الفصل الثامن عشر

1.5K 70 55
                                    

الفصل الثامن عشر ♡
-"مُقيَّد بسلاسِـل عشقك".

"شـــجـــن أيـــمـــن الـــعـــطـــار".

الاسمان الأخيران كانا كفيلان بتجمُّد جسده ونظراته عليهما في دهشة احتلت مركز عيناه.. اشتدّت أصابعه على الورقة التي يمسكها وتهدجت أنفاسه باضطرابٍ.. وقد وقع في مأزق لا يُحسد عليه.. ولكن من حسن حظه أنه يتميز بحُسن تصرفه بكلِّ المواقف حتى الصعبة منها، وأنه يستطيع لملمة رباطة جأشه بسرعة بديهة..
فسيطر على أعصابه، وابتلع ريقه بصعوبة، وكأنه يحاول أن يتخلص من طعم لاذع في فمه، ثم رسم ابتسامة مصطنعة على شفتيه، وهو يستجوبها بغرض التأكُّد قبل أن يرسم أي افتراضيات:
-«إنتِ اسم مامتك إيه يا شجن؟».
قوست "شجن" حاجبيها باستغرابٍ طفيف حاولت مداراته، ولكن التقطه مَن يراقبها بأعيُن حادة البصيرة كالصقر، ويعلم أنه لشعور طبيعي أن يراودها فهو سؤال خرج من اللا مكان.. بينما ردت الأخرى بما قطع الشك باليقين:
-«نعمة متولي».
عض جانب فمه من الداخل من فرط الصدمة التي أصابته دون سابق إنذار.. لقد أخبره "حمزة" من قبل أنه من المحتمل أن يكون لديه أخ أو أخت بمكانٍ ما في العالم.. فوالدته كانت حاملًا عندما ألقاه والده بالملجأ، ولكنه لم يرغب في معرفة أي شيء عن أهله لكرهه لهما.. وأراد أن يتخلى عن الماضي الذي يتضمنهما به كما تخليا هما عنه..
ولكن ما صدمه حقًّا أن يجدها هو من دون الناس جميعًا..!
دلك جبينه بإصبعيه، وهو يتابع استجوابها، وقد رأت هي أن أسئلته خرجت عن سياق العمل قليلًا، ولكنها ظلت تجيب استفساراته على مضض:
-«إنتِ عندك اخوات يا شجن؟».
نكست رأسها للأسفل قليلًا ولم تعرف ما الذي عليها قوله.. نعم هي لديها أخ.. لقد أخبرتها عنه والدتها.. "حمزة".. الذي انتزعه والدها من أحضانها بمنتهى القسوة.. وألقاه بملجأ ما ومن وقتها لا تعرف عنه شيئًا..
افترضت أن سؤاله غرضه منه إن كان لديها أخ لديه وجود فعلي في حياتها، فنفت:
-«لأ، معنديش!».
اخترقت إجابتها قلبه وأصابته حزنًا على صديق عمره.. تنهد حانقًا، ثم حاول أن يتحلى بالمهنية قليلًا وهو يسألها سؤال طبيعيًا في ظاهرهِ، خبيثًا في باطنه، يريد أن يعرف منه وضع هذا الرجل في حياتهما:
-«وباباكِ بيشتغل ولا آآ..».
وأدت سؤاله في مهدهِ، وهي تقاطعه بجمودٍ:
-«أنا أبويا ميت!».
ظل يحدِّق بها لثوانٍ بنظراتٍ كانت غامضة بالنسبة لها، بينما كان هو يحاول أن يستوعب تلك الصدمات التي أمطرت على سماؤه دون ميعادٍ سابق، ولكن إجابتها تمثلت له في الراحة، أن العالم قد تخلَّص من شخصٍ كـ "أيمن".. وقد أشفى هذا الخبر غليله نيابةً عن رفيقه.. فابتسم في وجهها وقد قرر بالفعل إعطاءها وظيفة مُحترمة تليق بشقيقة "حمزة" لسببين.. أولهما لإبقائها قريبة منه وتحت عينيه، ليتابع أخبارها ويبقِ عليها إن تخلّى "حمزة" عن عندهِ وأراد رؤيتها.. والثاني أن "عمر" أخبره مواجهتها للصعاب في حياتها، وأنها قد نالت ما يكفي من نصيبها من اسمها..

مُقيَّد بسلاسل عِشقك | ملك هشام شاهينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن