البارت السابع عشر

151 14 46
                                    

النجمة قبل ما تبدأوا
استيقظت شمس على الساعة الثالثة فجرًا، واعتدلت في جلستها مُتذكرة ما حدث لها في الأمس؛ لتغرورق عيونها آلمًا وندمًا على ما اعطت له من حب، وحنان، واحتواء والكثير من المشاعر التي لم تؤذي أحدًا سواها؛ لتنفجر في بحور من الدموع وشهقاتها تملئ المنزل؛ لتسطر الجدران بوحًا عن ما يجول بخاطر تلك الفتاة المسكينة، ويهلع قلب والدتها والتي قد وصل إلى مسامعها صوت بكاء ابنتها المرير؛ لتنتفض بألم من أجلها فقط، وتقوم عن نومتها، وتسير بين طرقات المنزل بوجع جم، يقبع داخل قلبها، ثواني وكانت تدلف الغرفة بخطوات متعثرة؛ اثر وجع ركبتيها كأي أم في سنها هذا ...

ازداد نحيب الاخرى عند رؤيتها لوالدتها، والذي على اثره اقتربت منها والدتها؛ لتربت على كتفها، ولكنها لم تعطيها الفرصة، وارتمت بين احضان والدتها، والشهقات النابعة منها تكاد تُعيق تنفسها حقًا، ضربات نعم، ضربات تدوي في قلب والدتها؛ فأي أم لم ولن تتحمل حالة ابتنها تلك ... اشتدت على احضانها، ويدها قد اخذت مجراها تُربت على ظهر الفتاة بحنو، وعلى خديها يقبع الكثير من الدموع حزنًا، وآلمًا على ما توصلوا اليه ... اخذت تهدئ من روعها، قائلة بقلبٍ مُنفطر : يا بنتِ اهدي ... كدَ غلط عليكِ، ومن ثم اكملت بصوت متحشرج باكي : اهدي يا حبيبتي ومتوجعيش قلبي عليكِ اكتر ما هو موجوع
ابتعدت قليلًا عن حضن والدتها، وقالت بدموع، وصوت جاهدت بأن تخرجه : اهدى ازاي يا ماما، أهدى ازاي وهو جايلي الصبح يقولي نفتح صفحة جديدة، ومن ثم اكملت بصراخ غير عابئة لوالدها النائم وقلبها يطرق به طلقات تحطمها حقًا : اهدى ازاي وانا شيفاه بليل في  وضع **** اهدى ازاي بعد ما وعدني يتغير؛ لتسقت دموعها بازدياد وهي تحول يدها لقلبها وتقول بصوت مكتوم نوعًا ما، وهي ترتمي بين احضانها مرة أخرى : أنا قلبي موجوع يا أمي، كل وعوده كدابة، وجعني اوي يا أمي
اغمضت عيونها بشدة ضاغطة عليها، متمنية بأن يكون ذلك كبوس وابنتها سعيدة في الحقيقة، وليست تلك هي حالتها، واردفت ضاغطة على نفسها بأن يخرج صوتها غير مُتحشرج، ويدها المرتعشة؛ أثر بكائها قد اخذت مجراها تُربت على ظهر الفتاة :  خير يا حبيبة ماما؛ لتطلق تنهيدة مُتعبة محاولة اخراج ألمها المُحتل لقلبها والمُتسلل لجسدها كالسُم : خير والله
ابتعدت مرة أخرى عن حضن والدتها بكسرة ممزوجة بوجع يفتك بقلبها البرئ والذي لم يخطئ سوى بأنه حبه فقط، قائلةً بنحيب طير قد كُسر جناحه : طب هو خاني ليه، هاا انا تعبت والله العظيم تعبت، طب ليه انا عملت ايه يخليه يخوني؛ ليزداد نحيبها وبُكاءها الممزق للقلوب، وهي تقول: انا كنت عارفة انه بيخوني، بس والله هو جه وقالي اننا نفتح صفحة جديدة ... لتصرخ قائلة بتعب بادي عليها :  طب ليه يقولي نفتح صفحة جديدة بدال هو لسه بيحبها، ليه انا وجعي في الأول عمره ما يبقى زي وجعي لما اشوفه في وضع زي دَ يا أمي
لتنهار متكورة على نفسها، كالقرفصاء عند تذكرها للصور؛ لتقترب منها والدتها تاليه عليها آيات الله بقلب يزرف الدموع آلمًا من أجل ابنتها ... لتهدئ الأخرى وتسكن بين يديها وتذهب في ثبات عميق؛ كعمق جراح قلبها خلال بضع دقائق، تنهدت بتعب واخذت تدعوا لها بما يريح قلبها، ومن ثم تحاملت على نفسها، وقامت عن جلستها، واقتربت مُغلقة ضوء الغرفة الهادئ، وترجلت من الغرفة بخطوات متثاقلة ودموعها تناسب على مُنحنيات وجهها الملئ بالتجاعيد، وسارت إلى غرفتها؛ لتنصدم عندما تجد زوجها يقبع على الفراش، ويضع يده على رأسه بخزي، وهموم الدُنيا تجتمع داخل عينيه؛ لتنظر له بوجع وتقترب منه، وتجلس بحوزته  مُحولة يدها على كتفه تُربت عليه بحنان بالغ، وهي تقول بنبرة حاولت أن تكون خالية من الوجع : هي هتكون كويسة والله يا جمال
حول نظره لها، وقال مُعتدلًا في جلسته ونبرته تحمل كل معاني الخِزلان من اختياره لابنته : كويسة ازاي يا عواطف، ومن ثم اخذ وضعه الاول، واضعًا يده على رأسه بخزي، قائلًا بحزن دميم : حالتها وحشة اوي ... قلبي كان بيتقطع عليها لدرجة مقدرتش ادخل واشوفها في الحالة دِ
اطلقت تنهيدة متغوصةً في التفكير في ما هم عليه الآن، وقالت بتهدئة له : يا جمال أنتَ لازم تبقى وأقوى من كدَ، هي محتاجة تشوفنا واقفين جنبها علشان تتخطى مرحلة صعبة زي دِ
حول يده ماسحًا على وجهه، واردف مُطلقًا تنهيدة قوية حاول اخراج بها كل ما يحمله من سلبيات : اه يا عواطف مكنتش اعرف اني بسلمها لحد هيوجعها كدَ ... والله لو اعرف ما كنت جوزتهاله من الأول
وضعت يدها على يده مربته عليها؛ محاولة بث الطمأنينة إلى قلبه، وتذكيره بأنها مازالت بجانبه، وقالت بنبرة هادئة نوعًا ما ولكنها حنونة حد السماء : كله هيبقى خير ... نام انتَ دلوقتِ وبكرة ربنا يحلها
أومأ لها دون أن يطلق كلمة؛ فهو ليس قادر على المُحايلة، واستدار موليها ظهره، ومن ثم فرد جسده على الفِراش؛ لتدثره جيدًا بالغطاء، وتوليه ظهرها، ولكن كلاهما لم ينم بل ظلوا يفكروا فيما سيحدث غدًا ...
فماذا سيحدث ؟
_______________________________________

ضياء الشمس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن