل مع حالتها.. أفاق من شروده وقد لاحظ ارتباكها لكنه لم يتعب نفسه بالتفكير بأمرها وقال: "اذهبي الليلة إن أردت أنا سأبيت مع ريناد"
ثم أخرج ظرفًا من جيب سرواله ووضعه على المنضدة أمامها وأكمل بينما يسير: "هذا راتب الشهر.. تصبحين على خير"
لم ينتظر منها ردًا رغم سماعه لهمهمتها المتذمرة من خلفه لكونه يعاملها بتكبر.. لكن هذه هي طريقته في التعامل مع من لا يروق له.. وصل للغرفة ذات الباب الذهبي وفتحه ليقابله كل شيء بذات اللون.. لونها المفضل بينما كانت هي تجلس بالفراش متكئة برأسها على يدها.. وما أن دخل استقامت وسألت بحدة: "لم تأخرت سعد؟"
ابتسم وأغلق الباب ثم توجه نحوها يرد: "لم أكن أعلم أنك ستنتظريني يا آنسة متذمرة"
جلس بالفراش الصغير الذي بالكاد اتسع لنصف جسده ثم نظر لها وهي تقول: "أخبرتني أنك قادم لذا انتظرتك لتقرأ لي"
حمل السترة عن كتفه ثم ألقاها على أحد المقاعد وهو يرد: "ناوليني القصة فقد اشتقت للجميلة والوحش وأيضا..."
اعترضت سريعًا: "كم مرة سأخبرك سعد أن اسمها بيلا؟"
مط شفتيه باستهزاء ورد: "رحم الله والدك.. كان يظن بصغره أن بيلا تلك نوع من أنواع الحلوى"
اقترب منها وأكمل بتحذير: "هذا ما أحفظه وأجيده أيتها الحماة الشمطاء الصغيرة"
ضاقت عينيها قليلا قبل أن ترد: "ستقرأ بيلا وستقرأ أيضًا سنو وايت وبيتر بان"
شهق وسألها بصدمة: "هل تتجرئين على معاقبة والدك يا فتاة؟!"
عقدت ذراعيها وردت: "أنت تأخرت ولا تريد مناداة أميرتي المفضلة باسمها إذا تستحق العقاب"
ضاقت عيناه فضاقت عيناها هي الأخرى وبقيا على هذا الحال إلى أن تنهد باستسلام قائلا: "أحضري القصص هيا!"

***
وبمنزله كان سميح ينظر للصورة التي استطاع أخذها من المنزل دون أن يلاحظوا فقد كانت بجوار الباب وهو انتهز فرصة محاولة ذاك الضخم إسكات ابنه ووضعها أسفل ثيابه وقد ساعده صغر حجمها على هذا.. تنهد بحزن وهو يتذكر أنور الذي عامله بقسوة وكان على وشك طرده وضربه إن طال وقوفه لولا تدخل صاحب الورشة التي يعمل بها.. وعندها تحول حنقه وسخطه ناحية ذاك الغريب الذي يحترمه ابنه الوحيد.. كان أنور هو الولد الوحيد الذي أنجبه.. وذاك الولد الوحيد يكرهه أكثر من أي شيء.. رفض أي وسيلة اتصال به وحتى بالمرات القليلة التي كان يحاول فيها استمالته بالمال كان يرفض ويطلب منه الابتعاد عنه وحسب.
-:"إذاً؟"
التفت لشقيقه الذي كان بالكاد يستطيع الوقوف من فرط ما تعاطاه قبل أن يكمل: "هل انتهت خطتنا بتزويج الفتاتين من الشقيقين؟"
أخرج نفسه من أفكاره وأرجأها لوقت آخر.. ثم ضحك بسخرية قبل أن يناوله الصورة قائلا: "خذ هذه أرها للشيخ الكبير.. ألم يكن يطلب صورة لزوجته الصغيرة؟"
أومأ له وسأله: "ثم ماذا؟"
رد ببساطة: "ثم أخبره أنه إن أرادها سيضاعف الثمن وغدًا نعقد القران.. ثم أخبرني برده"
-:"وكيف ستحضرها؟"
سأله باستغراب ليبتسم بقسوة وهو يرد: "تلك مهمتي لا تشغل بالك بها!"
أومأ له وخرج لينفذ ما طلبه بسرعة فهو بحاجة للمال أكثر منه ليتمكن من شراء جرعاته بانتظام.. عاد عندها ينظر أمامه وهو يفكر بما سيفعله تاليًا.. فلة لم تترك له أي حلٍ آخر.. هو لن يتخلى عن تلك الصفقة حتى لو كان ثمنها معاداة ابنه الوحيد للأبد.. ومن يدري ربما إن رأى المال الذي سيمنحه له سيتراجع عن تلك الكراهية له ولمهنته ويقرر العمل معه.. عندها شعر ببعض السعادة ونهض ليبدأ بتحضير خطته.

زهرة ربيع عمري - الجزء الثاني من سلسلة وللعمر بقية - مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن