البارت الثامن

312 21 41
                                    

تفاعل بقى، بارت طويل اهو يا قمراتي
دلف تيام إلى ذلك المقهى الراقي، حيث كانت تنتشر الأضواء الخافتة ببراعة، ورائحة البخور المُريحة، تجعلك تهدأ نوعًا ما ... ونظر بعينيه؛ بحثًا عن صديقة، ووقعت عينيه عليه بعد تدقيق؛ فوجده يجلس في اخر المقهى على طاولة بعيدة عن الأجواء نوعًا ما ...
فذهب إليه ما أن وقعت عينيه على صديقه، وتبادلا السلام، وجلس بألم دميم يشعر به في قلبه، ولا يعلم مصدره؛ لينظر له صديقه بحيرة من أمره، وقال بتساؤل بعدما بحلق به باستغراب من حالته : مالك يا بني طلبتني بسرعة وشكلك مش مظبط
نظر له لمدة، وبعينيه دمعة تريد البوح بما هو
يكنه بداخل ضلوع قلبه، ولم يجد جواب للذي يحدث معه، أهو اختبار له ... أم هذا ذنب والله يخلصه منه ... أم ماذا ؟
طال صمته؛ ليقول صديقه بتساؤل فهو حقًا مفتقد صديقه المرح، والذي كان يومًا يحب الحياة، فماذا حل به الآن ؟
وبادر هو بالسؤال، قائلًا بمواساة : أنا عارف انك بتمر بفترة صاعبة عليك جدًا بس صدقني كله هيتحل بس لازم تكون صبور وهادي علشان ميجراش ليك حاجة
نظر له مطولًا لا يقوى على الحديث؛ فما بداخله أكبر بكثير من البوح بها بمجرد كلمات، ثم قال بصوت حاول اخراجه طبيعي، ولكنه بالاخر قد خرت قواه وخرج صوته مبحوحًا بألم : قولتلي كدَ كتير بس مفيش حاجة بتتعدل، بتبوظ ... بتبوظ بس، لكن مفيش حاجة حلوة
نظر له بحسرة على ما توصل إليه حاله، وبسبب من ؟ اقرب الناس له !
وقال بمواساة : طب انتَ عايز ايه
نظر داخل عينيه بتركيز؛ محاولًا تحديد مصيره، ولكن نطق بقلة حيلة : مش عارف ... ثم وضع يده على رأسه بآسى؛ محاولًا اخراج نفسه بهدوء، بعدما بدأ في التنفس بسرعة، وكأنه في سباق ركض، وقال مغمضًا عينيه بقوة : حقيقي مش عارف
فكر صديقه قليلًا، ثم قال مترقب انفعلاته بهدوء؛ محاولًا امتصاص ألمه ذاك : عايز تسيب شمس صح ؟
ليرفع تيام رأسه بسرعة؛ متفاجئ بسؤاله ذاك، وقال بحزن دميم : اكيد لا

_ أناني
كانت تلك الكلمة التي أطلقها من فمه، بترقب شديد؛ منتظر ردة فعله
ولكن خيب ظنه برد فعله، وقال بحيرة : مش عارف
ثم صمت لبره، وتساءل بتردد متألم : هو ممكن أكون فعلًا أناني ؟
أومأ له بصمت، منتظره يكمل باقي ما في جوفه، ليباغته بإستغراب اخر، قائلًا وقد تجمعت الدموع في بقبقتيه : بس انا فعلًا أناني صح ؟ ولم ينتظر اجابته واكمل بتأنيب أكثر بخيال ابتسامة ساخرة : صح يعني ايه احب واحدة واتجوز واحدة تاني، ثم أكمل بتبرير ناظرًا إليه بأمل : بس دَ مش مني صح انت عارف دَ
أومأ له بهدوء؛ جاعلًا له مساحة الإكمل؛ ليكمل الآخر قائلًا : طب ليه يعني هاااا ... اشمعنى أنا من بين كل الناس دِ ليه تحطمني كدَ وهي عارفه اني مش هقدر استحمل الحمل التقيل دَ
نظر له صديقه، وقال بخفوت : يبقى أنتَ بتحب شمس
حرك رأسه بخزي، وصمت لبره؛ محاولًا أن يمد نفسه ببعض من الطاقة؛ لكي يقدر على الاكمل : لأ ... مش فاهم نفسي مش بقدر على بعدها، بس قلبي مش معاها هي ... بس والله أنا مش قصدي اظلمها معايا في حكايتي، هي اللِ دخلت بسببها، ايوه هي السبب في كل دَ انا مكنتش اقصد كل دَ يحصلها ... أنا عارف أنها انقى واطهر من انها يحصلها كل دَ، بس حقيقي غصب عني ... طب اعمل ايه تعبت معافرة مع قلبي انه ينساها ... وبتحرق لما بشوفها معاه، أنا كنت أولى بيها منه ... ثم اشار إلى نفسه وقال : انا اللِ حبيتها مش هو، ليه ؟
اقترب منه مربتًا على يديه عله يهدأ من روعه ولو قليلًا، وقال بخفوت مُترقب : علشان هي مش مجبرة تستحمل لما تلاقيك رافضها في مرضها ... وانتَ مشرحتلهاش موقفك
وضع يده على قلبه، عله يهدأه ولو قليلًا؛ فهو دائمًا ما يفقد احبائه، بل ويوضَع في تجربه لم يكن يومًا يتمناها لألد أعداءه ... وامسك اغراضه على الفور وغادر بتعب، وتثاقل
ليسأله صديقه بتعجب : رايح فين
لم يعطيه جواب، واكمل سيره إلى ألا شيء
أما صديقه فتراجع إلى الوراء، مستندًا على ضهر المقعد خلفه، وتفكيره منشغل به؛ ليجري مكالمة مع شخص ما
فمع من يا ترى ؟
وماذا سيفعل تيام ؟
ومن هي التي يتحدث عنها ؟
_______________________________________
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم واتوب اليه
____________________________

في صباح اليوم التالي، في الشركة التي تعمل بها شمس
كانت تدلف بحماس، ولكن بجسد متثتقل، ولا تعلم لما؛ فهي كانت بخير في الصباح، ولكن ما يقلقها هو عدم مجئ تيام المنزل في البارحة ... لتلعن قلبها على غبائه، وخوفه عليه في الآخر، ولكنها باغتته معنفه إياه بغضب، ودلفت الى عملها بغضب؛ لتستغرب ليليان من حالتها تلك، ولكنها فضلت الصمت
ليأتي لها احد زملائها في العمل، ويقول وهو يبادر في السلام، ولكنها نظرت له ترى وإلى يده ترى آخرى، ومن ثم قالت بآسى ممزوج بابتسامة خجل : بعتزر مش بسلم
اُحرج ... ولكنه ابتسم بهدوء وقال : تمام ... انا مهندس الديكور عثمان الهاشمي 
اومأت له وخيال إبتسامة يزين ثغرها، ثم قالت : اتشرفت بحضرتك
نظر لها بإعجاب شديد، وقال : الشرف ليا
أومأت له، ثم بدأ كل منهم في عمله؛ لتنتشلها ليليان من تركيزها في اثبات نفسها، وهي تقول بسخرية : ايه أنتِ واخداها جد كدَ ليه
تعجبت منها، وتسألت بتعجب رافعة حاجبها بإستغراب: اومال اعمل ايه
نظرت لها الثانية بخبث، وقالت وهي تعطيها شيء ما : خدي غذي نفسك
نظرت لها الاخرى بصدمة، وفم يكاد يصل إلى الأرض، وقالت : يخربيت دماغك ... ايه دَ يا بني أدمة براس بخاخه
تجولت ليليان بعينيها حول الغرفة، وابتسمت عندما لم تلقى كاميرات مراقبة؛ وقالت بغمزة : كولي كولي محدش هيعرف
آمنت لها، وبدأن الإثنتين في تناول الطعام، وبعد مدة كانتا قد انتهيا من تناول طعامهم؛ لينظرن إلى بعضهم بخبث، وبدأن في الضحك الهستيري، ولكن قطع عليهم لحظتهم تلك دلوف إحدى الموظفات؛ تخبراهن بطلب مستر عز لهم؛ لينظران إلى بعضهم البعض، وقد تغيرت معالم وجههم، ثم بدأن في السير باتجاه مكتبه بخطى متثاقله، ومن ثم طرقوا عدة طرقات حتى اذن لهم بالدلوف ...
دلفتا إلى الداخل، وكلًا منهن يريد الفرار منه، ولكن عليهم تحمل خطأهم ...
لينظر الآخر لهم بترقب، وبداخله يريد الضحك على مظهرهم، ولكن عليه تلقينهم درسًا؛ حتى لا يخطأن مرة أخرى
قالت بصوت اشبه بالاشباح في مَخُوفَتَهم : انتوا عارفين انتوا عملتوا ايه وفي شركة مين ؟
نظرن له، ولكنه قد سُحِر حقًا بعيون ليليان؛ ليظل ناظِرٌ لها لبضع ثواني، ولكن نفض تلك الافكار بعيدًا، وقال بغضب دميم : أنا لما اتكلم تردوا عليا
لم تقوى ليليان على التحدث؛ فظلت صامتة لدقائق، أما شمس فكانت بحالة لا تحسد عليها، ولكنها تسارعت قائلة بأسف بعدما رأت نظراته لليليان، وارتباك الآخرى: احنا بنعتزر لحضرتك جدًا
نظر لها بسخط، ولم يعيرها اهتمام، وقام بتوجيه حديثه لليليان بصوت جحيمي : أنتِ يا هانم كلت لسانك القطة
نظرت له بغضب، وقد تحول وجهها إلى الأحمر، وقالت بصوتِ غاضب بشدة؛ فهي تكره هذه الجملة التي تذكرها بأسوء كوبيسها : ....
فماذا ستقول يا ترى ؟
اما عز فعلى ماذا ينوي ؟
وهل مسيرة الرواية ستتغير أم لا ؟
رأيكم يا قمرات ؟ تعبت فيه جدًا بجد كان مرهق
الكاتبة / لقى محمد "غُصن"

ضياء الشمس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن