الفصل الثامن

274 11 0
                                    

الفصل الثامن.............

(الزواج البارد)

اقنعت نفسها انها قادرة على تغييره و جعله كما تريد لكن الشيء الذي اثار مخاوفها موافقته السريعة على الزواج !........ فلم يبدر منه ما يدل على انه قد وقع بحبها او اظهر لها انه معقد و كارها للزواج بدى طبيعيا و ساذجا!........ ترى كيف يفكر و بماذا؟........ أ هي مستعدة لكل الاحتمالات و النتائج؟

كانت تداعب شعر الصغير باناملها و تراقب ملامحه البريئة الرقيقة و هو غارقا بالنوم و فجأة انحدرت من عينيها دموع على خديها فلم تستطيع مقاومة ضيقها و اختناقها من الموقف الذي وضعت فيه...... كلام غسان و ليان و كلام ديما و اختها و تصرف يوسف و قراراته كل ذلك خلق ضغط على نفسها و وضعها في حيرة..... ان موضوع عدم اقامة حفل زفاف ضايقها جدا ..... كأن يوسف اكتفى بحفل زفافه السابق و لم يفكر بها تناسى انها فتاة اول مرة تدخل حياة الزوجية و اقل حقوقها هو اقامة حفل و اشهار امام معارفهم لتشعر بقيمتها و اهميتها عند العائلة...... هي تعرف انها مجرد شكليات و المهم ان يكون الرجل طيب و مناسب لكنها مع ذلك بحاجة اليها..... لا تحب ان تفاتحه بهكذا امور يعتبرها سخيفة هذا ليس بالاهمية الكبيرة لكن الذي يحيرها و يؤرقها يوسف و شخصيته انه غامض لا تعرف حقيقة مشاعره....... مسحت دموعها و ابتسمت محاولة طرد تلك الافكار التي تنغص سعادتها عليها ان تفرح و تعيش لحظاتها بايجابية غدا سيتغير كل شيء و ستتفاهم مع يوسف و ربما تكون علاقتهما مثل علاقة راجح بليان انهما مثال للزواج الناجح.

في صباح يوم الخميس كانت ميرا بغاية النشاط و السعادة و المرح ان اليومين التي مضت عززت ثقتها بيوسف فقد كان لطيف و هاديء معها و كأنه يحاول ان يبدء من جديد و انها تعجبه رغم انه لم يتكلم معها بشكل رومانسي لكنه رقيق و يبتسم لها تلك الابتسامة الشفافة التي سلبت قلبها........ انه يوم زواجها من يوسف سيكون يوما مميزا بحياتها رغم قلقها من هذه الليلة لكنها متفائلة ....... متفائلة جدا.

.................................................. ........................
كانت ميرا جميلة للغاية بهذه الليلة المهمة بحياتها كانت ترتدي فستان ابيض عاري الصدر و الذراعين متوسط الطول ملتصق على تفاصيل جسدها الفاتن و تضع مساحيق التجميل بطريقة رائعة ابرزت الكثير من جمال ملامحها و شعرها جعدته بجاذبية عند المزينة بحيث جذبت اهتمام و اعجاب الجميع عندما عادت من صالون الحلاقة لكن المفاجئة الاولى التي تلقتها هو عدم اهتمام يوسف بمظهرها الجديد و كأنها لم تعجبه!...... اذ لم يبدي اي تعليق او رأي بمظهرها بل تطلع بها بفتور غريب!...... ذلك الموقف احبطها من الداخل و بدأت تذهب بين الحين و الاخر الى المرآة و تخفف من الماكياج و تمسح باحمر الشفاه ربما المزينة بالغت بتجميلها حتى جعلتها مصطنعة و هو لا يحب ذلك؟....... فهي لم تعرف ذوقه بعد.

عندما اقبل باهر و جذبها من يدها و وضعها بيد يوسف بدأ التصفيق و المرح من العائلة و قبلتهما ليان و احتضنت ميرا بقوة متمنية لهما حياة سعيدة و باهر كان مرتاحا جدا و كأنه انتهى دوره الى هنا...... عائلة ديما موجودة والديها و لبنى و كذلك زياد و بعض صديقات ليان..... كانت هناك مظاهر فرح و احتفال بسبب راجح و ليان و غسان بدى هادئا و مرحبا بهذه الليلة و حتى ديما و اختها تبتسمان و لا تعلم ما بداخلها ربما استسلمتا للامر و قررتا تركها بسلام ...... لم تفارق الابتسامة شفتي ميرا وشعرت انها بداية جيدة و موفقة وزياد كان يطرح النكات و يضيف مزيدا من المرح الا ان يوسف بدى متكلفا و يصطنع الابتسامة و لم يتكلم معها بأي كلمة.... بررت تصرفه انه خارج لتوه من صدمة و انفصال ستصبر عليه قليلا لابأس بالاساس هدفها من هذا الزواج مساعدته و الاخذ بيده.
قالت قاطعة الصمت بينهما و هي تداعب خاتم الزواج: "ان ذوقك رائع....... اعجبني الخاتم بشدة"
التفت اليها و كأنه انتبه الى وجودها قربه لتوه و ابتسم لها ابتسامة خالية من التعابير ثم وضع يده على يدها الجميلة و ربت عليها مكتفيا بذلك.
وقع بصرها على لبنى التي كانت تدخن و لمحتها مركزة مع يوسف..... استغربت ذلك!
تطلع يوسف الى ساعته بينما الخادمات يقدمن العصير و الكعك و بدى متململا و كأن تلك الاجواء لا تعجبه!......... ربما ذكرته مظاهر الاحتفال بفيرا؟
نهض فجأة و جعل الجميع يتطلع به و قال و هو يفتح ازرار قميصه العليا: "اعلم انه ليس من اللائق ان اترك المكان الان....... لكن ساخرج ساعة فقط و اعود لن اتاخر" تلاشت ابتسامتها و قطب باهر جبينه....... تناول يدها و قبلها و انصرف.
تسائل الاخرين عن سبب مغادرته المكان مع ان الحفلة في بدايتها و بدى الامر محرجا و تحركت اهداب ميرا المثقلة بالمكياج ببطء و نظرت الى باهر الذي اومأ لها ببطء و كأنه يطلب منها ان تحتمل كل ما يبدر منه و كأنها ملزمة بالاتفاق بينهما على مساعدة ابنه.
مرت ساعتين و اوشكت الحفلة على الانتهاء و انصرفت عائلة ديما و قال زياد مودعا: "عروس بلا عريس....... ما اغرب ذلك"
ثم غادر و شعرت هي بالغضب بداخلها لان يوسف اختفى طويلا لكنها كانت تتظاهر بالهدوء و اللطف و قالت بابتسامة: "الساعة الان متأخرة سأذهب الى غرفتي و ارى ...... ارى رامي"

تطلعت ليان بوجه صديقاتها و بدت محرجة و راجح و غسان تبادلا النظرات الصامتة و صعدت هي مسرعة و كانت حزينة لماذا خرج يوسف؟...... جعلها تتحمل كل النظرات الفضولية و سخرية زياد.......... لم تذهب الى الغرفة المهيأة لهما معا بل اتجهت الى غرفة رامي.
حملته و احتضنته الى صدرها لانه كان يبكي و اخذته معها الى حيث غرفتهما.
اعتنت به و اطعمته و فكرها شارد و غيرت له ملابسه و قبلت يديه الصغيرتين قائلة بهمس: "من اجلك ياملائكي سابذل قصارى جهدي...... انت الذي جمعتني بوالدك لا تخذلني يا صغيري و تجعلني اندم يوما ما"
طرق الباب و اقبلت فخرية لتأخذ الصغير و لم تتكلم معها بأي شيء بل اكتفت بالنظرات الصامتة و اخذته و ذهبت .
نظرت الى الساعة التي اعلنت الثانية بعد منتصف الليل و خلعت فستانها ببطء و هي تتطلع في الفراغ...... يوسف غير راغب بها هذا واضح.
ارتدت قميص نوم ابيض و مسحت الماكياج... ست ساعات و يوسف غائبا!
جلست على الاريكة و قلقت بشدة اين هو الان؟........ شعرت بصوت الباب و اعتدلت و ابتلعت ريقها....... فتح الباب و نظرت اليه و هو يدخل و اضعا سترته السوداء على ظهره تطلع بها و اقترب منها و داعب خدها قائلا بهدوء شديد: "الام تنامي بعد؟"
قالت بانفعال و هي تبعد يده: "اين كنت؟"
و شهقت عندما رمى سترته بقوة على السرير و قال بحدة: "كأنني اسمع نبرة حساب؟"
تطلعت بوجهه الذي بدى غاضبا و ملامحه حادة و قاسية و قالت بنبرة ناعمة: "كنت قلقة عليك"
وضع سيجارة بين شفتيه و قال قبل ان يشعلها: "من اشد الخصال كرها عندي لدى المرأة ان تحاسبني او تسألني اين كنت و اين ذهبت....... الم يخبروك بذلك؟"
هي و باحباط: "انا لا اسمع الذي يخبرني عنك........ انا اسمعك انت"
بدأت تعابيره تهدأ و قالت و هي تقترب و تتناول سترته و تضعها في المكان المخصص: "ان كنت اسألك فذلك ليس بدافع التحكم...... على كل حال لن اسألك مجددا"
فتح ازرار قميصه و هو يراقبها بتفحص ...... اغلقت الخزانة و نظرت بعينيه القويتين و خفقت اهدابها و قالت بهدوء: "اظنك تريد الاستحمام ...... ساجهز لك الحمام"
و هي تسير باتجاه الحمام سقط قلبها عندما امسك ذراعها و قال بوقاحة: "كم رجلا عرفت قبلي؟........ و ما تسلسلي بحياتك؟..........أنا الثاني ام الثالث؟"
اتسعت عينيها على اشدهما و هي مصدومة و شعرت انه جرحها في الصميم...... قالت و هي تهز رأسها غير مصدقة و تنتزع ذراعها من يده: "كيف تحدثني هكذا؟...... لا بد انك تمزح"
اقبل اليها بوجه متجهم و بدى مختلفا جدا حتى اخافتها تعابيره و تراجعت خطوة و قال بصوت حاد افزعها و جرح مشاعرها الرقيقة: "لما لا تجيبي؟..... لست عذراء اليس كذلك؟"
هزت رأسها و ظهرت دموعها و قالت بهمس: "انت ماذا تعتقد؟... ماذا تظن بابنة عمك؟"
قال بصوت خافت جعل اوصالها ترتجف: "لا احب الاعتقاد... انا اسأل و اريد جوابا صادقا"

انتهى الفصل

وجوه الشك لكاتبة هند صابرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن