١٥. دعيّ

14 3 0
                                    


نظرت جياندا لفرقةٍ كبيرةٍ من الرجال وقفت باستعداد عند حدود القرية الغربية صباح ذلك اليوم المشهود، والذي استقر عليه الزعماء قبل رحيلهم عن أرْونـان كيـوم الانطلاق نحن لازيلار.. ودون أن تتمالك جياندا توترها البالغ التفتت لفهّار قائلةً باعتراض "ألن تذهب معنا؟.. ربما لا يطيعني الرجال لو تأزمت الأمور.."

قال فهّار "لا يمكنني أن أترك القرية بعد الهجوم الماضي، فلا ندري متى يهجم علينا الجنود أو مرتزقة أرض الصرد.. لقد شدّدت على الرجال أن يتبعوكِ ويأتمروا بأمرك وأخذت عليهم عهداً بذلك.. لن يعودوا إلا بأمرٍ من غارب، وقد جعلته رئيساً عليهم فهو أعلم منهم بلازيلار والقصر.."

صمتت جياندا بوجوم وهي تنظر لغارب الذي يعدّ الحصان الخاص بها.. لقد أمضت جياندا الأيام الماضية في منزل فهّار، برعاية أمه وعددٍ من قريباته، مشدّداً عليها ألا تغادر المنزل وحيدةً خشية انتقامٍ غير متعقل لبعض القرويين منها.. لكنها في الليلة الماضية توسلت غارب أن يأخذها لرؤية أمه.. ودت لو تشكرها لما فعلته معها في المرة الماضية.. ودت لو تعتذر لها لما جرى لابنها الصغير بسببها.. لكنها لم تكد تفتح فمها بحرفٍ أمامها ورد فعل الأم العنيف لرؤيتها قد ألجمها.. اتهمتها بأنها تريد سلب ابنها غارب منها بعد أن قتلت أخاه، وهذا ما أحزنها سماعه رغم محاولات غارب تهوين الأمر عليها..

غادرت منزله بعدها دون أن تنفذ ما جاءت له، ودون أن تتمكن من إقناع غارب بالتخلف في القرية..

علق فهّار لما ظن أنه سبب وجومها "ألا تثقين بقدرة غارب على تنفيذ هذه المهمة؟.."

هزت جياندا رأسها مجيبة "بالعكس، أثق به تماماً.. لكني أخشى مما قد يحدث له، خاصةً بعد ما جرى لشقيقه الراحل.."

فقال فهّار "حياتنا على المحك في أغلب الأوقات، وبقاؤه لا يعني نجاته من الخطر.."

وأضاف سائراً معها نحو الحصان المعيّن لها "لا تقلقي.. هناك عددٌ أكبر من المقاتلين ستمنحنا إياه القبائل الأخرى.. ولقد أرسلت من يبلغ الرجال العاملين في لازيلار والقصر للاستعداد لوصولك.."

فوجئ تلك اللحظة بشيءٍ يرتطم بصدر جياندا بقوةٍ أفقدتها توازنها وأسقطتها خلفاً.. إذ انطلق سهمٌ من سطح أحد المنازل القريبة وأصاب هدفه بدقة.. صاح فهّار بأحد رجاله وهو يقف أمامها يحول بينها وبين مصدر الهجوم بجسده "ابحث عن مصدر هذا السهم واقبض على صاحبه.."

انطلق رجلٌ لتنفيذ أمره، بينما انحنى فهّار على جياندا قائلاً "أأنتِ بخير؟.."

حمل السهم الذي سقط جانباً، بينما اعتدلت جياندا جالسةً وقالت "بخير.. لحسن الحظ أن السهم لم يكن بالقوة التي تخترق هذا الدرع.."

كان السهم قد اخترق ثوبها في موضع قلبها بدقة، لكن الدرع الخفيف الذي ترتديه مخفيّاً تحت ملابسها قد ردع تلك المحاولة لقتلها.. عاونها على الوقوف، فنفضت ثيابها قائلة "لا يبدو أن حذرك كان مبالغاً به.. قبل خروجي تشككت في أهمية هذا الدرع الذي أجبرتني على ارتدائه، وقدرتي على تحمله.."

قبائل الوهم ٢حيث تعيش القصص. اكتشف الآن