١٦_الفصل السادس عشر (نهاية سعيدة أخيرًا.. أَم؟)

6.4K 209 16
                                    

لا تَلُم يا سَكَن الروح..عن الإنصاف أبحث أنا؛
لا تُعاتِب يا رفيق القلب.. إلى الراحة ألجأ أنا؛
لا أهرب، لا أظلم، لا أفِر، لا أقسو؛
فالكفة مالت ومالت حتى ضاقت أنفاسي تحتها..
ولحظة المساواة حانت ولن أتوانى عن اللحاق بها!
أُحِبَّك أَعتَرِف.. تُحِبني لا شك؛
والنهاية عادلة.. للسعادة الغابرة؛
فالحُكم اليوم واجب.. وسَيُعاقَب قلبي أولاً...!
**********
كانت تدور بغرفتها كالمجنونة وهي تحاول الاتصال به لعشرات المرات حتى ردَّ أخيراً ببرود:
_لا أصدق أنكِ اشتقتِ إليِّ بهذه السرعة!
صرخت به بهمس كي لا يسمعها أخوها وزوجته:
_هل أصبحت مُختِطف أيضاً؟ متى ستبدأ في تجارة الأسلحة؟
ضحك باستمتاع وهو يجيبها:
_ليست من مخططاتي حالياً رهف، لكن أشكرك، سأضع اقتراحك في الحُسبان!
جاؤه صوتها المُتوسل:
_أرجوك ساري، اتركه، أنت لا ترغب بإضافة مشكلة جديدة مع أخي.
ليصلها صوته المصمم:
_أنا سأفعل أي شيء رهف، بيدك أنتِ الآن أن أترك ذلك المائع إن وافقتِ على زواجك مني.
صرخت بغيظ:
_حتى إن وافقت أنا، أتعتقد أن عَمَّار سيرضى بسهولة؟
وبصوت قوي رد:
_وافقي أنتِ واتركي أمر أخيكِ لي، أنا كفيل به!
ضغطت أسنانها بغيظ شديد للحظات ثم ردت:
_هل أنت مستعد ساري؟ سوف أحصل على قصاصي منك بنفسي.
ولهفة صوته لم تكن لتخفى عليها وهو يُسرع بالإجابة:
_افعلي ما شئتِ رهف، يحق لكِ ما تريدين أياً كان طالما ستعودين إليِّ.
صمت قاتل وتوقفت أنفاسه؛
وتوقفت الأصوات من حوله؛
وأخيراً:
_موافقة!
أغمض عينيه واضعاً كفه فوق مَوضِع قلبه ثم أمرها:
_أعيديها!
بهدوء:
_موافقة!
ومرة أخرى بصوت متحشرج:
_أعيديها!
وبغيظ:
_موافقة!
رَبَّت على قلبه وبصوت مبحوح سألها:
_موافقة على الزواج مني رهف؟
بابتسامة هادئة مُريبة لم يرها أجابته:
_موافقة على الزواج منك ساري!
وبنفس النبرة قال:
_قولي سأصير زوجتك يا ساري.
أغمضت عينيها وتعالت دقات قلبها، إلا أنها هذه المرة قالتها ببرود برغم حلاوة مذاق الكلمات على شفتيها:
_سأصير زوجتك "للمرة الثانية" يا ساري!
فهم تلميحها لكنه لم يهتم؛
العبارة اخترقت عقله ونبضاته التي يُهدد وضعها بالخطورة حالياً؛
وأنهت المكالمة ليظل هو لِثوان مكانه
مُغمض العينين، مُبتسم، يتراقص قلبه طرباً فيُربت عليه أكثر..
ثم استقام من فوق مُقدمة سيارته واستقلها لينظر إلى خالد الجالس بجواره بملل والذي عاجله:
_ألن تُخبرني عن تلك الاستشارة؟
ليرد ساري بكل فرحة الدنيا:
_أشكرك أستاذ خالد، احمد ربك أنني لم أعد بحاجة إليها!
لكن ملامحه انقلبت فجأة وهو يقول مُشدداً على حروفه:
_اسمعني جيداً، أعلم أنك عشت طوال عمرك بالخارج لكن ذلك الهراء لا يُشكل أي فارق لدي.
نظر له خالد باستفهام فتابع ساري بلهجة مُحذرة:
_لِذا إياك أن تنظر إلى زوجتي مرة أخرى، حتى اسمها لا أريدك أن تنطقه مُطلقاً.
انعقد حاجبا خالد بدهشة بينما أضاف ساري:
_ومن الأفضل والأكثر سلامةً لك أن تتلافى تواجدك معها بأي مكان إن كانت هناك مناسبة ما سنضطر للاجتماع بها مستقبلاً، باستطاعتك حينها التحجج بأي عُذر..
بتر عبارته متظاهراً بالتفكير ثم قال بِجِدية:
_مرض خطير مثلاً، أو حادث مأسوي، أو ربما استدعاء بقسم الشرطة..
اتسعت عينا خالد بِعَدم فهم، فابتسم ساري ببرود شابه الغيظ متابعاً:
_أنا أمنحك بعض الخيارات فقط لأنك تعيش دور الأجنبي بإتقان هائل أوشك على إصابتي بالفالج.
ابتسم خالد متسائلاً باهتمام:
_لكن..لماذا تريد هذا؟ أعني أن رهف تعتبر...
هدر به ساري صائحاً:
_ألم تفهم أياً مما قلته لك؟!
ارتد خالد إلى الخلف بتلقائية فزفر ساري بحنق قبل أن يقول:
_يا رجل! أنا سأحصل على حياة تمنيتها أخيراً وأنت تُصر بشدة على أن أُزَج بالسجن رغماً عني!
ثم مسح على فَكُّه بغيظ واستطرد بهدوء لا يشعر به حقاً:
_إن.. إن تزوجت يوماً ورأيت رجلاً يتحدث مع زوجتك بأريحية واهتمام ستفهم شعوري، ستدرك مدى الغضب والغيرة التي تنتاب المرء حينما يرى أحدهم يتباسط مع
امرأة تخصه.
لكن خالد مَطَّ شفتيه بلامبالاة وهو يردد بهدوء:
_أعتقد أنني لن أفعل، لست رجعياً لأفكر بهذه الطريقة، مادامت لم تنزعج هي لماذا سأتدخل وأفتعل المشكلات و...
وصيحة ساري الغاضبة أجفلته فوراً:
_انزل من سيارتي!
حدَّق بملامح الامتعاض المرتسمة على وجهه بدهشة مُعَلقاً:
_عفواً؟!
كرر ساري بغيظ واضح:
_سمعتني جيداً، انزل من سيارتي!
ولم يجد خالد بُدَّاً من تنفيذ أمره مع ملامح الخطورة التي ارتسمت واضحة على وجهه..
أغلق باب السيارة فمال ساري رامقاً إياه بتهكم قائلاً بتحذير شديد اللهجة:
_أتمنى أثناء طريق عودتك أن تفكر جيداً بكل كلمة قلتها لك، ينتهي برودك وانفتاحك وميوعتك عند حدود زوجتي، لأنك إن لم تفعل لن تجد عندئذٍ وقتاً للندم!
وعندما انطلق بالسيارة وقف خالد يُحدق في إثرها ليكتشف أنه بمنتصف الليل في مكان مُقفر تماماً، مظلم تماماً.. خالِ تماماً!
**********

سَكَن رُوحِي (مُكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن