البارت الثاني عشر

265 16 20
                                    

قاطعها رنين الهاتف عن إكمال حديثها ... أو ربما صراخها؛ لينظروا له وبداخل كل منهم تضارب مشاعر اشبه بتضارب الامواج بصخرة؛ فشمس لعنت تحت انفاسها؛ فمازال بداخلها الكثير تريد البوح عنه، أحتى البوح لا يُكتب لها ؟
أما الآخر فقد نظر له كمن لقى كنز عظيم؛ فحقًا بوحها، أو ربما عتابها يشبه نيران تتشابك بين شراين جسده ...
ليجيب على الهاتف بتردد، ولكن حتمًا عليه أن يُجيب ... ثواني وكان قد يأتيه صوت الآخر وهو يقول بحماس بدى في نبرة صوته : تيام عامل ايه
حاول أن يخرج صوته طبيعيًا، وقال بصوت مهزوز نوعًا ما : الحمد لله ... ثم اردف بتساؤل : أنتَ عامل ايه
رد عليه الاخر بنفس حماسه، ولم يلاحظ نبرة صوت تيام : الحمد لله ... المهم عملت ايه علشان فرح بكر
ضرب مقدمة وجهه بآسى، ثم قال بتنهيدة غاضبة : اه كنت هنسى
لتصله رنين ضحكت الآخر؛ ليستغرب منه، ولكنه اكمل : كنت عارف إنك هتنسى
ظهر التمعص على نبرة الاخر، وقال : خلاص هتصرف ...
ليومأ الآخر ويغلق الهاتف بهدوء بعدما ألقوا السلام على بعضيهما، ولكنه ابتلع لعابه بتوتر شديد، وهو يستدير بتردد وينظر الأخرى بخزي مما فعله بتلك الملاك ... ولكنه اقترب منها، اخذًا وضع القرفصاء امامها، محاولًا مسح دموعها؛ ليتفاجئ بها تبعد يده بشدة غاضبة، وتكمل صراخها قائلة : قولتلك متقربليش
نظر لها بضع ثواني، ثم لبى رغبتها، وجلس على طرف الفراش موليها ظهره، وقال وهو يخفض رأسه بحزن : أنا عارف اني جيت عليكِ كتير ويمكن كنت نافيك من حياتي اصلًا مع أنك ملكيش ذنب في كل دَ بس اوقات البني ادم بيكون تايه ومش عارف هو بيعمل ايه ... مش عارف انه بيبوظ حياة شخص بناها عليه في الأساس، ولا بيدور على حلمه اللِ بوظهوله اقرب حد ليه، واللِ برضو مجبر يبقى معاه بعد كل سوء حصل منه ... ولا بني ادم بيكسر في اوضة بالأساس هي اللِ أوياه ... تنهد محاولًا اخراج صوته، ودموعه قد بدأت سيرها مرة آخرى، واردف : عارف انك اكتر حد اتوجع ويمكن اكتر مني ... بس حقيقي انا تعبان ومش عارف انا بغرق ولا انا بعوم ... انا مبقتش فاهم حاجة
استدار برأسه وقال وهو يناظرها بأمل : تفتكري دَ غضب من ربنا ؟
بس انا مأذيتش حد يمكن ظلمتك بوجودك في حكايتي بس دَ قدرك ونصيبك، وفعلًا لو رجع بيا الزمن عمري ما كنت هتجوزك علشان متوصليش للمرحلة دِ من الوجع معايا ... انا والله ما كنت كدَ ... انا كنت ... كنت بحب الحياة، كنت بدأت احبك؛ ليحول نظره عليها ويركز على ملامحها الباكية، ويكمل وهو يخفض رأسه مرة أخرى بحزن : بس ... بس وجودها قدام عيني عمى قلبي عنك ... ليطلق تنهيدة اخرى يراودها الشعور بالتعب : انا تعبان ... مش قادر اكمل في الكابوس دَ ...
ليرتمي على الفراش بتعب، والدموع ما زالت تشوه ملامحه التي اتعبها الزمن والكواليس  ...
______________________________________
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه
_____________________________

أما على الصعيد الآخر

دلفت إلى المنزل متجهة إلى غرفة والدتها لتجدها ملقاة على الأرض؛ ليهلع قلبها وتركض اتجاهها بانفاس متثاقلة وتردد، وهي تقول بمرارة، وتقوم بهزها : ماما
لم تجد اي استجابة منها؛ لتسير الدموع على وجنتيها بعدم تصديق، وهي تصرخ بوجع وتقول بوجع : لا ... هااا لأ مش هسمحلك، ومن ثم تحاول حملها بين ذراعيها بشهقات تتعالى اكثر فأكثر بعدم ادراك للذي يحدث معها الان، ولكن صراخها كان هو سيد المكان وهي تقول ببكاء : امي ... بالله تصحي ... طب مش احنا اتفقنا نروحله سوى ؟
لتصدر صرخة دوت في العمارة باكملها، وهي تقول ببكاء مرير : يا ماما اصحي علشان خاطري
( مش عايزة اطول في المشهد دَ لأن انا اللِ هعيط )
ليقاطعها دلوف جيرانها عليها بهلع، وهم يتساءلون بقلق : ايه حصلها ايه
ظهر الترجي بين ثنايا مقلتيها؛ لتقول بوجع : بالله عليكِ تقوليلها تقوم ... ثم تكمل وهي تزدرد لعابها بصعوبة : هو أنا هونت عليها كدَ ؟
واكملت وهي تصرخ معنفة اياها بوجع : سابتني ليه ... هاااا والله بحبها اكتر من نفسي بس خليها تقوم
لتنتشلها احدى الجيران داخل احضانها؛ مُهدءة اياها ببكاء من ما تقوله تلك الصغيرة، وعلى تلك المرأة الحنونة التي تركت كل ما خير ...
اخذت تربت على ظهرها بألم على حالها، ثوني وكانت قد بدأت تتثاقل بين احضانها ...
لتصرخ الاخرى على باقي الجيران حتى يوقظوها، دقائق وكانت تفيق وهي تنظر لوجوههم متمناة ان ترى وجه والدتها فقط؛ لتقوم بالاتصال على باقي العائلة حتى يتم دفنها ... وبعد بعض الوقت الذي لم تعلم عدده؛ فهو قد مر عليها مرور الضهر، ثواني وكانت تشهق شهقات متتالية وهي تراهم يكفنون والدتها، أو لنقول حياتها التي سترقد بين التراب ...
ليعلوا شهيقها عندما تجدهم ياخذونها؛ لتاخذ تقبل راسها وتدعوا لها بقلب ينفطر عليها؛ فقد ذهبت قطعة من روحها ...
ثواني وكانت تذهب لعالم لا تعلم ما هو؛ لتعلوا اصوات الاشخاص من حولها، وهم لا يعلمون ماذا سيحدث ؟ فحقًا ماذا سيحدث ؟
كنت اتمنى إن البارت يبقى اطول من كدَ بس تعبت ولو قدرت هكمل بكره
الكاتبة / لقى محمد "غُصن"

ضياء الشمس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن