البارت التاسع عشر

268 17 50
                                    

التفااااعل، 20 نجمة وانزل البارت العشرون
كان يجلس في أحد المقاهي، ويباشر عمله عبر اللابتوب، الموضوع أمام نظره مباشرة، رجع إلى الخلف قليلًا واضعًا يده خلف رأسه بتعب، مطلقًا تنهيدة مُتعبة؛ لتأتي على باله أخته فيقرر أن يتصل بها قبل ان يذهب إلى عمله في الشركة مرة أخرى، قرب يده من الطاولة؛ ليأخذ الهاتف ويضغط على عدة ازرار، ويصمت قليلًا حتى تُجيب، ولكنها لم تُجيب عليه؛ ليقلق الآخر ويعاود الإتصال مرة أخرى، ويتنظر لبرهة، ثواني وكان يأتيه صوتها المتحشرج، وهي تجيب عليه قائلةً : ألو يا ضياء ... معلش تقفل دلوقتِ
انكمشت ملامحه، وقال بقلق رافعًا احدى حاجبيه : في ايه ... وايه الدوشة اللِ حوليكِ دِ ... أنتِ فين يا ليليان
زاد صوت المشاجرة من حولها؛ ليهلع قلب الآخر أكثر؛ لتجيبه اخته بسرعة ختى تقفل الخط سريعًا : أنا عند المأذون، ومن ثم تقول بشهقة : اقفل دلوقت
وقع قلب الآخر أكثر، عند نطقها لكلامتها التي جعلته يخاف أكثر عليها؛ ليقول بسرعة ممزوجة، وقلق زائد : مأذون ايه، ومن ثم اكمل بصوت علي نسبيًا : أنتِ فين بالظبط
لم تُجيبه واغلقت الخط سريعًا ... ليقوم عن جلسته سريعًا والتوتر يكاد يقتله، اغلق اللابتوب بإهمال، وخرج من المكان سريعًا متجهًا إلى سيارته، نظر أمامه لبرهة، ورفع يده على رأسه، شاددًا على خصلات شعره بغضب جم، وخوف على اخته ... نظر إلى الهاتف وعاود الاتصال بها جديدًا، ولكنها لم تُجيب؛ لتمر العديد من السيناريوهات المحتملة في مخيلته، وخوفه عليها يزداد؛ فكل ما بباله أن يكون طليقها قد عاد إليها، مُجبرًا إياها بأن تعود له ... عض على شفتيه، وقبض على كف يده بشدة؛ حتى يخرج توتره ذاك ... ثواني وكان يحاول مجددًا، لكنها جاوبته هذه المرة قائلة العنوان بسرعة، ومغلقة الهاتف؛ ليسرع الآخر بالذهاب إلى ذاك المكان ...
_______________________________________

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليمًا كثيرًا عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك
اللهم ادخلني جناتك بدون سابقة عذاب
_____________________________

على الجانب الآخر ...

انفتحت عيونهم جميعًا على مصرعيها، وكانت تعبيرات الصدمة بادية على ملامحهم ... اقتربت شمس منه بصدمة، وغضب دميم : أنتَ بتقول ايه يا بني ادم أنتَ
نظر لها بثقة، واردف بتثاقل في النطق : طلاق مش هطلق يا شموسة
ارتدت للخلف، قبل أن تُجيب؛ بسبب انفعال والدها الشديد، وقوله بتحدي وغضب : هنرفع عليك قضية خلع ووريني بقى يا شاطر هتعمل ايه
اقترب منه قليلًا، ونظرة مصوب داخل عين جمال بغضب جحيمي، وقال بثقة : عمي أنتَ متعرفش حاجه، وكل اللِ شفتوه كدب ... ليكمل بترجي : ممكن تسمعوني؟
صوبت نظرها داخل عينه بقوة، وقالت بهدوء ممزوج بشعور بالخذلان : ابعد عني يا تيام ... وصمتت مُطلقة تنهيدة مغلوبة، واردفت بتعب بادي على ملامحها : انا مبقتش عايزاك
شعر بوخزة بقلبه، واغلق عينيه بتألم؛ محاولًا تهدأة اعصابة، واردف بمحاولة منه للاقتراب، وبنبرة حنونة : بس انا عايزك يا شمس، وصدقيني مش هطلق؛ فوفري على نفسك تعب ومجهود وارجعي معايا ...
ربعت يدها امام صدرها، وقالت بثقة ممزوجة بتحدي : وانا مش راجعة يا تيام، واوعدك مش هرجعلك لو كانت حياتي فايدك
اغرورقت عينيه آلمًا؛ ليحاول قدر المستطاع أن يكبح دموعه، ومنعها من السقوط، ثم حول نظره للأرض عله يلقى كلمة تقنعها، ثواني ورفع عينيه لها مرة أخرى وقال بصوت عالي نسبيًا : بس انا بحبك يا شمس ومش هسمحلك تبوظي حياتنا
نظر لها مرة أخيرة وقال بهدوء : فكري يا شمس علشان دِ حياتنا، يعني مش لعبة، ثم اقترب منها وقال بنبرة حانية، مترجية : ارجوكي متبعديش عني
ولم يعطِ إليها الفرصة، بل ترك المكان سريعًا تحت انظار الجميع، ونزل على الدرج بخطوات سريعة متعجلة، وقد اباح لدموعه بالنزول، ورأسه نزلت؛ فهو لا يريد لأحد أن يراه بتلك الحالة، حتى إن كان لا يعرفه ... اصتدم بشخص أثناء نزوله ،ولكنه لم يرفع رأسه قط ... بل اكمل نزوله
ثواني وكان يقود سيارته بسرعة، وكأنه يريد الهروب من شيئ سيئ يلاحقه ...
بينما ضياء وقف ينظر له لبرهة بإستغراب، ولكنه لم يعير للأمر أهمية، وأكمل صعوده؛ فقلقه على اخته كان أكبر من فضوله ... ثواني وكان يدلف إلى مكتب المأذون بسرعة؛ ليجد الجو مشحون، ولكنه تنهد بارتياح عندما وجد ان اخته بخير، توتر بشدة؛ فهو لا يعلم احد هنا، ولكن من الموقف قد فهم أن تلك المنهارة هي المقصودة ...
لم يعيره احد اهتمام، بينما والدها اقترب منها، وجلس على ركبتيه بصعوبة، وقال بغضب متوعد : متزعليش نفسك يا قلب ابوكِ، أنا هلففهولك حولين نفسه، ومن ثم حول يده إلى كتفها مُربتًا عليه بحب شديد، وقال بصوت به طمئنينة : وعد هخلصك منه
اقترب ضياء من ليليان بسرعة، وقال بتأنيب : خضتيني عليكِ أوي
لم تُجيب عليه، بل قالت بشهقات موجوعة : عاشت نفس تجربتي يا ضياء
كوب وجهها بحنان بالغ، وقال بتهدئة : كله هيبقى تمام، صمت قليلًا وقال بخيال ابتسامة : مش أنتِ بقيتِ بخير ورجعتِ زي الاول، هي كمان هتبقى بخير ... أهم حاجة تبقي جنبها علشان هي اكيد محتجاكِ دلوقتِ
اومأت له، ودموعها تسير على وجهها، وشعورها بآلام قد قل قليلًا ... اطلقت تنهيدة مُتعبة، وقد حولت يدها المرتعشة على وجهها تمسح دموعها، ثم ابتسمت له بامتنان، وذهبت تُربت على كتف شمس، وتقول لها بعض الجُمل التي تريحها نوعًا ما ...
نظر لها بإبتسامة، ثم حول نظره لتلك القابعة امامه، والانكسار بادي عليها، حاول التركيز في ملامحها، لكنه تذكر غض البصر؛ فحول نظره إلى الارض، ولكن لا يعلم لما شعر بالتعاطف معها، وبقلبه صوت يقول انها قد تحملت الكثير، ولكن قطع عليه تفكيره، اقتراب والدها منه وقوله بإستغراب : أنتَ مين يا بني
مرت خيال ابتسامة على ثغرة، ومد يده له، قائلًا بتوتر من وجوده : أنا ضياء أخو ليليان، صمت ثم اكمل بعدما تبادلوا السلام، والتوتر بادي على ملامحه، بعتذر عن وجودي بس لما اتصلت على ليليان ولقيتها بتعيط وفي دوشة حوليها اتخضيت عليها، ابتسم الاخر بتفهم وقال مربتًا على كتفه : ولا يهمك يبني
بادله الابتسامة، ثم قال بسرعة ممزوجة بإرتباك : احم لو حضرتكم هتروحوا انا ممكن اوصلكم
رفض قائلًا ببعض من الهدوء؛ فما حدث لم يكن بهينًا : لأ يابني مش عايزين نتعبك
حول نظره له، وقال بتبرير : أنا مش بعزم يا عمي، انا هوصلكم
نظر له مُبتسمًا على لُطفه، وقال : ملوش لزوم والله، وانتَ أكيد وراك شغل
رفض قائلًا بإصرار : لأ هوصلكم الأول
أومأ له؛ فهو ليس بحالة جيدة، ولا تقدر قدميه على حمله أكثر من ذلك، والأحداث لم تكن بهينة عليه ...
ذهب يأخذ ابنته، معتذرًا من المأذون؛ عن اعطاله عن عمله، ثم غادروا المكان، وبداخل كلًا منهم احاديث وذكريات تتضارب كالأمواج ...
بينما شمس كانت بعالم آخر مليئ بالحروب الداخلية ... كانت دموعها تسير على وجنتيها في طرق قد حفرتها ... كانت تنظر إلى اللاشيء، وتشعر وكأنها ستفقد شيئ من روحها، بل وستدفع ثمن ذلك مشاعرها المهدورة في اللاشيء ... والشعور بالفراغ المُحتل لقلبها يقتلها حقًا

كان والدها ينظر لها من حين لآخر، وبداخله تأنيب كبير؛ فكيف له أن يعطِ ابنته ليد ليست امينه، كيف يجرح مشاعرها البريئة، كيف يستهتر بمشاعرها ويضعها بين يد لم تفعل شيئ سوى جرحها، كان بقلبه شيء يُؤنبه، كان ينظر لها ترى وإلى الطريق ترى آخرى؛ فكيف لأب أن يرى ابنته بتلك الحاله ويظل صامدًا

على الجانب الآخر كان شريط حياتها مع ذاك الشيطان، الذي كانت زوجته يومًا ... كانت تشعر بالوحدة، تريد أن تظل وحدها الآن ... تريد أن تلقاه وتلقنه درسًا لن ينساه، لم تعد تفهم مشاعرها، أهي ما زالت تريدة وتحب وجوده، أم تكرهه وتبغض وجوده، كانت تعشقه ... ما زال ذاك السؤال يراودها منذ طلاقهما ألا وهو، لما كان يفعل بها كل هذا وهي لم تكن له سوى مشاعر الحب!؟

كان قلبه ينتفض؛ حينما ينظر لها في المرأة ويرى شحوبها، يعلم جيدًا ما تشعر به الآن؛ فكيف لأخ أن لا يشعر بما تشعر به اخته؟
يعلم أن مشاعر الحنين والبغض يتضاربان بداخلها الآن ... تمنى لو كان منعها من المجيئ حتى لا تشعر بما تشعر به الان ... ولكنه تراجع سريعًا عن تفكيره، عندما حول نظره إلى ذلك الطائر الجريح القابع بالخلف، نفض رأسه عن تلك الافكار التي تراوده، وركز في طريقه ...

ظن الجميع بأنها قويه، ولكن ما لم يعلموه بانها توشك على الصراخ بما تشعر به الآن، ظلت محتضنه ابنتها؛ علها تزيل عنها ولو قليل لما تشعر به ... كانت تشدد من احتضانها كلما تذكرت نظرتها المنكسرة، وكيفما حاولت اخفائها فشلت ... ظلت تلعنه تحت انفاسها
وبعد مرور بضع دقائق كانوا قد وصلوا أمام العمارة، وترجلوا من السيارة بكسرة وكأن على رأوسهم الطير، شاكرين ضياء على تلك التوصيلة، وصعدوا جميعًا إلى المنزل، بينما اعتذر ضياء بأنه سيأخذ ليليان، ويعيدها في الصباح الباكر، ورحل ...
_____________________________________

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، وطاعتك
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم عدد خلقه ورضا نفسه وزنه عرشه ومداد كلماته
____________________________

على الناحية الأخرى

كان يجلس على كرسي متحرك في مكتبه، وقدميه يضعهما على المكتب أمامه، ونظره مصوب على تلك الاوراق، والتي تعني له بمثابة كنز دفين، وظهره مُرتد إلى الخلف، بينما كانت تلك الابتسامة اللعوبة تسكن ثغرة؛ ليقول بنصر : كدَ أنتَ بقيت رسمي تحت رحمتي
ثم نظر إلى مساعدة اللعين، وقال بخبث شديد : ابعت ....
فماذا سيحدث يا ترى؟
وماذا سيرسل له؟
وهل للكواليس رأي آخر ؟ أم أن الأحداث ستسير على هذا النحو؟
20 نجمة وانزل البارت العشرون

الكاتبة / لقى محمد "غُصن"

ضياء الشمس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن