الفصل الرابع عشر

262 10 0
                                    

الفصل الرابع عشر.............

(اكاد اصدق)

كانت طوال الليل تذرف الدموع و هو غارقا في النوم.... كم بكت منذ عرفته لحد الان....... ها هو يعاملها بتسلط وبدون مشاعر مجددا الرغبة الجسدية فقط من يجمعها به..... حزنت لنفسها و حزنت لاجله ايضا....... يبدو ان الطلاق فعلا هو الحل الاخير..... لا جدوى من الاستمرار مع رجل رافضا لكل شيء من جانبها و يزداد تعقيدا.

استدارت الى الناحية الاخرى و عضت على شفتها عندما احاطها بذراعه و الصق ظهرها بصدره و احاطها بذراعه الاخرى و قيد جسدها و منعها من الحركة و غمر وجهه بشعرها و استمر بنومه ... اغمضت عينيها و ابتسمت بحزن هي بحضنه لكنها بعيدة عن قلبه و ذراعيه يقيدانها ليس بدافع الحب و انما التسلط و الحجر .... بكل حركة يشعرها بانه القيادي و هي الخاضعة و كأنه يعتقد انها مرغمة على الخضوع له لم يعلم انها تنفذ و تستجيب بدافع الحب و بارادتها تمنحه مايريد.

مؤلم جدا على قلبها عدم ثقته بها لكنها تعذره فالذي تعرض له مع فيرا قاس على رجولته...... و ايضا هي باتفاقها مع والده قد سددت له ضربة اخرى بدلا من ان تساعده....... مع كل ما يفعله يوسف فهي تحترم موقفه من فيرا...... يترك نفسه امام الاخرين الزوج السيء و لم يفضح خداعها له و لا حتى هي لم يفتضح اتفاقها مع والده....... يضع نفسه امام الجميع بموقف الشكاك المريض و لن يسيء الى سمعة فيرا و لا الى كذبها هي كما يزعم....... لم يشوه منظرها امام العائلة و لم يعلن عن مؤامرتها مع والده كما يظن هو...... انه يلقي باللوم على نفسه دائما....... يوسف مثقلا بالهموم و الجراح و رغم كل همجيته معها الا انها لمست انه يتظاهر بالقسوة و ان بداخله شخص اخر مختلف تماما... انه يخفي ذلك الشخص خلف لسان حاد ساخر و جسد عنيف حتى يشعر المقابل مدى سيطرته و قوته الا انه في حقيقة الامر رجل ضعيف مجروح مرهف المشاعر....... هي واثقة من ذلك .

في اليوم التالي و ظهرا كانت سيارة يوسف متوجهة الى مطار بيروت الدولي الذي يبعد حوالي تسعة كيلو متر من وسط العاصمة و كانت هي بجانبه و قد اخفت عينيها المتعبتين بنظارات معتمه و لم يتدحثا بأي كلمة طوال الطريق ........ كانت ترتدي قميص قطني ابيض بدون اكمام و تنورة حمراء فظفاظة قصيرة و حزام دقيق يحيط خصرها ليظهر مدى نحافته و كانت تربط شعرها الى الخلف لتظهر اصغر سنا و لم تضع اي مساحيق تجميل ........ تطلعت به و كلما امعنت النظر به تتأكد انه اوسم رجل رأته بحياتها و تضعف امام جاذبيته الطاغية ...... سألت بتأمل و هي تتطلع بخاتم الزواج الذي وضعه من اجل والدته: "لما لا تستخدم سائق؟"
اجاب و هو مركزا بالطريق: "لا احب ان يراقب تحركاتي احدا"
قالت باتهام: "لانك رجل مغامر"
اكتست تعابيره ابتسامة خفيفة و قال : " مغامر؟...... كفي عن تصديق كلما يقال عني....... لست كما يصفونني....... انا احب عملي و له الاولوية بحياتي ...... ليست لي صاحبة...... صدقيني"
ثم نظر اليها دون ان ترى تعابير عينيه الذي يخفيهما بنظارة سوداء و اضاف: "انت الوحيدة...... التي اقيم علاقة معها"
ارتبكت يديها و احمرت وجنتيها و قالت بسرعة: "لا اصدقك...... كيف لي ان اصدقك و قد كنت معها و اجابت علي من رقم يحمل عنوان وهمي..... المكتب...... بينما هو شقة بشرى..... كنت في الحمام"
هو و باستغراب: "بشرى؟........... استعدي لقد وصلنا"
في قاعة الانتظار احضر لها كأس عصير و قال باهتمام: "والدتي امرأة رائعة"
قالت و هي تداعب الكأس باناملها: "لاشك في ذلك....... الا انني اتسائل لماذا رفضتني في الماضي"

قطب جبهته و قال: "انا اتسائل ايضا لماذا لا علم لنا بذلك؟..... لم نعلم شيئا عنك و عن مجيئك الينا......... و لماذا ابي اراد ان اتزوجك انت بالذات بعد كل هذه الاعوام....... تناقض كبير"
عندما ظهرت لهما امرأة في العقد الخامس من العمر طويلة القامة و نحيفة جدا شعرت بذراع يوسف يحيط خصرها و هو يقول بهدوء: " لوحي لها هذه المرأة الجميلة ذات القبعة البيضاء"
لوحت لها بابتسامة شفافة و لوحت لهما السيدة و هي تخلع نظارتها و تتطلع بهما.

بعد الترحاب بينهم و العناق قالت فيروز: "كنت اعتقد ان حفيدي بانتظاري...... كما انا متشوقة لرؤيته ذلك الطفل الحبيب"
و تطلعت الى ميرا و قالت بتأمل: "لم اعلم ان زوجة ابني جميلة للغاية و ذات عينين خضراوين ....... لم يخبرني احد بذلك و صغيرة السن ايضا"
يوسف و هو يدفع حقيبتها الكبيرة : "لست رجل عجوز....... و يبدو ان ميرا تحب فارق السن هذا بيننا"

لاحظت ميرا شيء من الاستغراب على فيروز و اكد ذلك سؤالها: "ميرا؟........... يبدو انني اصبحت مسنة حتى بدأت انسى...... اعتقدت ان اسم زوجتك مختلف"

ساد صمت و وصلوا الى السيارة و صعدوا و ميرا تشعر بالحرج من ملاحظات هذه السيدة.

في المنزل كان الترحيب حارا بفيروز و قد استغرقوا وقتا طويلا و هم يجتمعون حولها و قد احضرت معها هدايا جميلة جدا.... عطور و ساعات يد للرجال وللنساء حقائب يدوية و مستحضرات تجميل و لم تنسى الخادمات فقد احضرت لهم هدايا مناسبة ...... تبدو امرأة كريمة للغاية و لطيفة و ذات شخصية قوية و اسلوبها جذاب و يوسف كان يتعامل مع ميرا على احسن وجه حتى تمنت من قلبها ان تكون هذه هي حقيقته..... حقيقة مشاعره اتجاهها بدى مهتما و محبا.

.................................................. ................
عندما دخل عليها الغرفة و وجد رامي بيدها قطب جبينه و بدى منزعجا و سار و خلع ساعته بضيق و لما بكى الصغير التفت بسرعة و قال بتذمر : "اخرجيه من هنا.... البكاء يزعجني"

خفقت اهدابها و استاءت و هي تحاول ان تهدأ الطفل المسكين حتى صرخ بها: "قلت اخرجي"
خرجت مسرعة و حزينة من اجل رامي.... هزت مهده ببطء و دمعت عينيها يوسف لا يحب ابنه؟..... لماذا كل هذا الجفاء ؟..... لايحب ان يحمله او يتقرب منه الا نادرا .. لماذا؟.....ماذنبه؟... ا يشك به هو الاخر؟.
.................................................. ........
قالت له و هي تجلس امام المرآة و تضع بعض الكريم على يديها: "كنت بارعا بالتمثيل امام والدتك"
قال بجمود و هو يتصفح بالصحيفة: "كلانا بارعين"
قالت متعمدة و محاولة معرفة ردة فعله و مدى تعلقه بوجودها: "فكرت بعد ان تستقر والدتك هنا ان اسافر الى منزل خالتي اسبوع"
ابعد الصحيفة و تطلع بها و قال بهدوء: "ضجرت الى هذا الحد؟..... لم يمضي وقت طويل على زواجنا ...... كما ان والدتي اليوم وصلت ...... تريدين ان تتركي المنزل هذا غير لائق"
ثم وضع الصحيفة جانبا و قال: "حسنا...... ارحلي لكن بعد ان ينقضي الشهر و ننفصل ستكون عودتك نهائية"
خفضت بصرها و ساد صمت الا انها قطعته قائلة: "افهم منك ان لا تراجع بقرار الانفصال و لا حتى تريد ان تمنح زواجنا فرصة اخرى للتفكير؟"
قال وهو يتأمل وجهها: "انت سعيدة معي؟"
نهض و اقترب منها و قال ببرود: "لا اعتقد انك سعيدة و لا يمكن ان تكوني كذلك....... انا اعاملك مثلها لكنها كانت تتمنى الطلاق لانها تكره الحياة معي و تراني رجل سيء للغاية ........أ انت مختلفة؟"
قالت بجدية: "لست سيء....... لك بعض الحق لكن ليس كله"
مرر يده على شعرها الذهبي و على شفتها و قال بلهجة احست انها حقيقية: "اكاد اصدق انك....... تحبينني"



انتهى الفصل

وجوه الشك لكاتبة هند صابرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن