الفصل التاسع عشر ♡

1.3K 65 29
                                    

الفصل التاسع عشر ♡
-"مُقيَّد بسلاسِل عشقك".

طريقٌ طويلٌ مليء بالصمت المُحرج.. والفؤاد المُحطَّم.. والكرامة المجروحة النازفة..
عادا "مالك" و"يارا" من رحلتهما التي كانت أقصر من مدة السفر.. وطوال الطريق انكمشت "يارا" على نفسها في خجلٍ بالأريكة الخلفية.. بعد اعترافها الكارثي الذي قابله مُتلقيه بصمتٍ.. تتجرع مرارة الرفض اللاذعة.. تُعاني من إنكسار قلبٍ عفويّ كل ذنبه أنه فاض بمكنونهِ..

وعندما وصلا للمنزل أخيرًا.. ركضت "يارا" لغرفتها.. تنزوي على نفسها الضعيفة.. تؤنبها على فعلتها الحمقاء.. التي ألقت كبريائها الأنثوي في مهب الرياح العاصفة.. وهو الذي كالريشة الخفيفة التي لا تتحمل نسمة هواء عنيفة..

*************************

ظلت "حورية" جالسة بجانب "شجن" الفاقدة للوعي.. ولم تحاول حتى أن تُفيقها.. فهي مُرتعبة من إنهيارها المُحتم والآتي بلا مُحالة.. هي لا تفعل شيئًا سوى أنها تؤجله فقط.. ولكنها خائفة على قلبها المسكين مما سَيُلاقيه بعد فقدانه لحبيبهِ.. فرَغم أنها انفصلت عنه قبل وفاته.. ألا أنها لا زالت غارقة في عشقه حتى النخاع.. فالفراق لا يجعل الحب يتلاشى.. والبعيد عن العين ليس ببعيدٍ عن القلب كما يقولون.. تلك خُدعة اخترعوها ذوات القلوب المحطمة ليتخطوا محنتهم.. فالقلب لا يمحي ذكرى أحبابه بسهولة.. ولا يتخلى عن خيوط الغرام الغليظة عند أول عثرة.. مهما كانت العلاقة صعبة.. مهما وصلت حماقة الحبيب.. مهما تمادت أخطاؤه.. لا سيطرة على القلب وتمرُّده!

دلفت غرفتها والدتها الساهرة بقلقٍ، وسألتها بصوتٍ خافت:
-«برضو مش عايزة تفوقيها يا حورية!؟».
حكِّت "حورية" عنقها بوجلٍ، وردت كاذبة:
-«عادي يا ماما، أنا سيباها ترتاح بس!».
-«ما تقوليلي يا بنتي فيها إيه طيب بدل ما أنا قلبي متوغوش كده!».
توترت ابنتها من سؤالها الذي تُلِّح عليها به منذ أن رأت "عمر" يحملها ويضعها في منزلهم دون تبريرٍ منطقيّ يُريح قلبها ذو العاطفة الأمومية.. لتبرر بإنفعالٍ مكتوم:
-«ما قولتلك يا ماما هي بس كانت مضغوطة جدًا الفترة اللي فاتت، وده حصلها من الإرهاق عادي! أنا بس مرضتش أخليها تروَّح بيتها عشان طنط نعمة متقلقش عليها فقولتلها إن هي هتبات عندي عادي!».
ضربت "دلال" باطن كفها بظهرِ كفها الآخر، قائلة بدهاءٍ:
-«وأنا منيش مختومة على قفايا يا حورية عشان أصدق كدبتك كده، اللي ربّى خير من اللي اشترى يا بنت بطني وأنا خبزاكِ وعجناكِ وبعرف لما بتخبي حاجة عليا».
ردت "حورية" بإقتضابٍ تنهي حديثهما المستفِّز لحاسة التوتر عندها:
-«طب حتى لو بخبي يا ماما، فأنا مش بخبي في حاجة تخصني أنا.. هي حاجة تخص شجن وأنا معرفش إذا كانت هي حابة تقول لحد عليها أو لأ.. بس أيًا كان قرارها فالموضوع ميخصنيش، هي حرة!».
-«ردي عليا، ردي عليا حلو يا حورية، ما هو ده اللي بيعلمهولكم في المدارس الأفرنجي!».
هتفت والدتها بحسرة، فتنهدت بضيقٍ من نفسها وأقرت بذنبها، عندما تأسفت بتهذيبٍ:
-«أنا آسفة يا ماما، أنا بس قلقانة وخايفة عليها، أدخلي إنتِ استريحي ونامي، وأنا هطمِّنك عليها لما تصحي إن شاء ﷲ».
مصمصت "دلال" شفتاها بعدم رضى ولم تُعقِّب، ثم دلفت لتستريح بغرفتها جوار زوجها، فاليوم كان طويلًا ومُتعِبًا بالنسبة لها..

مُقيَّد بسلاسل عِشقك | ملك هشام شاهينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن