البارت الحادي والعشرون

86 6 101
                                    

متنسوش النجمة
لم تجد سوى رقم مسجل باسم تيام، نعم يا سادة ... لم تجد سوى اسمه المدون على شاشة الهاتف امامها، ظلت تفكر لبضع دقائق، حتى توصلت لحل والذي لم تجد سواه ... الا وهو الاتصال به؛ فهو ملجأها الان، لتضغط على رقمه ببصيص أمل وتنتظر لبضع ثوان، ولكنها وجدت انه لم يجيب عليها، لتقوم بالاتصال مرة أخرى، ولكن
تلك المرة اتاها رده بعد بضع ثواني، قائلًا بنفاذ صبر ممزوج بغضب جحيمي : ايه ... عايزة ايه
ابتلعت غصتها بوجع من كلماته السامة وقالت بسرعة و نبرة الاستنجاد تستحوز عليها : تيام الحقني أبوس ايدك فِراس حابسني في البيت وبيعذبني بالله عليك تلحقني، صمتت قليلًا واكملت بوجع يدمدم بثنايا روحها : والله مليش غيرك دلوقتِ ألجئ ليه ... مفيش ارقام على التليفون دا غير رقمك
أطلق تنهيده طويلة، وأخذ يفكر ... أينجدها من براثين ذلك المعتوه خاصتها ... أم يغامر بشمس للمرة اللتي لا يعلم عددها وينقذها من براثين ذاك "الفِراس" خاصتها، ليأتيه صوتها المترجي على النحو الآخر، قائلة بمأساة : خلاص يا تيام لو هتتأذي بسببي بلاش تتصرف وأنا هحاول اطلع نفسي من هنا من غير ما فِراس يحس
شد على خصلاته عله يفرغ ما في جوفه من اضطرار وخوف من تلك الخطوة أن تؤثر على قرار شمس اتجاهه، ولكنه بالآخر قال ببغض لأول مرة اتجاهها : لأ يا رحيق انا جايلك حالًا ... ثم صمت قليلًا واردف بتحذير : اهم حاجة تعملي التليفون صامت علشان لو جه في اي لحظة وشوفي اي مخارج تكون بعيدة عن باب العمارة
جحظت عيناها بخوف وقالت بهلع : انا في الدور الخامس يا تيام اكيد مش هنط من الارتفاع دا
لم يعطها اهتمام واغلق الهاتف على الفور ... بينما عينيه كانت قد انفرجت على اخرها عند رؤيته لشمس تحملق بوجهه والدموع تُذرف من مقلتيها، ليقترب منها بسرعة؛ محاولًا التوضيح لها ولكنها اخذت في الابتعاد وشفتيها تهذي بكلام لم يستطع فهمه، بينما جسدها اخذ في الارتعاش بعنف، ولكن ما استطاع فهمه هو كلمة " ليه" اللتي كانت تهذي بها بخفوت، ولكنها سرعان ما تمالكت نفسها وجرت سريعًا إلى الدرج، وآلاف الطعنات تراودها، والشعور باليأس كان هو المسيطر عليها، بينما الآخر اخذ في الركض وراءها ... عله يوضح لها سوء الفهم العين اللذي يطارده حيثما كان؛ فهو حقًا يكاد يقسم انه ملعون بسوء الفهم الملاحق له ... بينما لسانه فقد اخذ ينطق باسمها علها تلتفت إليه، ولكنها فاجأته بالتفاتها وقولها السريع، والغضب هو المخيم على صوتها، واللذي بالكاد حاربته ليخرج من حنجرتها التي لم تسعفها، ولكن بالاخير استطاعت أن تنطق: ايه هااا ... عايز ايه؟ عايز تكدب كدبة اصدقها وارجع امثل دور الضحية اللي انا عايشة فيه وكأني مستمتعة بيه؟ ... علشان استحمل فوق طاقتي لمجرد اني عايزة المركب تمشي؟ ... علشان اعيش عيشة مش بستفاد منها غير اني بتخان وبيتغدر بيا واقعد اعيط ... صح؟ لأ بقى أنا زهقت منك، ذهقت امثل اني مش فاهمة حاجة ... شبعت امثل، لتبتسم بغلب، وتنظر له بعيون باكية ممزوجة بنظرت كره؛ جعلته تمنى الموت قبل رؤيتها نابعة من بين جفنيها، وقالت بسخرية لازعة : معلش اصل أنا مش زيك، حاولت التنهد ولكنها شعرت وكأن الهواء هرب من حولها، ولكنها غير مبالية بشيء سوى افراغ كل ما في جعبتها من تضارب، وقالت بصراخ خفيف، ولكنه كان قادر على اخراج الكثر من الجراح القابعة بداخلها :  ايه مبتزهقش كدب وخداع ... ومن ثم اردفت باحتقار ونظرها مثبت على بؤبؤتيه : انتَ ازاي كدا ... ازاي قادر تبقى بوشين كدا ... هااا؟ امبارح كنت بتعيطلي علشان موافقش على الطلاق والنهاردة بتكلمها ... لأ وببجاحتك عايز تروحلها البيت! حقيقي مشوفتش حقا، ولكنه باغتها بصفعة قوية استطاعت اسكاتها، قائلًا والغضب كان قد نال منه : ايه مبتزهقوش ظلم فيا ... كفاية بقى ... صمت قليلًا واردف قائلًا بتسرع على عكس عادته : عايزة تطلقي، ومن ثم حول نظره إلى عيونها بشئ من الجحيم وقال والعند قد ناله : أنتِ طالق وورقتك هتوصلك لحد عندك ... والبيت اللي باباكِ عايزه عندك اهو اشبعوا بيه، ولم يترك لها المجال للتحدث واخذ يركض على الدرج حتى يهرب من وجعه، وينقذ الاخرى بينما شيء واحد هو المسيطر عليه ... ولا احد يعلمه سواه
جحظت عيناها، بينما يدها تحولت موضوعة على وجهها بوجع اخذ يدمر جزء تلو الآخر في جسدها، والدموع تذرف بانسياب إلى طريقها والذي بدوره حُفر على وجهها لأوجاع اخذت تدون في أولى سطور اطلاعها للضوء، بينما لؤلؤتيها كانت تتركز على الهواء والذي رُسم كأنه هو من يقف امامها؛ فكيف لها تُهان بصفعة للمرة الثانية على التوالي!؟ أهي ضعيفة إلى تلك الدرجة؟ لتصدر من بين شفتيها شهقة تلو الاخرى؛ فلم تقدر على التحمل، ولكنها تلك المرة اغمضت عينيها بقوة محاولة الاستيقاظ من ذلك الكابوس الذي ظل يراودها، والتحكم بنفسها؛  لتأخذ شهيقًا طويل علها تأخذ من الهواء ما يروي روحها، ويداوي ما فيها من اوجاع ... ثواني وكانت تذفره بهدوء وهي تنزل الدرج بهدوء جم، وكأن شيء لم يكن، لتتفاجئ بليليان التي كانت تركض على الدرج بفزع من هيئة ذاك التيام الغاضب بشدة، ولكنها لم تأخذ قسطتها الكافي من الفزع؛ ففزعها كان قد زاد اكثر عند رؤيتها لهيئة وثبات شمس، لتوقن انها الان في متاهة صعب الخروج منها بسهولة؛ فهي حقًا تعرف حق المعرفة ما سيأتي بعد ذلك الثبات وتلك النظرة الثاقبة القابعة بداخل عيونها، والتجمد المسيطر على ملامحها، ولكنها كادت أن تلعن تحت انفاسها من ما قالته شمس والبرود مخيم على صوتها وملامحها : تعالي يا لولو افرجك على بيتي ... ومن ثم صمتت قليلًا، وقالت بإعتذار، والابتسامة تسيطر على ثغرها: معلش معرفتش افرجك عليه الفترة اللي فاتت
فرغ فاه الأخرى، وقالت بدهشة سيطرت على نبرتها : انتِ كويسة يا شمس
حملقت الأخرى في نفسها بتمعن، ثم حولت نظرها لها وقالت بعدم فهم متقن : اه، ثم أكملت بتساؤل : ايه في حاجة في لبسي
حاولت الاخرى تمالك اعصابها، وقالت بمسايرة : لأ يا روحي ... تعالي وريني الشقة
ابتسمت لها بهدوء وقالت بترحيب : تعالي يا ستي
ودلفت وهي على ثغرها ابتسامة عريضة، واخذت تُريها منزلها بحماس شديد يتنافى مع ما حدث منذ قليل، بينما الاخرى كانت لا تُحسد على موقفها؛ فلا تعرف ما حدث ولكنها تعلم حق العلم ان شيء سيء حدث؛ فتلك ليست شمس التي تعرفها منذ ايام قليلة، ولكنها انبهرت حقًا من ذوق صديقتها في اختيار الاثاث، كادت أن تقسم انها لم ترى اثاث بهذه الروعة والبساطة من قبل فكان كل شيء بسيط جدًا ورقيق للغاية، وغير مبالغ به؛ فابتسمت بتكلف؛ فانبهارها بالاثاث لم يُنسها ما حدث منذ قليل ... حقًا إن تفكيرها مشوش للغاية، لا تعرف ما يجب عليها فعله لأن، ولكن قاطع تفكيرها اتصال من والدة شمس، فنظرت لشمس وحالتها الغريبة وللهاتف ترة أخرى، ومن ثم حسمت امرها بالإجابة، ولكنها خشت أن تسمعها شمس؛ فذهبت إلى مكان بعيد عن شمس، واجابت ، ليأتيها صوت والدتها المتلهف تقول بخوف على ابنتها : شمس عاملة ايه يا ليليان حصل حاجة ... تغيرت نبرتها لاشد خوفًا، قائلة : انا قلبي مش مطمني
لتقول الاخرى وهي تطالع صديقتها بعدم فهم، وكأنها تُعاين حالتها : مش فاهمة
ليأتها صوت الأخرى، متسائلة بغضب : نعم يعني ايه مش فاهمة!
لتجيبها ببساطة وكأنها تروي قصة عادية : والله مش فاهمة المفروض إن تيام كان نازل شايط وبيجيب نار من كل حتة وشمس بتضحك مش فاهمة في ايه عينها فيها حاجة حاسة بغدر أو اتقام مش عارفة ... حقيقي مش فاهمة هي زعلانة ولا فرحانة ... مش فاهمة
فماذا تنوي شمس؟
وهل هناك احداث موجعة اخرى ؟
أم أن تلك هي نهاية سطور الوجع في حايتها؟
__________________________________

ضياء الشمس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن