الفصل التاسع ♡
-"مُقيَّد بسلاسل عِشقك".اتسعت أعيُّن "نجمة" بعدما أنهى "بلال" حديثه، وانفرجت شفتاها انفراجة لا تُلحظ، ذهولًا من طلبهِ، فهي لم تتوقع أبدًا تلك الخطوة الجريئة منه!
فتلون وجهها خجلًا طبيعيًا كأي فتاة، وتلجلجت في الحديث من دهشتها:
-«بلال.. أنا حقيقي مش عارفة أقولك ايه!».
زفر ينفض عنه التوتر، ورد بجدية:
-«قولي الحقيقة يا نجمة.. انتِ كنتِ رفضاني أنا لشخصي، ولا انتِ مش حابة فكرة الارتباط دلوقتي سواء بشكل رسمي أو لأ؟».
أخفضت نظراتها في حيرة من أمرها بعدما حاصرها بسؤاله الذي لم تُفكر به بشكلٍ جديّ من قبل، فاستغرقت في تفكيرها تحاول استخلاص ردًا لتُجيبه به؛ ولكن الوقت والمكان لم يسمحا له، فردت بإيجازٍ تُنهي الحوار مؤقتًا:
-«سيبني أفكر وهرد عليك.. وبعد إذنك متضغطش عليا أبدًا».
احترم رغبتها في بعض المساحة الشخصية، فنهض واقفًا وأعطاها ورقة مدون بها رقمه، قائلًا بحبٍ:
-«خدي وقتك يا نجمة.. ووقت ما تقرري هتلاقيني مستنيكِ».
أهدته بسمة مُرتبكة وسحبت منه الورقة في خفرٍ، لتراقب بعدها ظهره الذي أولاه لها خارجًا من القاعة بأكملها، ولكن قبل أن يختفي عن أنظارها وقف مُلتفتًا، يبعث لها بسمة مطمئنة مُتفهمة أراحتها قليلًا.. وبعد أن غادر قبضت على الورقة ببعضٍ من القوة لتخفف من خجلها بخصوص هذا الأمر، وعندما لاحظت مرور مدة طويلة وهي ما زالت تجلس في مكانها، حتى نهضت سريعًا تغادر القاعة والجامعة بأكملها.*************************
كانت "شجن" في السوق تشتري مستلزمات المنزل، عندما أوقفها "رجب" في منتصف الشارع يحجب عنها الطريق، فشتمت بهمسٍ لم يصل لمسامعه، وحاولت أن تتخطاه وتسير من جانبه ولكنه عاد وقطع عنها الطريق للمرة الثانية.. والثالثة، فوقفت تصبح به بعصبية نارية كطبعها:
-«خير يا عم رجب؟ ما تعديني خليني أشوف طريقي، ولا هنفضل نلعب النهار بطوله؟».
اقترب بجسده منها قائلًا بعبث أثار التقزز بداخلها:
-«ياريت، دا يوم المنى يا ست البنات».
-«اللهم طوِّلك يا روح!».
هتفت بصبرٍ نافذ، وهي تقلب عيناها في مقلتيها بمللٍ، فتحدث هو بولهٍ:
-«مش هتقوليلي حمداللّٰه على السلامة؟».
سخرت وهي ترمقه باستهزاءٍ واضح:
-«ليه يا اخويا، هو انت كنت مسافر الحجاز وانا معرفش؟».
قهقه بخفة على شراستها التي تزيدها غلاوة في قلبه، ورد بمكرٍ ثعلبي راغبًا في زعزعة حبها القوي لـ "عمرو":
-«لأ، كنت في المصحة.. بتعالج عشان أليق بمقامك يا شجن».
زالت السخرية من ملامحها التي بهتت بشكلٍ مُبالغ، بعد أن تملَّكت الحسرة من قلبها، والقهر من سخرية القدر الذي يلعب معها أقسى لعبة، فهي كانت ترفضه دومًا بتعنُّت بسبب سمعته السيئة، وكانت لا تتوانى في إنصاف "عمرو" عليه في كل فرصة تسنح لها.
شعرت بصدرها المجروح ينزف بعد أن تلقى عدة طعنات من خنجر الخذلان مِن قبل "عمرو" الذي لم يحاول مجرد محاولة حتى من أجلها.. وكأنها نكرة بلا قيمة لديه!
أجفلت على صوت "رجب"وهو يسألها بإلحاحٍ:
-«مش ناوية بقى تحني عليا يا شجن؟».
تخصرت تسأله بنبرة لاذعة ومزاجٍ متعكر:
-«هو مش عيب عليك يا رجب تحاول مع واحدة قلبها مشغول براجل تاني!؟».
استوطن الغل عيونه السوداء وتساءل ساخرًا:
-«ويا ترى بقى الراجل التاني دا دكتور عمرو.. ولا حتة العيل الشمام اللي مبيقدرش يصلب طوله!؟».
حلت غيمة سوداء على عينيها، تصب عليها أمطارها الحارقة، وخرجت حروفها قاسية مؤججة بالعند:
-«ملكش فيه.. برضو هيفضل في عيني أحسن راجل في الدنيا، ولو فاكر إني ممكن أسيبه عشانك تبقى أهبل يا رجب.. إنت لو وقفت على رموش عينيك كدا برضو مش هبقى معاك!».
أنهت حديثها بابتسامة شيطانية شامتة، بعدما رأت تأثير حديثها على ملامح وجهه التي انكمشت بغضبٍ حقود وعيناه تفقدان لمعة الانتصار التي كانا يتوهجان بها منذ ثوانٍ، فأعطته ضحكة مستهزئة أخيرة، وتجاوزته تُكمل طريقها الذي أوقفها عنه قبل دقائق، راغِبًا في حشر نفسه به عن طريق القوة، ولكنها كانت تتسلح بقوة أكبر من خاصته، وجابهت هجومه بضراوة جعلته يتراجع متقهقرًا، خاسرًا معركته الدنيئة أمامها، متلويًا بين نار الحقد والغل، باكيًا على فشله الذريع في مخططه القذر.
أنت تقرأ
مُقيَّد بسلاسل عِشقك | ملك هشام شاهين
Romanceأنتِ نجمتي الوحيدة في سمائي المُلبدة بالغيوم؛ أنتِ بالنسبة لي كثمرة آدم المُحرمة.. فها أنتِ معي وبين يداي ولكنكِ بعيدة كل البُعدِ عني! نار يناشدها قلبي المُتهالِك بألم عشقك، فلا أنا معك وكذلك لا أستطيع إخراجك من قلبي المُتيم بكِ، لأظل كما أنا.. مُـ...