هزَّت برأسها لتتضح الرؤية حيث ادركت بأنه ليس بـ'فيكتور' ، إنما طبيب الذي يشرف على حالتها ، هنا شعرت بالراحة بينما استسلمت لتأثير العقار فغفت.
في الساعة التاسعة صباح يوم التالي ، استيقظت بصداع كاد ان يقسم رأسها الى شطرين ، تثاوبت ثم إلتفتت لتجد الطبيب جالساً وهو يقرأ تقرير حالتها الصحية ، اخفض التقرير ليراها مستيقظة فصاح بعفوية:
-صباح الخير 'كارين' .... يبدو عليكِ التعب فما قمتِ به البارح بحق الطاقم الطبي ليس بالشئ السهل.
استمرت بالنظر له مكتفية بالصمت ثم أشاحت بنظرها للنافذة بأرق لتخرج زفيرها العميق ، استقام الطبيب من كرسيه ليقترب إليها حتى تموضع بجانبها ، قال لها بأريحية:
-اسمعي يا 'كارين' .... انا ادرك تماماً معاناة الاشخاص مثلكِ الذين عانوا من الاكتئاب.
-خرجت عن صمتها مُجيبة: لا انت لست مدركاً بحجم التصدع الذي يقبع بداخلي حتى تهذي بقولك بأنك تعي معاناة المريض ... حتى انك لا تعلم كيف تعايشت وكيف تألمت ليصل بي الامر نحو الاكتئاب ... كم اود ان انتحر لكي ارتاح.
-الطبيب: انتِ مخطئة! ... أتعلمين ان هذه الطريقة غبية كثيراً ... اتفق معكِ اني اجهل ظروفكِ الشخصية الذي قادكِ الى هذا الحال ... لكن الحياة دوماً تقسو علينا لان قوانين الحياة صعبة للغاية ... فهى ترمي بحجارها حتى تقتلنا ونخضع لألامنا ونستسلم ... لذا يجب بأن لا نتأذى من هذه الحجارة بل نأخذها ونبني بها حياتنا التي دمرتها الزمن وقست عليها القدر .... يجب مواجهة الظروف وتتغلبي عليها وانسي الماضي يا 'كارين' .... ها انتِ ذا لا يزال قلبكِ يخفق فهذا يعني ان لا يزال هناك قوى بداخلك للتغلب على الماضي والذكريات بل والتغلب على من جعلكِ ذابلة ومقهورة وقادكِ الى الاكتئاب ... يجب ان تكوني قوية لا تضعفي امام من اذاكِ مهما يكن ولا تتعذبي لاجله ... أليس كذلك؟.
صمت لبرهة حتى يرى ردة فعلها من حديثه ، ابتسمت بذبول فكم كانت تحتاج الى هذه العبارات التحفيزية الذي يلاطف جروح قلبها ، إلتفتت للطبيب لتتفقد هيئته ، ملامح تملؤها البشاشة رغم وسامته وعمره المناسب ، اجابت بصوتٍ خافت:
-معك كل الحق ... ينبغي بأن أتناسى كل هذا ولكن ذهني يجبرني على التذكر مجدداً.
-الطبيب ببهجة: لقد ابتسمتِ ... اسمعي قررت بأن اصطحبكِ الى مصحة خاصة لتتواجدي في جلسة للمتعافين من الاكتئاب وبإشرافي ... يجب الحضور بعد الظهر وصدقاً سيعجبكِ الامر.
-'كارين' بإبتسامة: حسناً ايها الطبيب.
-قال وهو يقف متوجهاً الى الباب: يمكنكِ مناداتي 'جاك'.
خرج من الغرفة وقد انتابها شعورٍ جميل بعدما اتى الطبيب وتحدث معها ، اعتلت ابتسامة على ملامح 'كارين' فور تذكرها بحديثه الذي خفف وجعها وأخرجها من هذه الحالة الكئيبة ثم عانقت الوسادة وهى سعيدة للغاية بتحسين حالتها النفسية ، لكنها تذكرت ايضاً ملامح الطبيب الذي يتصف بالرجولية فهو ليس كغيره ، يبدو بأنه ليس مثل معظم الرجال الذين خلقوا لتفريغ رغباتهم الدنيئة وليس كمن كرهتهم ، حيث يتسم الطبيب 'جاك' بالبشاشة ، حواره الجذاب ، نظرته التي تفيض بالامان وكأنه يقول لا تقلقي فأنتِ بخير وفي امان مما جعلها تتمنى بأن يقضي بقية الوقت معها لأجل الحديث وتخفيف المها ؛ فحديثه ووجوده كفيلٌ بإفراز هرمون السعادة ، يبدو بأنها ستكون مُبهجة بفضل ذلك الجاك.
أنت تقرأ
ظِلْ الشَّيطَانُ /shadow of the devil
Horrorتصدرت المرتبة 2# 🥈ضمن الرعب بتاريخ 16 ديسمبر 2023 " أتمنى ألا تنجو مني يوماً ، ان تتعثري بي و أبقى مألوفاً لكِ " تلك الجملة تردد صداها في اذنها و اخترقت عقلها لتسكن في احدى بقاع الذكريات السوداء ، تلك الجملة بث في فؤادها الممزق بالخوف و الرعب و الا...
