مشى وفد من الجنود تحت أشعة الظهر المشرقة ببزلتهم البراقة و جديتهم المستفزه ، و في ترقب و حذر ركزوا على التشكل بشكل دائرة حول حصان أبيض ناصع يمشي بكبرياء لا يتوافق مع من تمتطيه، فالفتاة الصغيرة ذات ال ١٣ ربيعاً جلست فوق الحصان بوجه لا يعبر عن شئ ،و لكنها حقيقتاً كانت غاضبة غضب شديد لا يلاحظه سوى من يراقب يدها و هي تشد اللجام فهي تكاد تقطعه من شدة استيائها. من يكونون هم ليقودها هكذا؟ لقد ولدت حره ، تركض في الغابات ، تلاحق الارانب و تضحك كما تشاء، و الان جاؤوا ليتحكموا بها هل تذكروا فجأة أن لهم فتاة تعيش بعيداً عنهم؟.نظرت بشرود شديد و هي تستعيد ذاكرتها للوراء.
"ماريا أنت تدركين تماماً أنك أميرة" قالت و الابتسامه تشق فمها
"أجل عمتي أعرف "ابتسمت ماريا روز ذات التسع أعوام ببرائة
تذكرت ماريا روز عمتها التي ربتها مع انه لم تربطهم علاقة دم و لكن ربطتهم عاطفة اخرى اقوى، كانت عمتها تلك ارملة غامضة تعيش في قلب الغابة تصنع الادوية من الاعشاب الطبيعية و تداوي المرضى، كانت تعمل في القصر و لكن حينما مات زوجها اعتكفت لوحدها في كوخها الصغير. ذات ليلة طرق بابها و كان الملك يقف امام الباب و معه جنديين وقفا خلفه بطولهم المرعب، و في يديه طفلة ذات ثلاث أعوام تنام بهدوء ، نظرت السيدة باربرا للملك بخوف كما كانت دائماً تحكي لماريا ،
و سألته:"صاحب الجلالة ماذا يحدث هنا؟، أقصد...أ..أنا "
نظر لها بتجهم و في عينية نظرة لا تبشر بخير:"سيدة باربرا اهدئي و استمعي إلي"
نظرت له و قد عادت اليها نظرتها المعتادة الباردة:" سيدي تفضل انت و رجالك"
دخل الملك و امر جنودة بالدخول و الوقوف بجانب الباب نظر للمنزل بإزدراء و لم يعجبه ابداً وجود الاعشاب و النباتات المعالجه هنا و هناك و جلس على المائدة"سيدة باربرا هذه الطفلة هنا انها ابنة اخي الراحل جورج(الملك السابق) ماريا روز ، لا اريد ان ارى وجهها في القصر فهي تذكرني بأبيها و كلما ذكرته شعرت بالغضب لانه طردني من القصر في الماضي، و لذلك اريدك ان تعتني بهذه الطفلة و تربيها لتكون اميرة مستقبلية ، و حين تبلغ ال ١٣ من عمرها سوف اعود لأخذها و لن تعترضي ، هل هذا مفهوم؟"
نظرت باربرا للملك بتفحص لم تستغرب قسوته هذه ان قلبه اسود و هي تدرك هذا جيداً،
و اجابت بكل برود:" و اذا رفضت؟"
نظر لها و نظرة مجنونه تعلو وجهه:" في هذه الحاله سوف...أقتلها"
نظرت له باربرا بخوف هي تعرف هذا الرجل جيداً و تعرف مدى سوداوية قلبه خصوصاً ناحية اخيه و لكن صدمت حينما عرفت انه قد يصل لهذا المستوى المتدني.
"سوف اعتني بها "
"اذاً هذا اتفاق"
"اجل اتفاق"
ربت باربرا ماري روز بشكل لائق علمتها كيف تتصرف كأميرة وفي نفس الوقت لم تحرمها حريتها او تقيدها .نظرت ماريا بتجهم للوفد الذي كان يقف في آخر الغابة بتوتر ، فالذكريات هاجمتها دفعة واحدة فهي تذكر جيداً كيف افترقت عن العمة باربرا ، مع انها كانت تعلم جيداً بمصيرها مع باربرا و لكنها لم تعلم بمصيرها الاخر الذي كان في انتظارها في آخر الغابة.لم يعجبها زي الجنود الاسود فدروعهم كانت سوداء تلمع بشكل مزعج مع ضوء الشمس . وصل الوفدان و من هنا تركها الوفد الاول و ترجل أحد الفرسان عن حصانه و ركع في هدوء قائلاً:"أيتها الأميرة من هنا سوف اكون انا من سوف يعتني بسلامتك ،اتمنى ان اكون عند حسن الظن".
"اشكرك "اجابته بهدوء
ها هي تسير الآن في الوفد الآخر اجل "اونلاند" لم تعد بلدها الآن ، يجب أن تعتاد كل شى هنا الجو الذي يعتبر بارداً بالمقارنة "اونلاند"، المناظر ،القصر الاثري، و حتى زي الجنود الاسود. لا يعجبها هذا و لكن يجب ان تضحي، الجميع يكرر على مسامعها هذا الكلام ، و كأن الكلام صعب . فها هي الآن تسير بهدوء على حصانها المتفاخر و النسيم الصيفي المنعش يلعب بخصلاتها.
أنت تقرأ
تضحية
Historical Fictionتضحيتها،تضحيته و تضحيتهم... لا يعجبها هذا و لكن يجب ان تضحي، الجميع يكرر على مسامعها هذا الكلام ، و كأن الكلام صعب ...ولكنه يضحي من اجل والده و ليس من اجل المملكه... هل هي حقاً تضحية؟