الفصل التاسع عشر ..................
(لحظات اشتياق)
في اليوم التالي او صلهما غسان الى الاسواق بحجة انهما تريدان التسوق و عندما غادر استأجرتا سيارة اجرة و ذهبتا الى حيث فيرا واعدتها.
عندما وصلتا الى الحديقة العامة و هما قلقتان و مشدودتان جلستا في زاوية تحت ظل شجرة عملاقة و ساد الصمت وهما تتطلعان بالساعة و تبحثان عن فيرا.... ميرا متوترة جدا و تدعك براحتي يديها و نادين تتطلع بالمارة حتى لفتت انتباههما امرأة ثلاثينية تتقدم نحوهما.
و عندما بدأت تقترب اكثر قطبت ميرا جبينها... معقول هذه المرأة فيرا؟....
كانت شاحبة البشرة بيضاء و ترتدي فستان اسود بالي و ذات شعر اسود متعب و مهمل و وجهها بدى مخيفا و الهالات الداكنةتحيط عينيها البارزتين.
نهضتا معا و بدت نادين مذهولة ...... تطلعت المرأة الى كليهما ومدت يدها النحيفة الى نادين قائلة بضعف: "مرحبا.... مدام ميرا؟"
ميرا و بتأمل: "انا ميرا....."
تأملتها و قالت بامتنان: "اشكرك لانك لبيت الدعوة .....كنت شبه واثقة انك سترفضين لكن من قدر ما سمعت عنك من ليلى من صفات راقية طمعت بكرمك"
نادين و بسرعة: "اجلسي..... اجلسي"وضعت ميرا يدها على جبهتها وهي مصدومة من منظرها و قالت بحزن: "ما بك؟"
فيرا و بنظرات يأس : " لم تتوقعين ان ترين هكذا امرأة حطمها الدهر بقسوة ..........انا مريضة و لا اعرف بأي ساعة او يوم سارحل من هذه الدنيا اللئيمة"
تبادلت ميرا النظرات مع نادين و قالت بنبرة راجية: "مدام فيرا انا اليوم اتيت ليس لمساعدتك فقط....... انا ايضا بحاجة الى رؤيتك....... انت الوحيدة القادرة على حل مشكلتي... ان زواجي بيوسف على حافة الانهيار"
فيرا و بدموع و ضعف: "اساعدك؟..... كيف لواحدة مثلي تساعد فتاة مقبلة على الحياة مثلك .............يا مدام اريد رؤية ابني قبل ان ينهكني المرض و يغمض عيني.... اعلم ان ذلك صعب عليك لكني اعلم ايضا انني اذا ذهبت ليوسف يطردني فهو لم يتقبلني.... انه قاس جدا معي و يكرهني بشدة و اقسم لي انه سيمنعني من رؤية طفلي مدى الحياة..... الا انني لا اقدر على الاستسلام ... انا والدة و فراق ابني احرق قلبي"
عضت ميرا على شفتها و هي متألمة لكلامها و ظهرت دموع نادين قائلة: "اسفة لاجلك"
فيرا و بتعاسة: "ليس ذا اهمية ان ابرر لكما موقفي و اتكلم عن قصتي البائسة ..... المهم الان"قاطعتها ميرا قائلة بسرعة: "بل مهم جدا........ اريد ان اعرف منك ما حصل بالضبط....... انا اجهل كل شيء و لا ادري ان كنت امرأة سيئة ام مظلومة؟..... لا ادري ان كنت تزوجت من رجل مختل و مجنون كما يقال عنه ام انه ضحية؟...... انا اتعذب كما كنت انت مع يوسف"
خفضت فيرا بصرها و بدت حزينة و هي تقول بندم: "انا ضحية ايضا
.........كنت فتاة مملوكة و مضطهدة قبل ان اتزوج يوسف"
اتسعت عيني ميرا و هي تتطلع بوجهها منتظرة بلهفة ان تسمع ما يبرء يوسف امامها و خائفة جدا من ان تكون فيرا ضحية فعلا.
فيرا و بشرود و كأنها تسترجع ذكرى قديمة: "كانت امي خادمة لدى احدى العوائل الكبيرة تعمل عندهم منذ سنوات طويلة .... و كان عمري حينها سبعة عشر عام عندما توفيت امي في بيتهم..... و لاني ضعيفة و يتيمة بقيت اعمل عندهم حتى تعرضت في احدى الليالي الى....... الاغتصاب ... من..... من قبل رب العائلة ....... كنت مستضعفة و تلك الحادثة افزعتني و ارعبتني ......هددني و طلب مني ان ارحل من بيتهم و اعطاني عنوان و اخبرني انه المكان الوحيد الذي يمكن ان يستقبلني . لم اجد امامي طريق الا الهرب و الذهاب الى ذلك العنوان ليستقبلني رجل بدى لي مميزا و حنون و كريم و اخبرني انه سيحميني هو وزوجته و يمنحني الامان و الاستقرار في بيته و ان يعاملني كواحدة من اهله...... فعلا كما قال بقيت عندهم لثلاث اعوام تقريبا لاكتشف امور غريبة جدا و ترحل تلك الزوجة التي لم تكن زوجة اصلا و انما مستخدمة عنده و مصدر للقمة عيشه ليتوجه نظره الي و كان يخبر الناس انني اخته بينما انا كنت امرأته.... وكان يدللني و يشتري لي افخر الملابس و يطعمني اجود الطعام حتى ظننت انه يحبني فعلا الا انه قرر ان يسترزق مني عندما اوشك على الافلاس...... امام الناس انا اخته و بالخفاء انا مجرد جسد يباع بين بالغي الثراء ..و بقيت هكذا حتى انتقلت معه الى بيروت الى منزل فاخر تحت مسمى الاخت ذات الجاه و ابنة الحسب و النسب ليصطاد من خلالي الاثرياء ....... ليجمعني القدر بيوسف المعروف حينها بثراء والده ..... نسجنا حبالنا عليه و وقع في حبي و كنت اتمنع عليه حسب الخطة المرسومة لي حتى طلبني للزواج ..... اخفيت عنه كل شيء حتى صدمته بليلة الزواج باني لست باكر..... كان ذلك شديد الوقع على نفسه لكني تذرعت و اقسمت و بكيت و اخبرته انها كانت مجرد غلطة لم يتقبلني بسهولة لكنه كان يحبني..... ضعف امامي و تقبلني مرغما بسبب مشاعره اتجاهي لكنه بنفس الوقت لم يطمئن و بقي ينقب ويبحث ورائي حتى علم كل شيء لكن بعد ان فاجئته بحملي برامي..... و السبب الذي جعله يكتشف كل الحقيقة ان ذلك الرجل الملعون كان يبتزني و يطالبني بالمال حسب اتفاقه معي و لاني عشقت يوسف امتنعت و رفضت الاستمرار في مخططه . هددني بانه سيفضح امري امام يوسف و يفضح يوسف امام معارفه و يفسد حياتي و يشكك بحملي ...... خشيت منه و اضطررت ان ابعث له كل مالدي من مجوهرات و مال حتى انني سرقت خزينة يوسف "
كانت نادين تسمع و هي فاغرة فاها و غير مستوعبة الصدمة ! وميرا ضغطت على اسنانها بقوة و كرهت ما سمعته جدا ان المسألة اكبر بكثير مما قاله باهر! ..... يبدو ان عمها لا يعرف هو الاخر حقيقة فيرا..... يوسف فقط من تكبد عناء تلك الحقيقة المرة ...... تسارعت انفاسها و هي تتذكر يوسف بليلة عرسها كيف اختنق و هرب و اتهمها بانها ليست عذراء........ ان المسألة كبيرة و يوسف مغدور و متعرض للنصب و الاحتيال وجرحه عميق.
أنت تقرأ
وجوه الشك لكاتبة هند صابر
Romanceقال متأملا: "الا تخبريني عن فتى احلامك؟" قفز قلبها و شعرت بالخجل الشديد منه و تصبغت وجنتيها بحمرة خفيفة ثم قالت: "كل فتاة لديها مواصفات للرجل الذي تريد الارتباط به" هو مقاطعا: "ان يكون مليونير؟" خفضت بصرها و شعرت بالاحراج ثم تطلعت بعينيه الخبيثتين و...