*ضحية أَم...؟!*
قبل ثمانية سنوات:
شَبَّكَت أصابعها ببعضهم بتوتر شديد ووهي تختلس النظرات المنبهرة الخجِلَة إليه، لا تُصدِّق ما يحدث بالأصل حتى الآن.
أحقاً هو هنا طالباً الزواج بها؟
أحقاً هو يريدها أيضاً؟
وبالرغم من صمته وعبوسه منذ حضوره مع خالتها وزوجها وتغريد إلا أنها تكاد تطير فرحا لفكرة رغبته بالاقتران بها، أيُعقل أن الرجل الوحيد الذي لطالما أحبته يبادلها شعورها منذ سنوات كما تُقسم خالتها؟تباطأت دقات قلبها للحظة عندما رفع عينيه إليها، أغاضب هو أم مرتبك؟ ابتعدت عيناه عنها فأطلقت زفيراً قلقاً مُضطرباً، يحق له الارتباك بالطبع فالوضع أصبح غريباً فجأة، حتى الأمس فقط كان مجرد ابن الخالة الصديق المهتم الحنون، اليوم هو خاطبها! ربما هو خَجِل ليس أكثر.
وهو..
أنفاسه ثائرة ودقات قلبه تدوي بعنف، هل يشعر فقط بالغضب والنفور؟ أم بالامتعاض والاستنكار؟ كيف وصل إلى هنا وارتضى المشاركة في تلك المهزلة؟ كيف سمح لنفسه أن يُصبح بذلك الضعف والخنوع؟ لقد اعتاد على طأطأة رأسه لوالديه في اختيار ملابسه وطعامه وأصدقائه..
حتى دراسته لم يخترها!يتذكر جيدا يوم اجتيازه لمرحلة الثانوية العامة حينما ذهب إلى والديه قائلاً بِحماسة زائدة:
_أبي، أنا لا أريد دراسة الطب، أريد أن أصبح مُعلما، أنا أحب التدريس.
ليستنكر والده:
_هل تمزح؟! أتريد أن تصبح مجرد معلم بذلك المجموع الذي يتمناه الآلاف؟، انس هذا الهراء تماما، أنت ستصبح طبيباً شئت أم أبيت.
وتتوسل والدته:
_عَمَّار حبيبي، أنت لا تريد لهالة صديقتي أن تشمت بي أليس كذلك؟ ابنها التحق بكلية الطب بالعام الماضي، وهو ليس أفضل منك.
فيرد بتخاذل:
_ولكنني...
ولكنه وجد نفسه طبيبا رغم أنفه وأحلامه، ولم يتوقع أبدا أن يمتد انتهاكهم لخصوصياته وتسييرهما لحياته إلى تزويجه من ابنة خالته التي يراها كأخته الصغيرة ، هي فقط تكبرها بعدة سنوات، لكن مشاعره تجاهها لا تختلف، وما يغيظه ويحيره حقا تلك الابتسامة المتوردة التي ترتسم على محياها الجميل، والنظرات المختلسة التي ترمقه بها بعسليتيها ظناً منها أنه لا يلاحظها...عندئذٍ شرد في حُلم آخر حرمه منه أبواه قريبا ولن ينساه يوما:
_أبي، أنا أريد التقدم لخِطبة رضوى.
ليهب والده صارخا:
_هل جننت؟! أتريد مني أن أُصاهر تاجر يبيع الملابس بمنطقة شعبية؟
وتضرب والدته فوق فخذيها بكفيها:
_يا ويلتي في ابني! أترضى بجلب ابنة البائع إلى بيتنا؟
فيدافع بعناد:
_لكني أحبها، هي طبيبة مجتهدة وعلى خلق، أبوها تاجر وليس لِصاً!
ليشدد أبوه بلهجة حازمة:
_انس هذا الهراء تماما، صديقي مصطفى لديه ابنة رائعة الجمال، أبوها رجل أعمال وأخوها أيضا صاحب شركة ضخمة، سنذهب لخطبتها.
وتسارع أمه بلهفة:
_وما بها مَوَدَّة ابنة أختي؟! من أجمل منها؟! كما أننا نعرفها تمام المعرفة وهي تحبك يا عَمَّار، لن ترهقني أو تسبب المشاكل، ولن نضطر لجلب كنَّة لا نعلم عنها شيئا إلى بيتنا.
أنت تقرأ
سَكَن رُوحِي (مُكتملة)
Romanceفتاة يتيمة تضطر للاستقلال بالمعيشة عن خالها لتفاجأ بشخص يتتبعها ويراقبها بكل مكان... ماتنسوش الڤوت والتعليقات لو سمحتم😍😍😍